اتهامات لفيلق القدس الإيراني بالوقوف وراء هجمات إلكترونية ضد مصارف وشركات أميركية

ردا على العقوبات التي استهدفت المؤسسات المالية الإيرانية

TT

شنت إيران سلسلة من الهجمات الإلكترونية المعطلة ضد عدد من المصارف والشركات الأميركية الكبرى، في حركة انتقامية واضحة ردا على ما تفرضه الدول الغربية عليها من عقوبات اقتصادية بغية عرقلة تقدمها في برنامجها النووي، بحسب مسؤولين أميركيين في الاستخبارات وفي دوائر أخرى.

واستهدفت الهجمات، التي شهدها الأسبوع الحالي، المواقع الإلكترونية لمصرف «جي بي مورغان تشيز» و«بنك أوف أميركا»، ونفذتها إيران، على حد قول جوزيف ليبرمان، رئيس لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية، يوم الجمعة. وأضاف ليبرمان في مقابلة مسجلة لبرنامج «نيوز ميكرز» الذي يعرض على قناة «سي سبان»: «لا أعتقد أنهم مجرد قراصنة على الإنترنت يتمتعون بمهارة تمكّنهم من عرقلة المواقع الإلكترونية. أعتقد أن إيران وفيلق القدس، الذي يمتلك قدرة متطورة على القيام بهجمات إلكترونية، وراء ذلك». وفيلق القدس هو وحدة خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني، وهو جزء من الجيش الإيراني. وقال ليبرمان إنه يعتقد أن تلك المحاولات جاءت ردا على تشديد الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين العقوبات على المؤسسات المالية الإيرانية.

ويشك مسؤولون أميركيون في ضلوع إيران في هجمات إلكترونية سابقة على مؤسسات أميركية وأوروبية هنا وفي الشرق الأوسط، يعود بعضها إلى شهر ديسمبر (كانون الأول). وذكر موقع «واشنطن فري بيكون» الإلكتروني التابع لتيار المحافظين، قول الذراع الاستخباراتية لهيئة الأركان المشتركة، في تحليل بتاريخ 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، إن الهجمات الإلكترونية التي تستهدف المؤسسات المالية جزء من حرب سرية إيرانية أكبر.

وعلى عكس الهجمات الإلكترونية التي عطلت منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية عن العمل والتي تنسب إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، يرى الخبراء أن الهجمات التي تشنها إيران تستهدف تعطيل المواقع الإلكترونية التجارية. وتعرضت معاملات مصرفي «بنك أوف أميركا» و«مورغان تشيز»، إلى أعطال خلال الأسبوع الحالي.

وفي حادث سابق لم يتم الكشف عنه، حاولت القوات الإيرانية الإلكترونية تعطيل المواقع الإلكترونية لشركات نفط في الشرق الأوسط في شهر أغسطس (آب) الماضي، عبر توجيه محاولاتها نحو شركات اتصالات كبرى من بينها «إيه تي آند تي» و«ليفيل ثري»، بحسب مسؤولين في الاستخبارات الأميركية وفي هذا المجال رفضوا ذكر أسمائهم لعدم حصولهم على إذن بالتحدث إلى الصحافة. ولم تنجح هذه المحاولات في إحداث أي أعطال جسيمة، لكنها كانت أكبر هجوم يستهدف زيادة الضغط على موقع شركة «إيه تي آند تي» مما يؤدي إلى تعطله على حد قول مسؤول في هذا المجال.

وهدف مثل هذه الهجمات هو زيادة الحمل على الموقع الإلكتروني ومنع الدخول على مزود الخدمة أو الموقع. ويتنامى قلق أجهزة الاستخبارات الأميركية من تحسن قدرة إيران على تنفيذ مثل هذه الهجمات. وقال جيمس كلابر، رئيس الاستخبارات الوطنية الأميركية، في إفادته أمام الكونغرس خلال شهر فبراير (شباط) الماضي «ازداد عمق وتعقيد عمليات إيران الاستخباراتية ضد الولايات المتحدة، ومن ضمنها العمليات الإلكترونية، بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية».وأعلنت إيران العام الماضي عن خطط لإنشاء غرفة قيادة إلكترونية للتصدي لما تتعرض له الشبكات الإيرانية من هجمات إلكترونية. كذلك ذكر باحثون خلال الأسبوع الحالي أن طهران تحاول إنشاء شبكة إنترنت خاصة بها حتى تمنع أي هجوم خارجي على شبكات الكومبيوتر الخاصة بالجيش والحكومة.

وتعرض نحو ألف جهاز طرد مركزي عام 2010 في مفاعل «ناتانز» النووي للضرر نتيجة دودة كومبيوتر باسم «ستوكس نت» تعاونت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في تصميمها. وقال الكثير من الخبراء إن إطلاق «ستوكس نت»، الذي يعد أول هجوم إلكتروني يسبب أضرارا مادية، فتح صندوق «بندورة».

وقال غريغوري راتري، الرئيس التنفيذي لشركة «دلتا ريسك» التي تعمل في أمن الإنترنت، في مؤتمر مؤخرا «إذا كان بيتك من زجاج، فلا ينبغي أن تبدأ بقذف البيوت الأخرى بالحجارة. ستعود إلينا هذه الحجارة حتما». وخلال المحاولة التي تمت في أغسطس الماضي، هاجمت إيران مزودات خدمة شركة «إيه تي آند تي» ليومين، وتوقف الهجوم ليومين، ثم تم استئنافه ليومين آخرين على حد قول مسؤول في هذا المجال. وكان بمقدور الشركة إعادة ترتيب وضع مزودات الخدمة من أجل الحيلولة دون عجز شركات النفط، التي تستخدم الخدمة، عن دخول الموقع الإلكتروني. ومع ذلك، حذّر مسؤولون في المجال من احتمال أن يكون الهجوم التالي أشد خطورة. وقال مسؤولون في هذا المجال إن شركات النفط المتضررة كانت في المملكة العربية السعودية وبلدان أخرى في الشرق الأوسط تشارك في الحظر المفروض على النفط الإيراني. وتعطلت بعض المواقع الإلكترونية مؤقتا، لكن التأثير لم يكن كبيرا، على حد قول المسؤول. وذكر كل من المسؤول في هذا المجال ومسؤول الاستخبارات أن من الأهداف الإيرانية شركة «أرامكو» السعودية للنفط.

وفي حادثة وقعت مؤخرا، كانت المواقع الإلكترونية للشركة هي ضحية هجوم إيراني. وفي واقعة أكثر خطورة، مسح فيروس، يُشتبه في أن إيران هي التي استخدمته، محتويات محرك الأقراص الصلبة في عدد كبير من أجهزة الكومبيوتر، مما أدى إلى تعطل جزء من نظام الشركة لمدة أسبوعين على حد قول مسؤول الاستخبارات.

ووصف ليبرمان الهجمات على المؤسسات المالية بقوله إنها كانت «مثالا واضحا على ضعفنا. إنها بمثابة رسالة تحذيرية مفادها أننا إذا تصدينا لمحاولاتهم في تصنيع سلاح نووي، فبمقدورهم الرد علينا. ولا بد ألا نخاف؛ فبمجرد شعور الولايات المتحدة بالخوف من ردود الفعل هذه في حال قيامها بهجوم من أجل حماية أمننا، سنصبح أضعف وأقل حرية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»