مصر: الجمعية الدستورية تحسم مصير مجلس الشورى اليوم

الأزهر والكنيسة المصرية يتوافقان على لم الشمل

TT

تحسم الجلسة العامة للجمعية التأسيسية المنوط بها وضع أول دستور لمصر بعد ثورة 25 يناير، اليوم (الثلاثاء) مصير بقاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان) في النظام السياسي المصري، بعد الاستماع لوجهة نظر المؤيدين والمعارضين لبقاء المجلس.

وشهدت الجمعية أحداثا مثيرة أمس؛ حيث اجتمع ممثلو الأزهر والكنسية للرد على مزاعم اتفاق الأزهر والكنسية ضد السلفيين داخل الجمعية التأسيسية، والرد على رفض الكنيسة المادة الثانية، ومرجعية الأزهر في الدستور الجديد، بينما قدمت إحدى عضوات الجمعية استقالتها، مبررة ذلك بالقول «نحن مقبلون على وضع دستور أسوأ من كل الدساتير المصرية السابقة».

ويرى مراقبون أن «الجمعية ربما تشهد استقالات كثيرة فيما بعد، نتيجة للخلاف الشديد بين ما يقره الأعضاء من مواد وبين ما تقوم بصياغته لجنة الصياغة». وقال بيان للجمعية أمس، إن «الجلسة العامة ستستمع إلى محمد طوسون رئيس لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس الشورى حول رؤية المجلس فيما يتعلق ببقاء (الشورى) من عدمه، وسوف يحضر رئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمي الجلسة».

وكانت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية قد أكدت خلال اجتماع سابق ضرورة قيام مجلس الشورى بدور تشريعي، خاصة أن مجلس الشعب يركز بشكل أساسي على الدور الرقابي.

وفي السياق ذاته، أكد أعضاء الجمعية التأسيسية التابعين للأزهر الشريف والكنائس المصرية، ضرورة مراعاة الصالح العام والتماسك المجتمعي والحفاظ على النسيج المتماسك للشعب المصري، وكذا ضرورة التوافق في اللجنة التأسيسية باعتبارها النائبة عن الشعب المصري كله، واتفقوا على الاستمرار في العمل لاستكمال الدستور.

جاء ذلك خلال استقبال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفدا من كبار المسؤولين من رجال الكنيسة المصرية برئاسة الأنبا باخوميوس، قائم مقام بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والأنبا بولا والأنبا يوحنا، نائب بطريرك الكنيسة القبطية الكاثوليكية، بمقر مشيخة الأزهر الشريف أمس، وبحضور ممثلي الأزهر والكنيسة داخل الجمعية التأسيسية.

ويأتي اللقاء بعد يومين من لقاء ممثلي الكنائس بمقر الكنيسة الأرثوذكسية، لتنسيق مواقفهم تجاه المواد المتعلقة بالعلاقة بين الدين والدولة، واتفقوا على رفض مواد مرجعية الأزهر والسيادة لله والزكاة بالدستور الجديد، مؤكدين أنهم ليس لهم مطالب خاصة، و«إنما هو موقف عام من مواد الدين والدولة في الدستور الجديد».

كما يأتي اللقاء أيضا بعدما تردد أن الأزهر يستقبل وفدا من الكنائس للتحالف ومواجهة السلفيين داخل الجمعية التأسيسية، وهو ما نفاه مصدر بالأزهر جملة وموضوعا، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأزهر مؤسسة وطنية مصرية إسلامية رائدة، تستقبل جميع ألوان الطيف السياسي والفكري والثقافي من جميع التيارات، وليس لها شأن بأي خلافات مع أي قوى سياسية».

وقال الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر للحوار، إنه تم الاتفاق خلال الاجتماع على تجديد الثقة بالأزهر وجهوده في لم الشمل المصري والعمل على إرساء سفينة الوطن في هذه الظروف، كما تم الاتفاق على التنسيق المستمر بين الأزهر والكنيسة في كل ما يتعلق بتأسيسية الدستور، حيث أكد أعضاء الجمعية التأسيسية من الأزهر والكنائس على ضرورة مراعاة الصالح العام والتماسك المجتمعي والحفاظ على النسيج المتماسك للشعب المصري، والتأكيد على رفض كل ما يسيء للإسلام».

وحول المادة الثانية للدستور، قال عزب، «هناك توافق تام بين الأزهر والكنيسة، وسيتم خلال الفترة المقبلة لقاءات مع جميع الأطياف السياسية والدينية، وتشمل الإخوان والليبراليين والسلفيين من أجل جمع الشمل على كلمة سواء»، مضيفا أن الأزهر سيعقد اليوم (الثلاثاء) لقاء مع التيار الليبرالي لمناقشة نفس الموضوع والاتفاق على المادة الثانية وتقريب وجهات النظر.

وشدد عزب على أن الأزهر لا يقرب فصيلا على حساب الآخر ولا يبعد فصيلا على حساب آخر فهو يتعامل بمبدأ المشاركة الفاعلة والمساواة والاحترام من أجل مستقبل مصر واستقرارها.

إلى ذلك، أعلنت الناشطة الحقوقية منال الطيبي، أمس تقديم استقالتها من الجمعية التأسيسية للدستور، وقالت في بيان لها، «لا جدوى من الاستمرار في عضويتي»، مبررة أن «المنتج النهائي للجمعية لن يرقى أبدا إلى المستوى الذي يطمح إليه غالبية الشعب المصري»، وتابعت: «بات واضحا أن الدستور يعد ليكون على مستوى فئة محددة ترسخ لمفهوم الدولة الدينية لتستحوذ بذلك على السلطة، ليتمخض الأمر في نهاية المطاف عن دستور يحافظ على ذات الركائز الأساسية للنظام الذي قامت الثورة من أجل إسقاطه، مع تغيير الأشخاص فقط، وليس تغييرا جذريا في بنية النظام كنتيجة حتمية للثورة المصرية المجيدة».

وقالت الطيبي في بيانها، «نحن مقبلون على وضع دستور أسوأ من كل الدساتير المصرية السابقة، من خلال جمعية تأسيسية قامت في تشكيلها على المغالبة العسكرية بقوة السلطة (آنذاك)، والإخوانية بالأغلبية البرلمانية للإخوان والسلفيين والوهابيين، لإعداد دستور يشكل الأساس المتين ليس فقط لإعادة إنتاج النظام السابق، بل لإقامة دولة للثورة المضادة تكون مهمتها المباشرة هي تصفية ثورة 25 يناير 2011 السياسية الشعبية المجيدة».