واشنطن تسعى لإصلاح العلاقات مع مصر وتؤكد التزامها باستمرار المساعدات العسكرية والاقتصادية

مرسي يعارض أي تدخل عسكري أجنبي في سوريا ويؤيد رحيل الأسد

TT

تغاضت الولايات المتحدة عن تصريحاتها السابقة بأن مصر ليست حليفة وليست عدوا، وابتلعت توتر العلاقات بين البلدين خلال الأيام الماضية، وسعت إلى إصلاح العلاقات، وإعطاء تطمينات لمصر حول استمرار المساعدات الأميركية، والتزام إدارة أوباما بمساعدة مصر اقتصاديا وعسكريا.

والتقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بالرئيس المصري محمد مرسي في فندق «والدورف إستوريا» بنيويورك مساء أول من أمس، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ووفقا لمسؤولي الخارجية الأميركية، استمر اللقاء لمدة 45 دقيقة، ووصفه المسؤولون الأميركيون بأنه كان «مريحا ودافئا» ويأتي لتعزيز العلاقات بين البلدين. وأشار مسؤول كبير بالخارجية في مؤتمر صحافي في وقت متأخر مساء الاثنين إلى أن مرسي أوضح لكلينتون خطط حكومته لتنفيذ إصلاحات اقتصادية، وطالب بمساندة الولايات المتحدة في صندوق النقد لمساعدة مصر في الحصول على حزمة قروض بقيمة 4.8 مليار دولار. وأكدت كلينتون أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم وتوسيع المساعدات الاقتصادية لمصر.

وشددت كلينتون على حاجة مصر إلى تأكيد ضمان حماية المنشآت الدبلوماسية الأميركية ومكافحة التعصب والتمييز والتحريض على العنف على أساس الدين والمعتقد، وطالبت مرسي بتحسين العلاقات مع إسرائيل. في حين أكد الرئيس المصري احترام مصر والتزامها بدعم معاهدة السلام الموقعة عام 1979 بين مصر وإسرائيل، وتعهد بالعمل على إبقاء خطوط تواصل جيدة ومفتوحة بين البلدين. وتطرق مرسي للفيلم المسيء للإسلام وأبدى تفهمه بأنه ليس لحكومة الولايات المتحدة أي علاقة به واعترف بأنه ينبغي عدم استخدامه ذريعة للعنف.

وتطرقت محادثات كلينتون ومرسي للقضايا الأمنية في سيناء مع تصاعد تهديدات الجماعات الإسلامية المتشددة وتوتر الأوضاع على الحدود المصرية – الإسرائيلية، وقيام مصر بنقل قوات عسكرية ومعدات إلى سيناء من أجل مكافحة الإرهاب في انتهاك لمعاهدة السلام مع إسرائيل.

وقال المسؤول الأميركي إن كلينتون ومرسي تناولا أيضا الملف النووي الإيراني، وإشراك إيران في المحاولات لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية. وأوضحت كلينتون أن الولايات المتحدة ستتريث في دعم اقتراح مرسي بتشكيل مجموعة تضم مصر وإيران وتركيا والسعودية لبحث الأزمة السورية.

وقال مسؤول كبير بالخارجية إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قامت بجهود كبيرة لإقناع المشرعين بالكونغرس بالإبقاء على المساعدات الأميركية لمصر ودول عربية أخرى. وقال المسؤول: «هناك من تساءل في الكونغرس حول المعونات، لكن يوجد تأييد قوي من الحزبين لأن تحقق مصر نجاحا على الصعيد الديمقراطي لأن حدوث ذلك من مصلحة أمننا القومي». ويلقي الرئيس المصري محمد مرسي (اليوم الأربعاء) كلمة مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأشارت مصادر في رئاسة الجمهورية إلى أن كلمة مرسي ستركز على تطور الأحداث في مصر بعد ثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، وبناء الديمقراطية، والتزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل، ورؤية مصر لمعالجة المشكلات الإقليمية؛ ومنها الوضع في سوريا، واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتحقيق الاستقرار في السودان، وضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى مهاجمته الإساءة للأديان.

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن خطاب مرسي سيكون حاسما في تقديم رويته لمستقبل مصر، وفي إرسال رسائل لطمأنة المجتمع الدولي حول مدنية الدولة، وتقليل القلق من صلاته بجماعة الإخوان المسلمين، والأهم من ذلك، إضفاء الشرعية على قيادته في الساحة الدولية.

في الوقت نفسه، دعت 30 منظمة مصرية في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا، إلى مظاهرات سلمية أمام مبني الأمم المتحدة أثناء إلقاء الرئيس المصري خطابه، وأصدر عدد من النشطاء بيانا شديد اللهجة، أعلنوا فيه عن تنظيم مظاهرات ضد الرئيس مرسي رافضين سياساته لأخونة الدولة؛ بحسب البيان، ورفضهم سياسة تكميم الأفواه. وأعلن الرئيس محمد مرسي أول من أمس، أن مصر تعارض تدخل أية قوة أجنبية في سوريا، «مع أنها تؤيد رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة». وقال مرسي في مقابلة مع تلفزيون «بي بي إس» عشية افتتاح اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن «الجهود الدبلوماسية الرباعية لمصر وإيران والسعودية وتركيا قد تساهم في وقف الحرب الأهلية الدامية المستمرة في سوريا منذ 18 شهرا».

وقال مرسي: «أعارض أي تدخل أجنبي بالقوة في أحداث سوريا»، وأضاف: «لا أؤيد ذلك وأعتقد أنه سيكون خطأ كبيرا إذا حصل»، مضيفا أن «مصر لن توافق على ذلك».

كما أكد مرسي أنه على الدول العربية دعم الشعب السوري في مسيرته إلى الحرية، مضيفا: «ليس لدى الرئيس الأسد خيار إلا الرحيل.. لا مكان للإصلاحات السياسية، فالتغيير هو ما يسعى إليه الشعب، وينبغي احترام إرادته»، مشددا على أن «الأهم هو وقف حمام الدماء الجاري».

وأوضح مرسي أنه جمع مسؤولين مصريين وإيرانيين وأتراكا وسعوديين لاقتراح حلول للنزاع، لأن تلك الدول معنية بدرجات متفاوتة بالأزمة السورية، وأضاف: «لهذا السبب، اخترت هذه الدول، فلا يمكن حل هذا النزاع من دون انخراط هذه الدول»، معربا عن أمله في جمع قادة الدول الأربع في قمة لمناقشة الملف السوري.