ردود متباينة في تركيا بعد أحكام السجن على ضباط في الجيش

المقربون من الحكومة يشيدون والمعارضة تحذر من التأثيرات السلبية على إهانة الجيش

تأثر باد على أقارب الضباط خارج المحكمة بعد صدور الأحكام في إسطنبول مساء أول من أمس (أ.ب.أ)
TT

تباينت ردود الفعل في تركيا بعد أحكام السجن القاسية التي صدرت مساء أول من أمس بحق أكثر من 300 ضابط بتهمة التآمر للإطاحة بالحكومة. وتلخصت هذه الردود بين إشادات من قبل معلقين مقربين من حكومة حزب العدالة والتنمية بالخطوة غير المسبوقة، وتحذيرات المعارضة من التأثيرات السلبية على إهانة المؤسسة العسكرية.

وكانت الأحكام الصادرة في قضية «باليوز» (مطرقة الحداد) قد أسفرت مساء أول من أمس عن مفاجأة مذهلة في بلد ظل العسكريون يعينون فيه الحكومات المدنية ويسقطونها على مدى عقود طويلة. وفي هذه المحاكمة الأولى التي تستهدف الجيش، حكم قضاة المحكمة على 326 ضابطا بالإجمال بالسجن من اثنتي عشرة إلى عشرين سنة، بتهمة محاولة إطاحة حكومة رئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغان في 2003.

ومن الذين أنزلت بهم أقسى العقوبات، ضباط كبار أمثال الجنرال جيتين دوغان الذي أدين باعتباره العقل المدبر للمؤامرة، ورئيسا الأركان السابقان لسلاح الجو والبحرية ولائحة طويلة من الكولونيلات.

وأشاد معظم المعلقين لا سيما منهم المقربون من حزب العدالة والتنمية الحاكم بهذا الحكم غير المسبوق. وقالت نازلي إيليجاك الكاتبة في صحيفة «صباح» القريبة من حزب العدالة والتنمية، إن «هذا الحكم سينهي وصاية العسكريين. وسيعتبر تدبيرا رادعا للمدنيين والعسكريين على السواء». وأعلن رئيس تحرير صحيفة «راديكال» في أنقرة دنيز زيريك: «القضاء حاكم حتى أشد القادة نفوذا. هذا تطور إيجابي». وأضاف في تصريح نقلته وكالة الصحافة الفرنسية أمس: «لكن المتهمين أشاروا إلى أخطاء في الوقائع وأدلة خاطئة، فعلى القضاة الذين يشرفون على هذه المحاكمات العمل بدقة كبيرة».

وطوال المحاكمة، أنكر الضباط المتهمون كل وقائع المؤامرة المنسوبة لهم، مؤكدين أن خطة «مطرقة الحداد» إذا ما وجدت لم تكن سوى مناورة على غرار المناورات التي يعدها الجيش. لكن الحكم الذي أصدرته الغرفة العاشرة الجنائية في محكمة إسطنبول، تنبعث منه رائحة تصفية الحسابات السياسية، كما يرى كثيرون، حتى لو أنه كان إيذانا بنهاية الإفلات من العقاب لجيش وقف وراء أربعة انقلابات عسكرية خلال نصف قرن.

وعلى وقع تحقيقات قضائية كبيرة بتهمة التآمر، وعمليات إقالة لمسؤولين في الجيش والزج بهم في السجن، أعادت حكومة حزب العدالة والتنمية التي تتولى الحكم منذ 2002 في السنوات الأخيرة بصورة تدريجية تصويب عمل جيش جعل من نفسه خط الدفاع الأخير عن الإرث العلماني لتركيا الحديثة.

ولم يكن مفاجئا أن ينتقد خصوم حزب العدالة والتنمية الحكم «السياسي» الذي أصدره قضاء يأتمر بالسلطة السياسية. وانتقد نائب رئيس الحزب الجمهوري الشعبي، أبرز أحزاب المعارضة، بولنت تيزجان «حقبة جديدة من الانقلابات». وانتقد رئيس الحزب القومي دولت بهجلي حكما «غير مبرر وغير منصف» حتى إنه رأى فيه «إهانة» للجيش. كما قال حكمت سامي ترك الذي كان وزيرا للدفاع قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في 2002، «هذه محاولة للإساءة إلى القوات المسلحة التركية، والحكومة تضطلع بدور ما في هذا الشأن». وأضاف: «تنجم عن قرار مماثل تأثيرات سلبية على معنويات الجيش بينما تقترب الأزمة السورية من بلادنا وبينما نتصدى للانفصاليين الأكراد».

وأوجز منصور أكجون الأستاذ في جامعة كولتور بإسطنبول الأمر بقوله، إن «هذا الحكم تحول تاريخي، إذا ما وقعت فعلا جريمة تبرر هذه الإدانة». وأضاف: «إذا لم يتم الالتزام التام بالإجراءات القضائية ستنجم عن ذلك مشكلة بالتأكيد».

وقد حرصت السلطة التي أخذت علما بهذه الانتقادات على ألا تبدي علامات الابتهاج والترحيب. واعتبر نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج الملف «مهما»، لكنه ذكر بأنه ما زال في استطاعة المتهمين رفع دعوى إلى محكمة النقض.