الأمين العام لمركز الملك عبد الله العالمي للحوار: مبادرة خادم الحرمين للحوار مشروع استباقي عالمي لمنع التجاوزات والإساءات

فيصل بن معمر يشدد في حوار مع «الشرق الأوسط» على أهمية تغليب صوت العقل والحكمة والهدوء والاقتداء بالرسول في معاملته للمسيئين إليه

فيصل بن معمر
TT

أكد فيصل بن معمر مستشار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الأمين العام لمركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، على أن مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات تعد خطوة استباقية ومشروعا كبيرا لمنع ومكافحة الإساءات والتجاوزات التي تطال الأديان ورموزها، كاشفا في حوار مع «الشرق الأوسط» أن أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ستشهد احتفالية عالمية كبرى بتدشين مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا، لافتا إلى أن المركز يعد بمثابة حاضنة المؤسسات الحوارية العالمية، وترجمة لمساعي الملك عبد الله لبناء منظومة أخلاقية وإنسانية مشتركة تحمي أواصر الأسرة والموروث والقيم والمصالح المشتركة لصالح عالم يسوده قيم التعايش المشترك.

ورأى أن الفيلم المسيء للإسلام والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، يعد محاولة مستميتة من أنصار الكراهية وصدام الحضارات ممن لا يعرفون قيمة السلام الاجتماعي بين الشعوب، ويستبيحون تأجيج الفتن بينها، لتنشيط جذور الكراهية والتطرف، وهذه حقيقة تضعنا أمام نقاش عالمي، حول دول ومجتمعات يحكمها الدين، وتلتزم بما أنزل الله، هذه المجتمعات ترى في هذا الدين دينها ودنياها. كما تضعنا هذه الأحداث أمام بعض المسيئين للآخر في مجتمعات، فصلوا الدين عن الدولة، وأطلقوا العنان للحريات دون ضوابط، التي استغلها بعض ضعاف النفوس، حتى إنهم وزنوا تصرفاتهم بهذه الحرية المنفلتة.

وجاء نص الحوار مع فيصل بن معمر كما يلي:

* ونحن نعيش هذه الأيام أجواء من التوتر والاحتقان والاحتجاجات العنيفة بسبب الفيلم المسيء للإسلام والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، الذي أنتج في الولايات المتحدة الأميركية.. كيف تقرأون هذه الأجواء، وما الحل في نظركم لمنع تكرار ما حدث؟

- ما قام به أولئك محاولة مستميتة من أنصار الكراهية وصدام الحضارات ممن لا يعرفون قيمة السلام الاجتماعي بين الشعوب، ويستبيحون تأجيج الفتن بينها، لتنشيط جذور الكراهية والتطرف، وهذه حقيقة تضعنا أمام نقاش عالمي، حول دول ومجتمعات يحكمها الدين، وتلتزم بما أنزل الله، هذه المجتمعات ترى في هذا الدين دينها ودنياها. كما تضعنا هذه الأحداث أمام بعض المسيئين للآخر في مجتمعات فصلت الدين عن الدولة، وأطلقوا العنان للحريات دون ضوابط، التي استغلها بعض ضعاف النفوس حتى إنهم وزنوا تصرفاتهم بهذه الحرية المنفلتة، حيث دأبت هذه الفئة على عدم الالتزام بالأخلاق والقيم والمبادئ التي تأسست عليها الحضارات الإنسانية كافة.

