الكويت: المحكمة الدستورية تنتصر للمعارضة وترفض تعديل الدوائر الانتخابية

الحكومة ترحب والمعارضة تتعهد بمواصلة حراكها حتى حل مجلس 2009

TT

على وقع احتجاجات متصاعدة، أعلنت المحكمة الدستورية العليا في الكويت أمس رفضها طعنا تقدمت به الحكومة الشهر الماضي لتغيير الدوائر الانتخابية، ويعتبر الحكم انتصارا للمعارضة التي قادت احتجاجات بلغت ذروتها مساء أول من أمس (الثلاثاء) قبل ساعات من إعلان الحكم. وكانت المعارضة التي خسرت أكثريتها في البرلمان بسبب حكم آخر للمحكمة الدستورية، اعتبرت إحالة القانون للمحكمة إجراء حكوميا لتطويقها ومنع هيمنتها على البرلمان.

وقضت المحكمة الدستورية لصالح المعارضة، برفضها أمس طعن الحكومة بقانون الدوائر الانتخابية، وهو ما يبقي هذه الدوائر على حالها حيث يقسم القانون الكويت إلى خمس دوائر انتخابية.

ومساء أول من أمس الثلاثاء تجمع نحو 4000 شخص في ساحة الإرادة خارج مبنى مجلس الأمة في مظاهرة هي الأكبر منذ اندلاع الاحتجاجات على خلفية حلّ مجلس الأمة في يونيو (حزيران) الماضي، وطوقت قوات من الأمن مبنى مجلس الأمة الذي تعرض العام الماضي لعملية اقتحام من محتجين ونواب.

وكانت الحكومة الكويتية قد أحالت في أغسطس (آب) الماضي إلى المحكمة الدستورية قانون الدوائر الانتخابية طالبة إصدار حكم بشأن تقسيم الدولة إلى خمس دوائر انتخابية، وهو ما اعتبرته المعارضة سعيا من قبل الحكومة لإصدار قانون يقطع الطريق أمام تشكيلها الأكثرية في البرلمان، ويضعف القوة الانتخابية الموالية لها.

وأصبحت المحكمة ساحة جديدة للصراع بين الحكومة والمعارضة منذ إصدار المحكمة الدستورية في يونيو (حزيران) حكما دستوريا يقضي فعليا بإلغاء الانتخابات التي جرت في فبراير (شباط) الماضي والتي شكلت المعارضة التي يهيمن عليها الإسلاميون غالبية في البرلمان، وأعاد الحكم مجلس الأمة السابق المنتخب عام 2009 الأكثر تقاربا مع الحكومة.

وأوضحت المحكمة الدستورية أن الدستور رسم لكل سلطة من السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية حدود اختصاصها ووظائفها وصلاحياتها ولم يجعل أي سلطة منها تعلو على الأخرى فجميعها خاضعة للدستور وكل منها تستمد كيانها واختصاصها من القواعد التي رسمها لها الدستور ولا يجوز لها بالتالي الخروج عن أحكامه ولا صحة في القول إن التشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية محصنة وراء تعبيرها عن إرادة الأمة ولا هي صاحبة السيادة في الدولة. وأوضحت أن المحكمة الدستورية (مقيدة في قضائها بنطاق الطعن المطروح عليها والمناط في أعمال رقابتها الدستورية) مبينة أنه (حسبما استقر عليه قضاؤها أن يكون أساس الطعن هو مخالفة النصوص التشريعية المطعون عليها لنص في الدستور ولا شأن للمحكمة في بحث مدى ملاءمة هذه النصوص ولا ما ظهر فيها من قصور ومثالب من جراء تطبيقها ولا بالادعاء بأن تلك النصوص لم تؤت أكلها وتحقق غاياتها).

وقالت المحكمة «لما كان ذلك وكانت المحكمة لا تملك إلزام المشرع بتحديد عدد الدوائر الانتخابية أو تقسيمها على نحو معين بالتالي فإنه ليس من شأن تحديد القانون في المادة الأولى منه الدوائر الانتخابية بخمس دوائر أن يشكل في حد ذاته مخالفة لنص الدستور».

وأضافت أن «هذه المحكمة مجردة من الوسائل القضائية التي تعيد بها تحديد هذه الدوائر ومكونات كل دائرة منها بإدخال المناطق المقول إن الجدول المرافق للقانون قد أغفل إدراجها ضمن أي من الدوائر الانتخابية المشار إليها».

وخلصت المحكمة في حكمها أنه «ترتيبا على ما تقدم يكون الطعن على غير أساس حريا برفضه فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الطعن».

إلى ذلك، عقدت الحكومة الكويتية اجتماعا استثنائيا صباح أمس برئاسة رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية الشيخ أحمد حمود الجابر الصباح. وبعد الاجتماع صرح وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح بأن المجلس «يؤكد أن الحكومة قد حرصت من خلال اللجوء إلى المحكمة الدستورية بالطعن في دستورية القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة في ضوء ما أثاره غالبية الفقهاء والخبراء الدستوريين والمستشارين حول عدم دستورية القانون المشار إليه وعزم البعض على مباشرة الطعن فيه»، وأضاف أن الحكومة «حرصت على توكيد إرادة الأمة من خلال التأكد من دستورية أحكام هذا القانون وبما يجنب الدولة ومؤسساتها أي فوضى قانونية أو إرهاق سياسي ناجم عن الوضع الخاطئ الذي أكد معظم هؤلاء الخبراء والفقهاء أنه يشوب قانون الدوائر الانتخابية ما قد يخلق فراغا تشريعيا».

وأضاف أن مجلس الوزراء «يؤكد احترامه الكامل لكل الأحكام الصادرة من قضائنا العادل ومنها حكم المحكمة الدستورية الماثل والتزامه التام بتطبيقه وفقا للدستور والقانون ومقتضيات المصلحة الوطنية».

مضيفا أن مجلس الوزراء أصدر قراره للجهات المختصة بسرعة دراسة حكم المحكمة الدستورية وآثاره لوضع الخطوات الجادة والسريعة لتنفيذ مضمونه.