«حركة تحرير أزواد» تعلن استعدادها للتفاوض مع حكومة مالي

رفضت إشراك «القاعدة» في الحوار

TT

أعلنت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» في شمال مالي، استعدادها للتفاوض مع السلطة الانتقالية في البلاد «من أجل تحقيق مصلحة الشعبين الأزوادي والمالي». وأقام الانفصاليون دولة في الشمال منذ قرابة نصف العام، وفتحوا الباب للجماعات الإسلامية المسلحة لفرض سيطرتها على مناطق شاسعة، دفعت بقوى إقليمية وغربية إلى التفكير في تدخل عسكري.

وقالت «حركة أزواد» أمس على موقعها الإلكتروني، إن دعوتها إلى التفاوض والحوار «تهدف إلى وضع حد لمعاناة الشعبين، التي استمرت طويلا.. فهما شعبان يستحقان اليوم معرفة الحقيقة والعدالة والعيش بكرامة، واحتراما متبادلا لبناء مستقبل أفضل في سلام وصفاء تجمعهما الأخوة وحسن الجوار».

ويسكن في شمال مالي مئات الآلاف من الطوارق المسلمين، المتحدثين باللغة الغربية. وفي بقية مناطق البلاد، يسكن الزنوج الذين يتواصلون فيما بينهم باللهجات المحلية؛ قطاع منهم مسلمون والبقية مسيحيون.. أما اللغة الرسمية فهي الفرنسية.

وذكر بيان الانفصاليين أن حركتهم «تحمل التطلعات المشروعة للشعب الأزوادي، ولن تقبل بأي حال ما تقوم به حكومة مالي بخصوص التفاوض مع الجماعات الإرهابية التي تحركها أجندة خفية وغامضة، ولم يسبق أن عبرت عن أية مطالب حقيقية. وعليه، فإن هذه الجماعات ليس طرفا في النزاع القائم بين الأزواديين ودولة مالي». وأضاف بيان الانفصاليين أنهم يملكون «خارطة طريق لحل دائم ونهائي للصراع بين أزواد ومالي»، دون تقديم تفاصيل أخرى. ومعروف أن الانفصاليين يتهمون الحكومة بـ«تهيئة ملاذات آمنة» لتنظيم «القاعدة» في شمال البلاد.

وفهم من الإعلان عن التفاوض مع باماكو، أن الرئيس البوركينابي بليز كومباوري نجح في مسعى الوساطة الذي يقوم به منذ ثلاثة أشهر، بطلب من «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا». وتسعى هذه المجموعة التي تضم 13 دولة تقع في أفريقيا الغربية إلى إقناع المسلحين الأزواد بالانضمام إلى مواجهة عسكرية ضد «القاعدة وحلفائها» بشمال مالي، يجري التحضير لها بدعم من فرنسا. أما الجارة الكبيرة الجزائر فتتحفظ على حسم الموقف عسكريا.

وتسيطر «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، و«حركة التوحيد والجهاد» و«حركة أنصار الدين» اللتان خرجتا من عباءتها، على أجزاء واسعة من المناطق التي أقام عليها الانفصاليون الأزواد دولة في أبريل (نيسان) الماضي. وتزعم الجماعات الإسلامية المسلحة أنها تطبق الشريعة الإسلامية على سكان هذه المناطق.

وبخصوص احتمال قيام «إمارة إسلامية» بمالي في ظل الحلف الجاري حاليا بين جزء من الطوارق و«القاعدة»، قال بن عمر بن جانة، الباحث بـ«مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية» بالجزائر العاصمة، لـ«الشرق الأوسط»: «أستبعد إمكانية إقامة إمارة إسلامية في هذه الدولة، لأن دول الجوار والغرب يناهض هذه الفكرة تماما، ويبدي معارضة شديدة للأفكار الجهادية التكفيرية التي تميز نهج الجماعات الإسلامية التي تنشط بالمنطقة».

وحول ما إذا كانت التطورات الأمنية المتسارعة بالساحل الأفريقي، مؤشرا على تمدد «القاعدة» بالمنطقة، قال بن جانة: «الفضاء الجغرافي لمنطقة الساحل، خاصة في قسمه الشمالي، تطغى عليه الصحراء ذات الحدود المفتوحة وتميزه أنظمة إدارية وسياسية هشة، زيادة على وسائل السيطرة والمراقبة الأمنية والغياب شبه الكلي للتنمية الاقتصادية والبشرية.. هذه النقائص، تجعل المنطقة عرضة لشتى أنواع الأمراض والمظاهر الاجتماعية السلبية». وأضاف: «في أوساط سكان هذه المناطق غير المحصنة، تجد الجماعات الإرهابية مرتعا لنشر فكرها التكفيري ويسهل عليها تجنيد شباب المنطقة لمشروعها الإرهابي. وضمن هذه الأوساط تجد ضالتها لتوسيع نشاطها المتمثل في تجارة المخدرات والأسلحة والاستثمار في الهجرة السرية باتجاه أوروبا».