أوباما ورومني يتجاهلان أفغانستان في حملتهما الانتخابية

رغم انسحاب 33 ألف جندي أميركي من كابل

الرئيس باراك أوباما يودع وحدة سلاح الجو في القاعدة الجوية في ولاية ماريلاند في طريقه إلى ولاية ويسكونسن (أ.ب)
TT

رغم احتفالات في كابل حضرها وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا بمناسبة انسحاب 33 ألف جندي أميركي من أفغانستان، تجاهل الرئيس باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني الاحتفال، بل حتى الإشارة إلى أفغانستان، خلال حملتهما الانتخابية هذا الأسبوع.

غير أن الأسبوع شهد ضغوطا كبيرة على رومني بسبب تصريحاته عن أن نصف الأميركيين لا يعملون بالصورة المطلوبة أو يعتمدون على الحكومة أو لا يدفعون ضرائب. وبينما انشغل رومني بمعالجة نتائج تصريحاته، استغلها أوباما وصور رومني بأنه ثري جدا (ثروته أكثر من مائتي مليون دولار)، وبعيد عن واقع المواطن الأميركي العادي.

وفي احتفالات كابل، قال بانيتا، أول من أمس: «أهنئكم، نحن نسير على الطريق الصحيح». وقال إن الجنود الـ33 ألفا الذين كان أوباما أرسلهم إلى أفغانستان بعد أن صار رئيسا سنة 2009، «حققوا الهدف».

غير أن مجلة «ستاندرد ويكلي» المحافظة انتقدت تصريحات بانيتا، وقالت إنه لم يشر إلى قرار «هام» اتخذه حلف الناتو في أفغانستان، بقيادة الولايات المتحدة، بوقف العمليات العسكرية المشتركة مع القوات الأفغانية، وذلك بسبب زيادة قتل الجنود الأميركيين وحلفائهم بواسطة جنود أفغان يعملون معهم.

وقارنت المجلة بين القرار وبين ما حدث خلال التدخل الأميركي في حرب فيتنام قبل أكثر من أربعين سنة، عندما شن ثوار فيتنام هجوما كبيرا على القوات الأميركية تسبب في «إحباط هائل في الروح المعنوية للجنود الأميركيين، وهم يحاربون حربا يعرفون أنها ليس لها شعبية وسط مواطنيهم». وقالت المجلة إن وقف العمليات المشتركة «سيشل استراتيجية الناتو، إذا لم يمددها»، وذلك لأن ثمانين في المائة من العمليات العسكرية ضد طالبان هي عمليات مشتركة.

لكن لم يتطرق كل من رومني، ونائبه بول ريان، لهذا الموضوع، وركزا على معالجة نتائج تصريحات رومني التي أثارت معارضة حتى وسط قادة في الحزب الجمهوري.

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن كلا من رومني وأوباما سيحاولان تجاهل موضوع أفغانستان في أول مناظرة تلفزيونية بينهما، بعد أسبوع، وذلك لأن أوباما يمكن أن يفتخر بسحب القوات الإضافية التي كان أرسلها إلى أفغانستان، لكنه يريد تحاشي مناقشة إلغاء العمليات العسكرية المشتركة. وفي الجانب الآخر، يمكن أن يستغل رومني قرار الإلغاء وينتقد أوباما، لكنه كان قال إنه، مثل أوباما، يريد سحب القوات من أفغانستان خلال عامين. وأعرب بول ريكهوف، مؤسس جمعية قدماء المحاربين في العراق وأفغانستان، عن أسفه لأنه «ليس هناك اهتمام كبير بأفغانستان»، ولأن الاهتمام الحالي «سطحي» وأن «على المرشحين أن يذكروا الأميركيين بتكاليف الحرب» المالية والبشرية.

وكان رومني، في خطابه أمام مؤتمر الحزب الجمهوري في الشهر الماضي في تامبا (ولاية فلوريدا) لم يذكر أفغانستان إطلاقا. وكان أوباما، في خطابه أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي، بعد ذلك بأسبوع، في شارلوت (ولاية نورث كارولينا)، انتقد رومني لأنه لم يشر إلى أفغانستان، غير أن أوباما نفسه، بعد أن كان يتحدث عن «نيساساري وور» (الحرب الضرورية) في سنة 2008، خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأولى، صار الآن يتحدث عن إعادة الجنود إلى عائلاتهم، وعن فوائد ومعاشات قدماء المحاربين.

ويوم الجمعة، خلال تجمع أقامه في ولاية فيرجينيا، قال أوباما: «قبل أربع سنوات وعدت بوضع حد للحرب في العراق، وأوفيت بوعدي. وقلت إننا سنخفض الانتشار (القوات الأميركية) في أفغانستان، ونحن نعمل لتحقيق ذلك». وتحاشى الحديث في التفاصيل، ووعد بالتكفل باستحقاقات ومعاشات قدماء المحاربين.

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن حرب أفغانستان لا تثير سوى القليل من النقاش لأن أيا من المرشحين لا يرى فيها إمكانية تحقيق فائدة سياسية. ومع عودة 33 ألف جندي قبل الانتخابات الرئاسية، وتحديد موعد سحب آخر القوات بنهاية سنة 2014، وضع أوباما سياسته في انسجام مع شعور الأميركيين بالسأم من هذه الحرب.

ولا يترك هذا لرومني مجالا يقترح فيه طريقا آخر، كما أنه كان أيد الانسحاب المقرر له نهاية سنة 2014. وكان الاختلاف الوحيد بين رومني وأوباما هو انتقاد رومني لأوباما بأنه ما كان يجب أن يعلن موعد الانسحاب النهائي «حتى لا يعرف الأعداء أننا سنغادر بلدهم».

وقال مارك جاكوبسون، مراقب مدني سابق في حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، إن «القضايا الاستراتيجية قد سويت بشكل عام»، بعد رحيل القوات الأميركية الإضافية، وبعد موافقة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي على موعد سنة 2014. وكان واضحا أنه يعني نهاية الحرب هناك عندما تحدث عن «تسوية» المواضيع الاستراتيجية.

وقال ريكهوف، رئيس ومؤسس جمعية المحاربين القدامى في أفغانستان والعراق، إنه بعد أكثر من عشر سنوات من هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، يبدو أن الولايات المتحدة أصبحت بلدا لا يخوض حربا. لكن صارت مشاهدة المعطوبين من قدماء المحاربين أمرا اعتياديا، وأن غياب الخدمة العسكرية الإجبارية جعل التضحيات حكرا على العسكريين المحترفين، وخاصة الذين انضموا إلى القوات المسلحة من المهاجرين الجدد، بحثا عن وظائف، ولضمان حصولهم على الإقامة الدائمة والجنسية.

وقال ريكهوف عن الجنود الأميركيين في أفغانستان «إنهم يخوضون الحرب منذ أكثر من عشر سنوات، في حين أن أغلبية الأميركيين تشاهد برامج تلفزيونية مسلية مثل (أميركان أيدول/ معبود الجماهير الأميركي)، وفي ما عدا ذلك، يقضون الوقت في (شوبنغ/ التسوق)».