جهود دولية للتعرف على تركيبة فيروس تنفسي قاتل جديد

الخبراء لا يعتقدون بإمكانية انتشاره من شخص لآخر

TT

أكدت السعودية أنها تتخذ كل الإجراءات الوقائية اللازمة لاحتواء أية حالات من الإصابة بفيروس جديد شبيه بفيروس الالتهاب الرئوي الحاد «سارس» الذي ظهر عام 2002، بينما أكدت منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية البريطانية أن الفيروس جديد تماما، وأنه لا ينتشر بنفس السرعة التي انتشر بها «سارس»، ولا توجد دلائل على انتقاله بين صفوف البشر.

وتجري منظمة الصحة العالمية تحقيقاتها في ظهور الفيروس الجديد الذي أودى بحياة رجل سعودي وترك رجلا قطريا آخر يصارع الموت في مستشفى في لندن، بينما أكدت وكالة حماية الصحة البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يوجد ما يشير إلى خطورة انتشار الفيروس الجديد، الذي لم يسبق رصده لدى الإنسان، بأعداد كبيرة، وأنه لا توجد أية إرشادات جديدة للمتوجهين لأداء فريضة الحج بهذا الشأن، سوى النصائح المتبعة عادة لتأمين صحتهم وسلامتهم.

وأعلنت السلطات السعودية أنها على اتصال دائم بمنظمة الصحة العالمية. وقال الدكتور زياد ميمش وكيل وزارة الصحة للصحة العامة: «يصعب فحص الفيروس في كل أنحاء العالم، وهي ليست طريقة سهلة لا في السعودية ولا في اليابان، كما يصعب التنبؤ بإمكانية انتشار الفيروس من عدمها». ولفت ميمش إلى اقتصار حالات الفيروس في العالم على الحالتين المعلن عنهما سابقا، قضت الأولى في السعودية، والثانية أصابت رجلا من قطر. وقال مصدر في وزارة الصحة السعودية: «تبينّا أن (الرجل القطري) زار السعودية لكن نهاية شهر رمضان المبارك».

وقال الدكتور ميمش: «لا أرى حجما كبيرا للموضوع، ونحن متابعين وعلى اتصالات مع منظمة الصحة العالمية، لمعرفة وتعريف النمط الخاص بهذا الفيروس». وكشف مصدر طبي سعودي لـ«الشرق الأوسط» عن مباحثات جرت يوم أمس، مع منظمة الصحة العالمية تتعلق بتوحيد طريقة الفحص للنمط النادر من الفيروس الجديد وتوحيد الجهود لمناقشة ومحاولة تعريف المرض.

وكانت وزارة الصحة السعودية نشرت بيانا قالت فيه: «تم تشخيص نمط نادر من فيروس (الكرونا) أحد فيروسات الإنفلونزا الموسمية المعروفة، حيث تم تشخيص ثلاث حالات مصابة بهذا الفيروس، الأولى لمواطن سعودي بأحد مستشفيات محافظة جدة، والثانية لمواطن سعودي، والثالث خليجي في بريطانيا مؤخرا، حيث توفي اثنان منهم ، ولا يزال الثالث يتلقي العلاج».

وطالب وكيل وزارة الصحة المصابين بنقص المناعة وكبار السن والأطفال أو أصحاب الأمراض المزمنة، بتوخي الحذر، وأن يتجهوا مباشرة إلى الطبيب إذا ما تعرضوا إلى أعراض المرض لفترة تربو على أربعة أيام.

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس إن الفيروس غير المعروف هذا هو من نفس عائلة فيروس «سارس»، الذي كان قد غزا العالم بسرعة عند بدء انتشاره عام 2002 في أكثر من 30 دولة وأدى إلى هلاك 800 شخص. وينتمي الفيروس الجديد لعائلة الفيروسات الإكليلية - التي تشمل فيروسات البرد أيضا. ونفت المنظمة وجود أي صلة بشرية بين حالتي الإصابة، إذ إن إصابة الرجل السعودي الأولى اكتشفت قبل ثلاثة أشهر من حالة الرجل القطري.

