الحكم بالسجن 15 عاما على القائد السابق لشرطة إقليم شونغكينغ الصيني

في مرحلة قضائية جديدة من الفضيحة المدوية في الحزب الشيوعي الحاكم

TT

حكم على وانغ ليجون، قائد الشرطة سابقا في إقليم شونغكينغ والمساعد السابق للزعيم المخلوع بو شيلاي، أمس، بالسجن 15 عاما، في مرحلة قضائية جديدة من هذه الفضيحة المدوية في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين. وأدين وانغ الذي كان يدير مكتب الأمن العام في شونغكينغ الذي كان يحكمه بو شيلاي، خصوصا بتهم الانشقاق واستغلال السلطة والفساد، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. واستغرقت تلاوة الحكم 33 دقيقة و«عبر وانغ ليجون عن نيته عدم استئناف» الحكم، كما أوضحت المحكمة في بيان. وقالت محامية المتهم وانغ ليجون، لوكالة الأنباء الألمانية، إن موكلها لا يعتزم الطعن على الحكم. وقاد وانغ، (52 عاما)، الذي يطلق عليه «الشرطي الخارق»، حملة مثيرة للجدل لمكافحة الجريمة المنظمة في مدينة تشونجتشينج بالمنطقة الجنوبية الغربية، بالقرب من مدينة شنغدو.

وقد قاد وانغ عندما كان مساعد بو، أمين عام الحزب الشيوعي في شونغيكينغ آنذاك، حملة شديدة ضد الفساد في نهاية سنوات الألفين في تلك المدينة الكبيرة، في عملية تخللتها اتهامات خطيرة بانتهاك حقوق الإنسان.

وفي فبراير (شباط) الماضي، حاول وانغ الذي فقد فجأة دعم زعيمه، اللجوء إلى القنصلية الأميركية، في حادث أثار فضولا شديدا من مستخدمي الإنترنت وتكهنات غريبة جدا.

وفعلا، كشف وانغ في تلك القنصلية بعض المخالفات الخطيرة التي ارتكبت في شونغكينغ، بما فيها جريمة قتل ارتكبتها غو كيلاي زوجة بو شيلاي بحق مواطن بريطاني، وحكم عليها الشهر الماضي بالإعدام مع وقف التنفيذ.

ومن حينها، أودع زوجها في مكان سري بعد أن كان يطمح إلى الانضمام إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، وهي أعلى هيئة حاكمة في البلاد، بمناسبة المؤتمر القادم للحزب الشيوعي الصيني الشهر المقبل. وكان المحللون تكهنوا بأن يكون الحكم خفيفا نسبيا بحق وانغ ليجون الذي كان يواجه نظريا حكم الإعدام، ذلك لأن تورطه في الجريمة أقل خطورة من تورط غو كيلاي.

وأكدت المحكمة أن قائد الشرطة السابق استفاد من «رأفة» القضاة نظرا «لمشاركته الفعالة في الدفع بالتحقيق» حول الجريمة التي ارتكبتها غو، وذلك رغم أن وانغ حاول في مرحلة أولى تعطيل التحقيقات في تلك الجريمة.

من جانبه، علق ويلي لام، المتخصص بالسياسة الصينية ومقره في هونغ كونغ، بالقول إن السجن 15 سنة «يدل على إرادة مراعاة بو شيلاي».

وذكر تشانج مينغ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الشعب ببكين، الأسبوع الماضي: «أعتقد أن بو شيلاى سيتهم وسيواجه إجراءات جنائية لأنه تستر على جريمة قتل». ويبدو أن عقوبة مخففة نسبيا قد صدرت بحق وانغ بعدما قال المدعون إنه قدم معلومات قيمة في قضية غو.

وأوضح ممثلو الادعاء أن وانغ قبل أموالا وممتلكات بقيمة تقارب 05.‏3 مليون يوان (000.‏484 دولار) «مقابل تأمين مصالح لأفراد آخرين». كما تردد أنه استخدم بصورة غير قانونية «تدابير تقنية للاستطلاع ضد كثير من الناس في مناسبات متعددة».

ويبدو أن تهمة المراقبة غير القانونية تدعم تقريرا نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في أبريل (نيسان) الماضي، نقل عن مصادر قولها إن بو ووانغ تنصتا على محادثات الرئيس الصيني هو جينتاو ونائب الرئيس شي جينبينج ومسؤولين بارزين آخرين. وتم في أبريل الماضي تعليق عضوية بو، الذي نال دعم المحافظين في الحزب الشيوعي الصيني، بالمكتب السياسي للحزب المؤلف من 25 عضوا، بسبب «انتهاكات خطيرة للانضباط». أما الإسراع في المحاكمة التي تمت بعد أقل من شهر من إدانة غو كيلاي، فإنه يؤكد، حسب الخبراء، رغبة بكين في إغلاق ملف هذه الفضيحة، رغم أن الصفحة لن تطوى حقا إلا عندما يتبين مصير بو شيلاي.

ويشتد الخناق القضائي من حول هذا الأخير بعد أن ذكر اسمه الأسبوع الماضي لأول مرة في محضر رسمي، تبين أنه كان فعلا على علم بالجريمة التي ارتكبتها زوجته وحاول أن يحميها. لكن بو ليس متهما رسميا سوى بارتكاب مخالفات خطيرة بعدم الانضباط في الحزب وهي تهمة لا يعاقب عليها قضائيا. وألقت الفضيحة المحيطة ببو، النجم الصاعد سابقا في الحزب الشيوعي نحو أعلى المراتب، الأضواء على الانقسامات العميقة في قمة هرم القيادة الشيوعية مع اقتراب مرحلة انتقالية حاسمة.

واندلعت القضية في حين يعد الحزب الشيوعي الصيني (الحزب الواحد) لمؤتمره الثامن عشر الشهر المقبل، الذي يفترض أن يشهد وصول جيل جديد من القادة السياسيين. ولم يعلن بعد عن موعد المؤتمر، في مؤشر على الحرج الشديد الذي تتخبط فيه القيادة الصينية.