القضاء الجزائري يبرئ 37 من أنصار بن حاج اتهموا بتنظيم مظاهرات منددة بـ«تزوير» الانتخابات

بعدما طالبت النيابة العامة بمعاقبتهم بالسجن النافذ 6 أشهر

TT

برأ القضاء الجزائري 37 شخصا من أتباع القيادي الإسلامي المعارض علي بن حاج، بعد أن وجهت لهم النيابة تهمتي «التجمهر غير المسلح» و«الإخلال بالنظام العام».

وتتمثل الوقائع في خروج هؤلاء إلى الشارع للتظاهر ضد «تزوير» انتخابات البرلمان التي جرت في 10 مايو (أيار) الماضي. وتقول الشرطة إن المظاهرات خرجت بإيعاز من بن حاج.

وتلقى من يوصفون بـ«أنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، أمس بارتياح قرار محكمة الجنح بالجزائر العاصمة، بتبرئتهم من التهمتين. وتعالت صيحات «الله أكبر» بالمحكمة، أطلقها أقارب المعتقلين الذين ينتمون للتيار الإسلامي المتجذر في الأحياء الشعبية الفقيرة بالضاحية الجنوبية للعاصمة.

وقالت «جبهة الإنقاذ» في بيان، تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن النيابة طالبت بمعاقبة المتهمين بالسجن النافذ مدة ستة أشهر، لكن القاضي لم يقتنع بالوقائع الموجودة بالملف، حسب البيان الذي يضيف: «بعض الإخوة يبلغ من العمر 76 سنة، وآخرون أعمارهم 60 و50 و40 سنة، ويوجد ضمنهم شباب».

وأوضح البيان أن وقائع القضية تعود إلى أواخر مايو (أيار) الماضي «عندما خرجت مجموعة من المصلين؛ قطاع منهم من أنصار الجبهة الإسلامية، بقيادة الشيخ علي بن حاج، في مسيرة احتجاجا على نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من نفس الشهر، ومطالبين بحل البرلمان الجديد بسبب تزوير الانتخابات».

وأضاف البيان أن المتظاهرين «طالبوا بحق الجبهة الإسلامية للإنقاذ في العودة إلى العمل السياسي، ونددوا بالحيف الذي يلحق بشريحة كبيرة من المجتمع الجزائري التي تؤمن ببرنامج الجبهة».

وأفاد بيان الحزب المحظور بقرار قضائي صدر عام 1992، أن بن حاج ألقى كلمة على أنصاره أمام المحكمة «أكد فيها تنديده بمحاكمة الإخوة، وشدد على حق المواطنين في تنظيم مظاهرات سلمية»، مشيرا إلى اعتقال شخصين أمام المحكمة، بحجة أنهما كانا يصوران مشاهد الابتهاج ببراءة المعتقلين. ويقول البيان إن الشرطة أفرجت عنهما في آخر النهار.

ومنعت الحكومة نشطاء «الإنقاذ» من تأسيس أحزاب، ومن الوجود في مراكز قيادية بها. وتم تدوين ذلك في مسودة قانون الأحزاب الجديد الذي صادق عليه البرلمان مطلع العام الحالي. لكن اللافت أن القانون لا يذكر أحدا منهم بالاسم، بل يشير إليهم بصيغة «المتسببين في المأساة الوطنية»، وهو وصف يطلق على مرحلة العنف الدامي الذي تقول السلطات إن قيادات «الإنقاذ» ومناضليها يتحملون مسؤوليته. أما «الإنقاذ» فتقول إن السلطة «تآمرت على إرادة الشعب» عندما منعتها من الوصول إلى البرلمان بإلغاء نتائج الانتخابات التي فاز بها الإسلاميون أواخر 1991.

والغريب في قضية محاكمة الإسلاميين الـ37، أن بن حاج لم يتعرض للمتابعة مع أن المسيرات في الشارع كانت بإيعاز منه، وانطلقت من مسجد بالضاحية الجنوبية في العاصمة، يخاطب فيه المصلين كل يوم جمعة، ويتعاطى معهم في قضايا سياسية داخلية، وغالبا ما يهاجم السلطة، خاصة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

واعتقلت الشرطة بن حاج عشرات المرات بعد انتهائه من إلقاء الدرس بعد صلاة الجمعة مباشرة. وفي كل مرة يطلب منه ضباط الأمن التوقف عن دعوة المصلين إلى الاحتجاج، لكنه يرفض على أساس أنه يعتبر ذلك «من واجباتي التي يمليها علي الشرع». ويعود مجددا إلى مسجده المفضل «الوفاء بالعهد» ليخطب في الناس.