فماذا نتوقع من مثل هكذا صدام، الذي يخطط له البعض، ويثيرون الفتن من آونة لأخرى، في مسلسل إساءات لن ينتهي؟! ولكن من المهم أن تبقى أدوارنا ملموسة وحكيمة، وأن نعود لمبادئ ديننا ونعرف كيف نتصرف في مثل هذه المواقف الصعبة، وإذا عدنا إلى تعاليم ديننا نلتمس منه العون، سنجد ما نتعامل به مع مثل هذه المواقف بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. فهناك فرص عظيمة من خلال المؤسسات والمنظمات الدولية والدينية ذات العلاقة للدفاع عن نبينا (صلى الله عليه وسلم)، والأنبياء كلهم (عليهم السلام). وفي الطليعة منها مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بفيينا، الذي يعمل جاهدا من خلال قيادات أتباع الأديان والثقافات لمعالجة مثل هذه الفتن. فمن المؤكد أن الهيئات الرسمية والمرجعيات الدينية العالمية والجمعيات الأهلية تساند الوقوف في وجه أنصار الكراهية، وقد أوضحت في بيانات مختلفة شجب مثل هذه الأعمال التي تثير الفتنة وتحض على الكراهية، بتطاولها على الرموز والمقدسات الدينية، وخصوصا الأنبياء ورسولنا (صلى الله عليه وسلم).

وإنني أرى أهمية فك الارتباط بين حرية التعبير، وهي حق لا جدال فيه، والاعتداء على المقدسات والرموز الدينية، ونحث المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة على الاستجابة إلى المطالب المشروعة بضرورة إصدار تشريع دولي رادع يضع حدا لاستغلال حرية التعبير للافتراء على الأديان والعقائد ومحاولة تشويهها.

إن الإساءة إلى الرموز الدينية وإلى أنبياء الله ورسله على هذا النحو الذي ارتكبه شريط «براءة الإسلام»، يسيء إلى جميع أتباع الأديان. وهو عمل لا أخلاقي أقل ما يقال فيه إنه يحرض على الفتنة فعلا ورد فعل، ويشكل حجر عثرة في طريق الحوار والتفاهم وبناء جسور الاحترام والتعايش بين أهل الأديان والثقافات.

ولقد ثبت أن الحوار العالمي الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، هو خطوة استباقية لمكافحة مثل هذه الإساءات والتجاوزات، والتأكيد على مبدأ التعايش والاحترام بين أتباع الأديان الثقافات، تلك المبادئ التي تضمنتها مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات وتبناها مؤتمر مدريد للحوار بعدم الإساءة للأديان ورموزها، والعمل على إصدار وثيقة عالمية تساعد على تعميم ونشر ثقافة احترام الأديان واحترام رموزها، ودور العبادة، وعدم الإساءة إليها.

ولا أحد يمكنه تجاهل فوضى ردة الفعل، وغضب أكثر من مليار وستمائة مليون مسلم، يوقرون ويحترمون ويعظمون نبيهم محمدا (صلى الله عليه وسلم). ومن الطبيعي أن لا يكون موقف المسلم، المناصر لنبيه ورسوله، عليه السلام، محايدا أو متفرجا وكأن الأمر لا يعنيه من قريب أو بعيد، ولكن دائما ما ندعو إلى تغليب صوت العقل والحكمة، والهدوء، وأن يكون هذا الغضب غضبا محمودا وإيجابيا، بالتعريف بسيرته العاطرة, ونهجه القويم، ورحمته للعالمين، لا بإطلاق العنان لعاطفة الصياح والصراخ والتدمير, وقتل الأبرياء والاعتداء على النفس البشرية؛ فالواجب هو أمر أكبر وأجل وبقدر مقام وحب رسول الله فينا، مثل معاملته (صلى الله عليه وسلم) للمسيئين إليه.

إن مثل هذه الأعمال التي تتطاول على الرموز والمقدسات الدينية، التي يزعمون أنها تأتي تحت مظلة حرية التعبير، لن تتوقف وستتوالى، وهو ما يسيء إلى أهل هذه المقدسات ويستفزهم، حتى إنه يدفع بالبعض منهم إلى ردود فعل متطرفة تتنافى حتى مع القيم والتعاليم الدينية ذاتها. ودورنا أن نبحث وبعمق عن المبادئ التي تؤسس للتعايش وتؤطر للاحترام، وسن الأنظمة والقوانين التي تحد من مثيري الفتن الذين وظفوا سلاح التقنية والفن عبر الإعلام الجديد، حيث سنتفاجأ تباعا بما يبثه أعداء الإنسانية لإحداث سوق رائجة لاستفزاز المشاعر، والحض على الكراهية.

