المصريون يحلمون بـ«منجانية» التعليم ويتذمرون من ارتفاع الأسعار

بعد تباهي الرئيس مرسي بانخفاض سعر «المانجو»

TT

لم يكن «تفاخر» الرئيس المصري محمد مرسي بزيادة نسبة المحاصيل الزراعية في مصر في عهده، واستشهاده بثمار «المانجو» كمثال على ذلك، مؤكدا أن إنتاجها زاد هذا العام وانخفض سعرها في الأسواق؛ إلا بمثابة الشرارة التي أشعلت حوارات المصريين حول ارتفاع الأسعار، التي يكتوون بنيرانها منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

وعلى الرغم من ما سببه «المانجو الرئاسي» من ظهور حالة سخرية شديدة على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، جعلت التعليقات الإلكترونية تصطبغ بألوان من التندر والفكاهة؛ إلا إنه يمكن وصف المشهد بـ«الكوميديا السوداء»، فلا حديث في الشارع المصري حاليا إلا ويتطرق لارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، وسط شعور خفي بالخوف من زيادة أسعار أخرى كالبنزين والسولار.

فـ«المانجو»، التي أضاف لها البعض على مدار اليومين الماضيين طابعا سياسيا بالإسقاط على جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس، مثل «نحمل المانجو لمصر» المستمد من الشعار الانتخابي للجماعة «نحمل الخير لمصر»، وكذلك «مشروع النهضة الإخواني سيركز على (منجانية) التعليم»، عملت على فتح النقاش الساخن حول الزيادات في أسعار المواد الغذائية، التي تشهد ارتفاعات متواصلة، لكن الموجة الأخيرة من الارتفاع، ينظر لها كثيرون نظرة مختلفة، كونها تأتي في ظل الـ100 يوم الأولى من حكم الرئيس مرسي؛ حيث جاء ارتفاع الأسعار على عكس توقعات كثير من المصريين الذين ينتظرون من رئيسهم تحسن أحوالهم المعيشية والاجتماعية.

في إحدى الحافلات العامة بالعاصمة المصرية القاهرة، سألت إحدى الراكبات جارتها عن سعر خضراوات كانت تحملها، لتشعل إجابة الأخيرة غضب كثير من الركاب سواء الرجال أو النساء: «الرئيس يتحدث عن انخفاض سعر المانجو في الأسواق، لكن ماذا عن السلع المهمة كالطماطم التي يصل سعرها إلى 8 جنيهات للكيلو (ما يعادل دولارا وربع الدولار). ماذا علينا أن نفعل؟». بينما عبر راكب آخر: «اللحوم زادت، والمعكرونة أيضا، والرئيس يتحدث عن المانجو.. متى تشعر بنا الحكومة؟»، لكن «المانجو» المثير للغضب يراه آخر بأنه رسالة من الدكتور مرسي بأنه «عايش معانا وعارف كل حاجة، ولا يعيش في قصر عاجي، ولا يأخذ قراراته من تقارير حاشيته مثل سابقه، والنتيجة عشوائية عشنا بها طوال 30 عاما».

النقاشات اليومية حول الزيادة في الأسعار بالبلاد، تؤكدها إحصاءات رسمية؛ حيث أظهر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قبل 3 أيام ارتفاع أسعار أغلب السلع الغذائية خلال شهر أغسطس (آب) الماضي مقارنة بالشهر السابق عليه؛ حيث قفزت أسعار سلع أساسية ومهمة للمستهلكين خاصة الخضراوات مثل الطماطم، إلى جانب الأسماك والبيض، بينما انخفضت أسعار سلع أخرى كالأرز والفلفل الأسود.

ويأتي التقرير السابق في الوقت الذي أعلن فيه وزير المالية أن المؤشرات المبدئية للموازنة، كشفت عجزا مفاجئا يقدر بـ170 مليار جنيه مصري.

وتشهد الأسواق المصرية في الوقت الحالي حالة من الركود بسبب ارتفاع الأسعار؛ حيث تراجعت معدلات الطلب بشكل كبير بحسب تجار وخبراء اقتصاديين بالبلاد، ويأتي في مقدمة هذه السلع، الذهب الذي اشتعلت أسعاره بسبب ارتفاع الأسعار العالمية ليتخطى حاجز الـ300 جنيه للجرام، كما استمرت أسعار المياه المعدنية المعبأة في ارتفاعها.

في إحدى الأسواق القاهرية، تقول إحدى ربات البيوت لـ«الشرق الأوسط» بنبرة تنم عن الغضب: «ماذا فعلت الحكومة؟، انتظرنا منها أن تكون مختلفة عن الحكومات السابقة، أوهمونا بانخفاض الأسعار وزيادة المرتبات، لكن يبدو أن الحديث عن تلك الأمور من جانب أي حكومة هو محاولة فاشلة».

تلخص الكلمات الغاضبة شعور يتكرر لدى كثير من المصريين، وما يزيد حالة التذمر، ما يشاع حول وجود خطة حكومية لزيادة أسعار كل السلع قريبا، خاصة مع ما نشرته صحف محلية قبل يومين عن أن هناك نية لخفض الدعم عن المنتجات البترولية، وأن الحكومة تنتظر قرارا سياسيا من رئيس البلاد للبدء في تحريك ورفع أسعار البنزين بفئاته المختلفة والسولار وأسطوانات البوتاجاز بشكل تدريجي بدءا من الأسابيع المقبلة وحتى نهاية العام المقبل.