وقالت المتحدثة الرسمية لوكالة حماية الصحة، التي طلبت عدم ذكر اسمها، في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إنه لا توجد أية دلائل على انتقال الفيروس من مصاب إلى شخص آخر، إذ إنه لم يصب أيا من أفراد الطاقم الطبي، رغم مرور فترة تكفي لغزو أمثاله من الفيروسات الإكليلية أجسام أشخاص آخرين وإصابتهم.

وفي توجيهاتها للأطباء، قالت الوكالة البريطانية إن الفيروس الجديد مطابق للفيروس الذي كان قد أصاب الرجل السعودي، بعد أن حلل تركيبته علماء هولنديون لدى دراستهم لعينات من رئته. وهما حالتان مطابقتان فقط للفيروس، فيما توجد حالة ثالثة لشخص تعود أصوله العرقية إلى الشرق الأوسط توفي في بريطانيا قبل أشهر بعد ظهور علامات عليه ربما تكون مماثلة للإصابة بالفيروس.

ولدى سؤالها عن النصائح التي يجب على الأشخاص المسافرين لأداء فريضة الحج اتباعها قالت المتحدثة الرسمية: «إن الوكالة لا تقدم أية نصيحة محددة بهذا الشأن سوى اتخاذ الاحتياطات الخاصة بالصحة والسلامة».

وكان البروفسور جون واتسون، رئيس قسم الأمراض التنفسية في وكالة حماية الصحة البريطانية، قد أعلن في بيان صحافي: «في الوقت الحالي لم يتم اتخاذ عمل محدد بالنسبة للسكان أو للمسافرين العائدين.. ولكننا سنطلع عامة الناس على أية نصائح فور توفر مزيد من المعلومات لدينا».

من جهته قال غريغوري هارتل، المتحدث باسم المنظمة الصحة العالمية: «نحن لا نعرف ما إذا كان (الفيروس) سيقتل أشخاصا كثيرين أو أنه مجرد فيروس يظهر أحيانا ثم يختفي مرة أخرى، بل إننا لا نعرف كيف نقل، وما إذا كان نقل من شخص إلى شخص أو من حيوان إلى إنسان، لذلك لا يمكننا إصدار أي نوع من الأحكام بشأن مدى انتشاره وفتكه فهذا مبكر جدا». ونقلت عنه وكالة «رويترز»: «إنه فيروس إكليلي جديد يسبب الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي بسرعة كبيرة».

ومن بين النصائح التي وجهتها وكالة حماية الصحة البريطانية إلى الأطباء والعاملين الصحيين، عزل المصابين فورا وارتداء العاملين الطبيين للأجهزة الواقية من كمامات ونظارات وقفازات، إضافة إلى ضرورة متابعة صحة أفراد الطاقم الطبي أنفسهم. وقالت الوكالة إن دورة حضانة الفيروس حاليا تبلغ 7 أيام، لذا يتعين رصد أية مشاكل تنفسية لدى أي شخص بعد سبعة أيام من بدء تعامله مع المصاب.

وتشمل أهم أعراض الإصابة بالفيروس ظهور الحمى والسعال ومشاكل التنفس. وقال البروفسور بيتر أوبينشو، مدير مركز الأمراض التنفسية المعدية بجامعة إمبريال كوليدج، في لندن: «إن علينا حاليا مراقبة الأمور لرصد أي انتقال للفيروس من شخص لآخر، وإن حدث هذا فإنه سيكون أمرا صعبا للغاية». وكان المجلس الأعلى للصحة العامة في قطر قد أعلن في وقت متأخر مساء الاثنين «عدم وجود أي حالة أخرى في البلاد باستثناء المواطن الذي يخضع للعلاج في لندن». وأكد مدير الصحة العامة، محمد بن حمد آل ثاني، عدم انتقال العدوى من المريض الذي أمضى شهرين في أحد مستشفيات الدوحة إلى أفراد عائلته والطاقم الطبي الذين كانوا على تواصل معه خلال هذه الفترة. ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية: «قمنا بالفحوصات اللازمة فور تلقينا البلاغ من منظمة الصحة العالمية، ولم نعثر على ما يؤكد أن الفيروس كان معديا».