والإساءة للرموز والمقدسات الدينية لا تندرج مطلقا تحت زعم حرية الرأي والتعبير، إنما هي وجه من وجوه الاعتداء على حقوق الإنسان بالاعتداء على مقدساته. لذلك ندعو أنصار حقوق الإنسان والهيئات والمنظمات الدينية الأخلاقية وأهل الحكمة من العقلاء والمفكرين إلى التصدي لانتهاك المقدسات، حتى يسود العالم المحبة والإخاء، وتنتفي روح الكراهية السوداء.

والمملكة العربية السعودية، بقيادتها الحكيمة المعهودة عنها، قد أعلنت عن بالغ استيائها واستهجانها لإنتاج هذا الفيلم المسيء، دون الانسياق لاستفزازات ممنهجة لن تنتهي. كما أشير إلى وصية سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ (جزاه الله خيرا) في هذا الخصوص، وما صدر عن علماء المسلمين المعتبرين في كل مكان.

من هنا نؤكد ثانية أن العمل على صدور قرار أممي بتجريم المساس بالمقدسات والرموز الدينية بات واجبا اليوم أكثر من أي وقت مضى، لأسباب عدة، منها تعكير السلام العالمي، وتهديد الأمن الدولي، وضمانا لعدم تكرار هذه الأحداث الخطيرة والمؤسفة مستقبلا. ولا يسعني إلا أن أقف مؤمنا منبهرا بقول الله تعالى في حق نبيه (صلى الله عليه وسلم):‏ «إنا كفيناك المستهزئين». وقوله تعالى‏:‏ «فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم‏».

* تبنى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرة للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ما أبرز الأهداف التي تحققت من هذا المسعى النبيل الذي لقي ترحيبا من كثير من الشخصيات والهيئات الممثلة للأديان والثقافات السائدة في العالم؟

- منذ أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) مبادرته الإنسانية، تواصل المجتمع الدولي، واتخذ خطوات مهمة, تقديرا وتخطيطا وتنفيذا، لتكون في إطار مؤسسي، يضمن ديمومة فعالياتها، وتنظيم مؤتمرات عالمية لتفعيل حوار أتباع الأديان والثقافات وترسيخه، وتكون الدول هي الأساس فيه، وتدعمه المنظمات المدنية العالمية المعنية، فكانت البداية توقيع تأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. يوم الخميس 15 ذو القعدة 1432هـ الموافق 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2011م، في العاصمة النمساوية فيينا، بشراكة دولية، تضم المملكة العربية السعودية وجمهورية النمسا ومملكة إسبانيا بمشاركة رئيسية من الفاتيكان، وممثلي أتباع الأديان والثقافات في فيينا، التزاما بمبادرة خادم الحرمين الشريفين التاريخية، بما تضمنته من دعوة مخلصة لاحترام كرامة الإنسان والحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتفعيلا لما أوصى بها المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في مكة المكرمة (يونيو «حزيران» 2008م)، وحضره أكثر من 500 عالم مسلم من جميع المذاهب الإسلامية, بإشراف من رابطة العالم الإسلامية في مكة المكرمة، وتفعيلا لمقررات مؤتمر مدريد عام 2008م، الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مع ملك إسبانيا، بمشاركة قيادات من مختلف أتباع الأديان والثقافات, الذين بلغ عددهم نحو 500 شخص، وحملت رسائله أن يتوجه الحوار إلى القواسم المشتركة التي تجمع بين الأديان السماوية والأمن والسلام والتعايش السلمي بين بني البشر في مختلف الأديان والثقافات، وتوجت تلك الجهود بتأسيس الحوار العالمي بين أتباع الأديان والثقافات بدعوة من مقامه الكريم بعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماع عالي المستوى بنيويورك في ديسمبر (كانون الأول) عام 2008م، وما دعا إليه خادم الحرمين في خطابه في الأمم المتحدة وتنفيذا لمقررات مؤتمر جنيف الدولي (سبتمبر «أيلول» 2009م)، ومؤتمر فيينا (يوليو «تموز» 2009م). وأكدت جميعها على دعم المبادرة لتحقيق الأهداف التي رسمها خادم الحرمين الشريفين لإشاعة ثقافة الحوار وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة بين شعوب العالم, حيث من المقرر تدشين مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات, في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بإذن الله في احتفالية عالمية كبرى، حيث يكون هذا المركز بمثابة حاضنة للمؤسسات الحوارية العالمية، ومن المقرر أن يشارك في افتتاحه 600 من القيادة الدينية والمدنية العالمية، بالإضافة إلى 25 مؤسسة تدعم الحوار العالمي، والاستفادة مما توصلت إليه من أعمال متميزة في هذا الخصوص.

