اليمن: هجومان على أنبوبين للغاز والنفط وتحذير من «وضع إنساني حرج»

مسؤول أممي لـ «الشرق الأوسط»: على المجتمع الدولي ألا يترك البلد وحيدا في مواجهة موجة النزوح إلى أراضيه

محتجون يمنيون أثناء احتفال بالذكرى الخمسين للثورة اليمنية التي أطاحت بحكم الإمامة في البلاد سنة 1962
TT

شن مسلحون مجهولون يعتقد بانتمائهم لـ«القاعدة» هجومين على أنبوبين للغاز والنفط جنوب اليمن، بينما حذرت منظمة العفو الدولية من تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، ودعا مسؤول أممي إلى مساعدة البلاد في مواجهة موجات اللاجئين من دول القرن الأفريقي.

واستهدف هجومان نسبا إلى «القاعدة» ليل الاثنين الثلاثاء أنبوبي غاز ونفط في جنوب اليمن حسبما أفاد مسؤولون ومصادر من القطاع الغازي. وقال مسؤول عسكري طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية أن عبوة ناسفة انفجرت فجر أمس تحت أنبوب الغاز الذي يربط بين حقول الغاز في مأرب بوسط البلاد وميناء بلحاف على الساحل الجنوبي. وأكدت شركة «اليمن للغاز الطبيعي المسال» في بيان تعرض الأنبوب «لتخريب» دون أن يسفر ذلك عن سقوط ضحايا. وتملك مجموعة «توتال» الفرنسية 40 في المائة من شركة «اليمن للغاز الطبيعي المسال» التي تشغل الأنبوب.

واتهم المسؤول «عناصر من القاعدة» بالمسؤولية عن التفجير الذي وقع على بعد 25 كيلومترا غرب بلحاف. وقبل ذلك، فجر مسلحون مجهولون منتصف ليل الاثنين الثلاثاء أنبوب النفط في محافظة شبوة بجنوب اليمن حسبما أفاد مسؤول محلي لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال المسؤول إن «مجهولين يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة فجروا أنبوب النفط التابع لشركة النفط الكورية» في شبوة. وأكد المسؤول أنه شاهد «ألسنة اللهب تتصاعد في المنطقة» مشيرا إلى أن «المعلومات الأولية تفيد بوضع المسلحين عبوة ناسفة أسفل الأنبوب».

إلى ذلك، دعا مسؤول أممي المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة لليمن لمواجهة موجة اللجوء التي يشهدها من دول القرن الأفريقي، وقال نفيد حسين، الممثل المقيم للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن، «المفوضية تعمل في اليمن في مجالين رئيسيين الأول يتعلق بالعملية المتعلقة باللاجئين، والثاني يتعلق بالنازحين داخليا» وقال حسين، «نجدد الدعوة إلى المجتمع الدولي بألا يترك اليمن لوحده ونحن دائما نؤكد للعالم أن قضية تدفق الواصلين من القرن الأفريقي، ليست قضية تخص اليمن لوحدها، وإنما هي قضية إقليمية ودولية وهذا هو التحدي الحقيقي الذي نواجهه وهذه هي الرسالة الرئيسية التي نوجهها وهي أن على المجتمع الدولي أن يقف مع اليمن حيال هذه المشكلة، إلى جانب ذلك هناك أكثر من نصف مليون نازح داخلي ونحن نعمل على دعمهم، ويجب على العالم أن يعرف أن اليمن يواجه تحديات كثيرة وأنه بذل جهودا من أجل التغلب عليها، لكن لا بد من دعم المجتمع الدولي لهذه الجهود».

