إسلاميو مالي للرئيس تراوري: لا تفاوض إلا بعد تطبيق الشريعة

باماكو تخير محتلي الشمال بين الحوار والحرب ومجلس الأمن «قلق» للنشاط الإرهابي في المنطقة

TT

أعلن مسؤول محلي في مدينة غاو بشمال مالي الخاضع لسيطرة الإسلاميين، أمس عن موافقة الإسلاميين على التفاوض مع حكومة باماكو شرط أن «تطبق مالي الشريعة»، وذلك ردا على الدعوة إلى الحوار التي أطلقها الرئيس المالي الليلة قبل الماضية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أليوني توري قوله: «نوافق على مد اليد إلى تراوري بشرط واحد وهو أن تطبق مالي الشريعة. إنه الشرط الوحيد». وأضاف «إذا أراد الناس في الجنوب (مالي) التفاوض مع تطبيق الشريعة، فنحن موافقون. لكن إذا كانوا يريدون الحرب، فإننا أيضا موافقون. والله على كل شيء قدير».

وكان الرئيس المالي الانتقالي ديوكوندا تراوري قد عرض الليلة قبل الماضية «الحوار» و«التفاوض» على المجموعات الإسلامية التي تحتل شمال البلاد، داعيا في الوقت نفسه الماليين إلى «الوحدة المقدسة» حول جيشهم لشن الحرب إذا لم «يعد هناك خيار آخر». وقال تراوري الذي تولى السلطة قبل خمسة أشهر على أثر الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توري: «أدعو المجموعات المسلحة التي تنشط في شمال بلادنا إلى القبول بكل تصميم بالتزام طريق الحوار والتفاوض».

وفي رده على سؤال لمعرفة ما إذا كان استمع إلى خطاب الرئيس بالكامل مساء أول من أمس، أجاب أليوني توري «هو بالنسبة إلينا، ليس رئيسا. ينبغي أن يخضع أولا لشريعة الله». وخلص توري قائد الشرطة الإسلامية السابق في غاو والمكلف شؤون الأمن حاليا في الشطر الجنوبي للمدينة، إلى القول: «نحن مع الجهاد. لن يوقفنا شيء على طريق الجهاد. هذا ما أردت قوله. لم يعد لدي أي شيء أضيفه».

وتحدث الرئيس تراوري في خطابه الذي جاء عشية الذكرى الثانية والخمسين لاستقلال البلاد، مطولا عن «المأساة» التي تعيشها مالي وقال: «حتى وجودها بات مهددا» مع «13 دائرة في أيدي قوات معادية ما يشكل ثلثي أراضي» البلاد. وركز تراوري الذي كان رئيسا للجمعية الوطنية قبل أن يتم تنصيبه «رئيسا انتقاليا» في أبريل (نيسان)، كل خطابه على ضرورة «تحرير المناطق المحتلة عبر التفاوض أو بالقوة». ومن دون تمييز بين الحركات، قال: «أدعو المجموعات المسلحة الناشطة في شمال بلادنا إلى الموافقة على سلوك طريق الحوار والتفاوض في شكل صادق وبناء». وأكد أنه «يدرك أنه رئيس بلاد تعيش حالة حرب»، داعيا الأمة إلى «الاتحاد المقدس» خلف الجيش. وعبر عن أمله في إجراء انتخابات رئاسية مقبلة تتيح اختيار رئيس جديد خلال عام. وكان خطابه هذا مرتقبا لتوضيح موقف مالي التي طلبت رسميا في مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي دعم مجموعة دول غرب أفريقيا (الإيكواس) لمساعدتها على استعادة أراضيها في الشمال. لكن الرئيس لم يتطرق سوى باقتضاب شديد إلى طلب «الدعم» الرسمي الذي وجهه إلى مجموعة دول غرب أفريقيا لنشر قوة أفريقية. وقد أعرب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مساء أول من أمس عن قلقه البالغ إزاء «تزايد ترسخ العناصر الإرهابية» في شمال مالي داعيا كل الجماعات المتمردة إلى قطع العلاقات مع المتشددين الإسلاميين. وقال مجلس الأمن في بيان إنه يشعر بقلق بالغ «بشأن استمرار تدهور الوضع الأمني والإنساني في شمال مالي وتزايد ترسخ العناصر الإرهابية بما فيها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وجماعات تابعة له». ودعا المجلس «جميع الجماعات المتمردة في مالي إلى قطع كل العلاقات مع القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والجماعات التابعة له». كما عبر مجلس الأمن عن «القلق البالغ إزاء انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها جماعات متمردة ومتشددة في شمال مالي». وأعرب المجلس عن استعداده أمس للبحث في «اقتراح واقعي» لنشر قوة أفريقية في مالي. لكن المجلس الأمن طلب من مجموعة «الإيكواس» توضيح الأمور مع باماكو لتقديم خطة عسكرية قابلة للتطبيق تتضمن تفاصيل عن «أهداف ووسائل وكيفية» نشر قوة إقليمية كهذه في مالي.

إلا أن باماكو ومجموعة دول غرب أفريقيا لم تتفقا بعد على اقتراح واضح لتقديمه إلى الأمم المتحدة. وطلبت مجموعة دول غرب أفريقيا من باماكو إعادة النظر في صيغتها لأن اثنتين من النقاط الثلاث التي أشارت إليها باماكو تطرحان مشكلة ولا تتيحان إنجاز تدخل «فعال» كما قال مصدر دبلوماسي من غرب أفريقيا.

وتعتبر مجموعة «الإيكواس» أنه في حال إرسال قوة أفريقية إلى مالي يجب على باماكو أن «توافق على انتشار حد أدنى من العناصر في باماكو». لكن الرئيس تراوري أكد مجددا في خطابه الليلة قبل الماضية أن مالي تطالب لضمان «أمن المؤسسات الانتقالية (في باماكو) بمعدات ووسائل طلبها الجيش المالي» وترفض «انتشار قوات شرطة ووحدات مقاتلة للجيش من دون هدف» كما قال.