* ما الآليات التي تم من خلالها تفعيل مبادرة الملك عبد الله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وهل وصلت أهداف المبادرة ورسالتها إلى المتلقي ورجل الشارع في أنحاء المعمورة وعدم قصر ذلك على ممثلي الأديان والثقافات السائدة في العالم؟

- خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي تبنى حوار أتباع الأديان والثقافات كان صريحا في إعلانه، ورأى أنه إنقاذ للبشرية من الضياع والحرمان والفاقة والعوز، كما دعا في الوقت نفسه إلى إدراك إيجابي لأهمية التوافق مع حاجة البشرية إلى مؤسسات توثق العمل الإنساني فور إعلانه وتدعمه وتسانده في العالم بأسره، وفق أسس الصناعة الإعلامية والثقافية المشتركة، المجردة من أي حسابات بشرية؛ فكان أهم آليات هذه المبادرة، هو تحويلها للعمل المؤسسي، حيث تم تأسيس المركز الذي يشرف بحمل اسمه (حفظه الله) في فيينا، ليترجم مساعيه أمام سمع العالم وبصره، لبناء منظومة أخلاقية وإنسانية مشتركة تحمي أواصر الأسرة والموروث والقيم والمصالح المشتركة لصالح عالم يسوده قيم التعايش المشترك، التي تتوافق مع حاجاته، في مواجهة فيض عارم من تراكم المشكلات والأوجاع، وما الإرهاب والإرهاب الفكري والمخدرات والفقر والبطالة ومعاناة الشباب وتراجع دور الأسرة وانحلال القيم التي تستهدف الإنسان في أي مكان، إلا أمثلة على ما تعانيه البشرية من تحالفات ضدها، وضد حياتها وعلاقاتها الاجتماعية والأسرية.

أما عن آليات المركز في هذا الخصوص, فكثيرة, وأكاد أجمعها في 3 محاور مهمة: الأول «احترام الاختلاف من خلال الحوار»، وذلك من خلال أن يصبح المركز حاضنة للتواصل بين مؤسسات أتباع الأديان والثقافات وللتبادل والتعلم التطبيقي، والتعامل مع المجالات الرئيسة للمفاهيم الدينية الخاطئة بين أتباع الأديان، واستخدام مشاركة الأفراد والمؤسسات لتفعيل الحوار وتطبيقه.

وفي المحور الثاني «تأسيس قواسم مشتركة بين مختلف الجماعات»، يأتي على رأس أولوياتنا تشجيع التوافق بين الجماعات حول القضايا الإنسانية، والمشاركة في فعاليات تقنية وثقافية وتراثية مرتبطة بجدول أعمال المركز الخاص بالحوار بين أتباع الأديان والثقافات، جنبا إلى جنب مع إطلاق برنامج عالمي مع المراكز العالمية للحوار والمؤسسات المشابهة لتشجيع مشاركة الشباب عبر برامج وفعاليات متنوعة، وإطلاق برامج تدريبية لتنمية مهارات الحوار والاتصال لديهم، بالإضافة إلى جذب اهتمامات وطاقات الشباب إلى قضايا وقيم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.