وحول إمكانية وجود عناصر إسلامية متشددة تنتهز فرصة الوصول إلى اليمن من القرن الأفريقي لتنفيذ عمليات إرهابية؛ حيث أعلنت السلطات اليمنية مرارا وجود مسلحين صوماليين في صفوف مقاتلي «القاعدة»، قال ممثل مفوضية شؤون اللاجئين في اليمن، إن «المفوضية يقتصر عملها على دعم اللاجئين وهو عمل إنساني محض، وأنه قد يكون هناك لاجئون أو طالبي لجوء غير مسجلين لدى المنظمة في اليمن، لكن هذه مسؤولية الحكومة اليمنية، وبالنسبة لنا من هم مسجلون يتحركون في البلاد ولدينا ولدى الحكومة اليمنية بياناتهم، كما أن الأماكن التي يوجد فيها اللاجئون كمخيم خرز، لا يمكن السماح بدخول أي نوع من الأسلحة أو المسلحين». وأضاف السفير نفيد حسين، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: أن المفوضية «تقوم بعملها بالتنسيق مع الحكومة اليمنية لأننا دعينا من أجل مساعدة الحكومة في مواجهة قضايا اللاجئين في البلاد ونساعدها في التسجيل وتقديم المساعدة للاجئين، وأود التأكيد على نقطتين هما أن المفوضية لا تدافع عن أي شخص يرتكب أعمالا مخالفة للقانون ومن يعيشون هنا سواء كانوا لاجئين أو غيرهم، عليهم التقيد بقوانين البلاد ويسري عليهم القانون، والنقطة الثانية هي أنه من المهم أنه في حال وجود شخص أو 2 أو 3 تورطوا في مثل هذه الأعمال، فمن الخطأ أن نعمم على الجميع، ولم نتأكد، حتى الآن، من تورط لاجئين في عمليات (إرهابية)، وما يصلنا من معلومات هي عبر وسائل الإعلام والتقارير الإخبارية».

وأشار المسؤول الأممي إلى نشاط إنساني تقوم به المفوضية للنازحين في المحافظات الجنوبية والذين هجروا من مدنهم وبلداتهم جراء المواجهات العسكرية المسلحة، خلال الأشهر القليلة الماضية، بين القوات الحكومية ومسلحي تنظيم «القاعدة»؛ حيث تقدم المفوضية المواد الإيوائية ومستلزمات الطباخة والمستلزمات الأساسية، مشيرا إلى قيامهم بترميم عدد من المساكن في عدن لتكون مكان إيواء بديلا للنازحين بدلا عن المدارس وهو ما أسهم في عودة أكثر من 6 آلاف طالب وطالبة إلى مدارسهم واستئناف الدراسة، إضافة إلى أن المفوضية تعمل بالشراكة مع منظمات أخرى وتسمى «مجموعة الحماية»، إلى جانب مشاريع أخرى نقوم بها كتوفير مولدات كهربائية لبعض المستشفيات القريبة من أماكن وجود اللاجئين، وأكد أن المفوضية تساعد اليمن وعلمنا إنساني محض ولسنا مع أي من الأطراف ضد أطراف أخرى.

وعلى الصعيد الإنساني حذر برنامج الأغذية العالمي في جنيف أمس من أن اليمن ينزلق إلى وضع إنساني حرج، مع معاناة نحو نصف عدد السكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة من الجوع. ويعاني اليمن بسبب ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، خاصة أنه يستورد تقريبا كل احتياجاته الغذائية الرئيسية كالقمح والسكر.

وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة: «يعاني اليمن من أزمة إنسانية تزداد تدهورا بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وزيادة معدلات الفقر وانهيار الخدمات الاجتماعية وتناقص الموارد والصراع الداخلي وعدم استقرار الأوضاع السياسية». ويعاني نحو نصف الأطفال تحت سن الخامسة في اليمن من مشاكل في النمو بسبب سوء التغذية. وأعلن البرنامج أنه يجري التخطيط لإيصال المساعدات الإنسانية لـ5.5 مليون شخص في اليمن بنهاية العام.

وفي سياق آخر حذرت منظمة العفو الدولية أمس من أن اليمن قد يشهد أزمة أخرى في حقوق الإنسان إذا لم تتدخل السلطات على الفور لإنهاء الانتهاكات المستمرة واتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة انتهاكات الماضي. ووفقا لبيان للمنظمة وزعته أمس فإن المنظمة أعدت أجندة من 11 نقطة لتحقيق التغيير في ملف حقوق الإنسان في اليمن حذرت فيها من استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وسط مناخ من الإفلات من العقاب، وهي مشكلة قائمة منذ فترة رسختها الحصانة التي حصل عليها الرئيس السابق علي عبد الله صالح وكبار مسؤوليه في مطلع هذا العام.

وقال فيليب لوثر مدير برنامج شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، «على السلطات اليمنية وضع وتنفيذ أجندة واضحة لحقوق الإنسان من أجل تحقيق التغيير، وينبغي أن تستعين في هذا بمساعدة من المجتمع الدولي لتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت خلال أحداث العام الماضي». وشدد على ضرورة قيام السلطات بتعديل وتمرير قانون للعدالة الانتقالية مطروح حاليا على الطاولة لضمان تحقيق العدالة وإعادة الحقوق لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الماضية.