بعد العراق.. كارثة نهب الآثار تتكرر في سوريا

اتهامات للجيش السوري بسرقتها أو التغاضي عن عمليات تهريب منظمة

صورة لبشار الاسد تطل على المسرح الروماني في بصرى الشام في درعا (إ.ب.أ)
TT

تهدد المعارك التي تشهدها سوريا آثارها التاريخية الثمينة التي تتعرض للدمار، وأيضا لعمليات السرقة والنهب المنظمة، التي تتزايد مع استمرار المعارك في هذا البلد، كما أكدت مصادر متطابقة. فمع اتساع نطاق المواجهات لتعم بلدا يعاني من فساد مزمن، مخلفة فراغا في السلطة في بعض المناطق وسقوط أخرى في يد المجموعات المسلحة، انتشرت أعمال السرقة والتنقيب غير المشروع عن الآثار التي تزخر بها الأراضي السورية.

وتقول فيرونيك دوج الباحثة في مركز التراث العالمي لليونيسكو، التي اتصلت بها وكالة الصحافة الفرنسية هاتفيا: «من البديهي أنه في مثل هذه الأوضاع نشهد دائما انتشارا لأعمال النهب والتنقيب غير الشرعي عن الآثار وتهريبها»، مذكرة بعمليات النهب الواسعة التي تعرضت لها الآثار العراقية عام 2003. وكثيرا ما يتهم الجيش السوري نفسه بممارسة أعمال النهب أو السكوت عن هذه الأنشطة التي تمارسها عادة عصابات تهريب منظمة جيدا.

وفي الريحانية، المدينة التركية الصغيرة على حدود سوريا، يؤكد لاجئ سوري وصل أخيرا من مدينة تدمر الأثرية الشهيرة أن متحف المدينة تعرض للنهب، وأن الموقع تعرض لعمليات سرقة واسعة النطاق. وأضاف أن «الجيش موجود في المكان ويشرف على كل شيء» مؤكدا أن عمليات النهب من فعل ميليشيات نظام بشار الأسد.

ويظهر شريط فيديو التقطه هاو وعرض على الإنترنت في 17 أغسطس (آب) الماضي 7 أو 8 تماثيل مكدسة في صندوق سيارة «بيك آب» يقف بجانبها عدد من الجنود وهم يتحدثون. وقال الأثري الإسباني روديغو مارتن: «لقد درسنا ما يقولونه بوساطة سوريين يعملون معنا، وتبين أنهم فعلا جنود، وهو ما يدعونا إلى الاعتقاد بأن الجيش يمارس السرقة أو يسمح بسرقة آثار تدمر وغيرها من المناطق الأثرية».

ومارتن هو المتحدث باسم فريق من الأثريين السوريين والأجانب كون مجموعة باسم «التراث السوري في خطر»، هدفها محاولة مراقبة ما يحدث في المواقع الأثرية من خلال شبكة من المخبرين.

وأضاف: «جرت معارك في مواقع وتعرضت أخرى للنهب، كما منح الجيش تصاريح بالحفر لعصابات مقابل مساعدتهم في القتال»، وتابع: «لكن حتى إذا كان لدينا كثير من الاتصالات؛ فمن الصعب معرفة ما يحدث فعلا. وأعتقد أننا لن نكتشف مدى فداحة الخسائر إلا بعد الحرب». كما حصلت منظمته على شهادات تتهم المجموعات المتمردة المسلحة باللجوء إلى عمليات التهريب لتمويل نفسها. وقال: «لدينا معلومات متواترة وشائعات، لكن من الصعب جدا التحقق منها».

وفي مقال في صحيفة الـ«تايمز» البريطانية بتاريخ 12 سبتمبر (أيلول)، أكد مهرب آثار لبناني يسمي نفسه «أبو خالد» أن المتمردين كونوا مجموعات تنقيب سرية لتمويل معركتهم. وأضاف أن «المتمردين في حاجة إلى الأسلحة والآثار وسيلة جيدة لشرائها».

وفي تقرير لها، شددت منظمة «يوروميد - هريتتج» التي يمولها الاتحاد الأوروبي على خطورة عمليات التنقيب السرية هذه.

وأكد التقرير أنها «تهدد تاريخ سوريا وتراثها الأثري منذ سنوات عدة. وللأسف أدت الأحداث الحالية إلى زيادة هذا الخطر بصورة كبيرة. وهناك جماعات عدة تقوم بعمليات تنقيب سرية بدءا بقوات الأمن». وأضاف: «الأدهى أن عمليات التنقيب السرية هذه أصبحت موضع مساومة، حيث تتغاضى عنها السلطات لكل من يوافق على البقاء بعيدا عن (الانتفاضة)».

وترى عالمة الآثار البريطانية ايما كونليف أن كارثة الآثار العراقية عام 2003 تتكرر حاليا، مضيفة: انظروا إلى أسعار القطع الأثرية الجميلة في مزادات «كريستيز» و«سوذبيز». لذلك طالما أن هناك مثل هذا الطلب في السوق العالمية، فإن عمليات النهب ستستمر.