في المحور الثالث: «تحقيق المشاركة الدينية والحضارية والمدنية بين القيادات الدينية والسياسية» نعمل على توفير محفل لمناقشات ملائمة رفيعة المستوى لإشراك صانعي السياسات في المناظرات الخاصة بالتصورات المسبقة والخاطئة بين أتباع الأديان والثقافات، وصياغة «منتج» استراتيجي أو «خدمة» استراتيجية يختص بها المركز, يقدم من خلالها مساهمة متميزة ومستمرة في مجال الحوار عالميا، والعمل مع آخرين لتأسيس مجموعة خاصة نموذجية متعددة الأطراف تتألف من شخصيات دينية ومدنية، وتتمثل مهمتها في مناقشة ومناظرة وإصدار تقرير متفق عليه حول موضوع «الدين خيار للتمكين؛ وإجراء الأبحاث حول المواقف العامة وفهم المبادئ الدينية الأساسية وكيف تنعكس أو لا تنعكس على الأسس المجتمعية (المدنية)، والسعي إلى إيجاد حلول للنزاعات الدينية بحيث يصبح الدين جزءا من الحل.

* الحوار الحر والمسؤول بين مختلف الفئات الدينية والحضارية له أهمية كبرى من خلال تقديم كل أمة كل ما لديها من رؤى وتدابير بين المنتمين لمختلف الأديان.. هل لدى بلادنا توجه لتحقيق هذا المطلب بهدف تحسين العلاقات بين المنتمين لمختلف الأديان؟

- مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان وقبلها تبنيه (حفظه الله) نشر ثقافة الحوار على المستوى المحلي، ولاحقا بين المذاهب الإسلامية, توجه سعودي بامتياز نحو الحوار مع الذات والآخر المسلم وغير المسلم عالميا. فهذه المبادرة, أكدت أن «النجاح إنما يعتمد على التركيز على العوامل المشتركة التي توحدنا، خاصة الإيمان بالله والقيم النبيلة والمبادئ الأخلاقية التي تمثل جوهر الدين»، مما يسهم في نبذ الغلو والتعصب والتطرف الديني والمعرفي والثقافي، تحقيقا للعدل والمساواة والأمن والسلام والاحترام وعدم التمييز واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتحقيق المصالحة والتعاون، وبما يسهم في صيانة الأسرة وإشاعة العفة واجتناب القبائح والرذائل ومكافحة التطرف والكراهية.

* كيف ترون أهمية إنشاء شبكات للتعاون الديني بين مختلف دول العالم؟

- تحقيق التعايش السلمي والإيجابي بين مكونات المجتمعات البشرية لحل الأزمات، وبناء السلام بات مطلبا مهما عالميا، وتحرص المؤسسات الحوارية الدولية والإقليمية والمحلية على السواء على المزيد من التعاون فيما بينها لحل الأزمات وبناء السلام، والإعلاء من القيم الإنسانية المشتركة والتعايش السلمي واستقرار المجتمعات الإنسانية, عبر مفهوم التشبيك, وتكوين الشبكات بين الجمعيات والمنظمات الأهلية، ليمثل ذلك انطلاقة جديدة لمسيرة الحوار العالمي, بعد تشابك العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والسياسية في المجتمع العالمي المعاصر, وتعني استراتيجية التشبيك اختيار أفضل الوسائل والبدائل لتحقيق أهداف وغايات الحوار والتعاون الديني بين مختلف دول العالم ومؤسساتها. ويمثل كل ذلك انطلاقة جديدة وفاعلة للمجتمع العالمي. ويعد إنشاء الشبكات أو التشبيك في عالمنا المعاصر من الوسائل الضرورية لوضع استراتيجيات عملية لدعم قضايا الإنسان أينما كان، على تنوع هذه القضايا, والمساهمة في عملية التحديث والتطوير المرتقبة, لا سيما فيما يتعلق بقضايا أساسية تخدم مجالات الحوار والتعاون الديني, فضلا عن حقوق الإنسان ودعم قضايا الأسرة والشباب. وإذا كانت الشراكة بين المنظمات في القطاعات الحكومية والأهلية ضرورة؛ فإن السعي إلى الشراكات والتشبيك على مستوى المنظمات غير الحكومية من شأنه أن يؤمن قاعدة متينة لتحقيق الأهداف المنشودة في الحوار العالمي عامة، والديني على وجه الخصوص.