مواجهات بين قوات الأمن الأردنية واللاجئين السوريين في مخيم «الزعتري»

بعد أن منعت القوات الأردنية 250 لاجئا ممن يقطنون المخيم من مغادرته

TT

تضاربت الأنباء حول عدد الإصابات التي نجمت المواجهات التي اندلعت مساء أول من أمس بين قوات الأمن العام والدرك الأردنية واللاجئين السوريين في مخيم الزعتري شمال شرقي عمان في محافظة المفرق.

وقال مصدر أمني أردني إن عدد الإصابات بين رجال الأمن 5 إصابات بين الطفيفة والمتوسطة و3 إصابات بين اللاجئين السوريين إثر اندلاع «أعمال شغب» من جانب اللاجئين السوريين داخل المخيم إلا أن مصادر إعلامية تقول إن عدد الإصابات وصل إلى 26 إصابة بين الجانبين.

وأشار المصدر إلى أنه تم اعتقال 7 لاجئين سوريين تم تصنيفهم من مثيري الشغب داخل المخيم احتجاجا على ما وصفوه بـ«ظروف إقامتهم السيئة داخل المخيم».

وأوضح المصدر أن نحو 250 لاجئا سوريا ممن يقطنون في مخيم «الزعتري» أرادوا الخروج من المخيم غير أن قوات الدرك الأردنية منعتهم فأقدموا على حرق إحدى الخيام وقلبوا «كرفانا» مخصصا للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية وأغلقوا الطريق الداخلي للمخيم بواسطته، كما رشقوا المجموعات الموجودة داخل المركز الأمني بالمخيم بالحجارة مطالبين بفتح باب العودة إلى سوريا.

وأضاف المصدر أن العشرات من سكان مدينة المفرق احتجوا مساء أمس على ما وصفوه بـ«سوء أخلاق اللاجئين السوريين وافتعالهم أعمال الشغب»، مشيرا إلى أن سكان المفرق تظاهروا في أحد الشوارع الرئيسية بالمدينة احتجاجا على ممارسات اللاجئين السوريين وافتعالهم أعمال الشغب وقاموا بإشعال إطارات السيارات وأغلقوا الطريق حيث تعمل قوات الأمن على تفريقهم.

وأشار المصدر إلى أن اجتماعا أمنيا رفيع المستوى عُقد أمس الثلاثاء بمحافظة المفرق في أعقاب يوم من أحداث الشغب التي وقعت في مخيم الزعتري.

يشار إلى أن أعمال الشغب التي وقعت أول من أمس ليست الأولى التي تندلع داخل المخيم حيث سبق أن اندلعت أعمال شغب أكثر من مرة كان آخرها في 28 أغسطس (آب) الماضي أصيب على أثرها نحو 28 فردا من عناصر قوات الأمن العام والدرك الأردنية كانت إصابة أحدهم خطرة واستخدمت حينها قوات الدرك القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين داخل المخيم الذي يضم حاليا نحو 33 ألفا من اللاجئين السوريين.

وأثارت المواجهات بين اللاجئين السوريين المحتجين على تردي الأوضاع المعيشية لهم في مخيم الزعتري وقوات الأمن العام والدرك ردود فعل متباينة، حيث اعتبرها مواطنون تجاوزا من «اللاجئين على أصول الضيافة»، ورأى فيها ناشطون مناسبة للتذكير بتردي أوضاعهم في المخيم باعتباره «مكانا مناسبا للموت البطيء»، بحسب وصفهم.

ووجهت الكثير من الجهات انتقادات للمخيم بسبب موقعه، وخاصة أن المنطقة المقام عليها صحراوية وكثيرة الغبار.

وقالت لاجئة تبلغ من العمر 50 عاما إنها اضطرت للمسير مسافة كيلومتر داخل المخيم للحصول على شربة ماء «ساخنة» على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق.

فيما يقول مصدر إغاثي إن الحياة في المخيم «مؤلمة» وإن من بين الأمثلة الكثيرة على تردي الظروف المعيشية للاجئين السوريين انعدام المرافق الصحية، وهي «بالغة السوء» ما يضطر اللاجئين إلى قضاء حوائجهم الطبيعية في الخلاء حيث إن كل 150 لاجئا سوريا يشتركون في «مرحاض» واحد، ما يؤدي إلى إصابتهم بالإسهال وأمراض أخرى.

ودعا الجهات المعنية والمانحة إلى توفير المياه ‏المأمونة وخدمات الصرف الصحي الكافية، محذرا من أن رداءة المياه والمرافق الصحية وانعدام النظافة الصحية مما يسبب مضاعفات خطيرة كثيرة أخرى للاجئين.

وتقول اللاجئة أم محمد (60 عاما)، إنها تفضّل الموت على البقاء في «سجن الزعتري»، وقضاء حاجتها في العراء أمام المئات من أبناء جلدتها.

وأضافت اللاجئة: هربنا من بطش ذوي القربى في سوريا وخوفا من انتهاك أعراضنا، إلا أن اشتراك المئات من اللاجئين بمرحاض واحد أمر مخجل لانتهاكه آدمية البشر.

وقالت اللاجئة الفارة من مدينة حماه إن النظام السوري قطع الكهرباء والاتصالات والمؤن عن مدينتها إلا أنها لم تفكر بمغادرتها إلا عندما سرت شائعة بوقوع حوادث اغتصاب للفتيات ففرت خوفا على بناتها وحفيداتها.

وبينت أم محمد أن الحياة في مخيم الزعتري لا تقل سوءا عنها في سوريا، وأن المئات من اللاجئين الذكور والإناث يشتركون في مرحاض واحد، ما يخدش حياء اللاجئين ويدفع بعضهم إلى تحمل الألم والتقليل من الطعام والشراب لقضاء حوائجهم في العراء ليلا.

واعتبر مواطنون في المفرق أن ما قام به بعض اللاجئين السوريين من اعتداء على عناصر الأمن والدرك مخالف للتقاليد العربية التي توجب احترام الضيف للمضيف خاصة أن الأردن بلد فقير وإمكاناته بسيطة للغاية وعدد اللاجئين بالنسبة للأردن نحو 5% من تعداد الشعب الأردني وهذا يشكل عبئا رهيبا على الدولة.

وأعربت الحكومة الأردنية على لسان الناطق الرسمي باسمها، سميح المعايطة عن استهجانها ورفضها لإقدام مجموعات من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري على الاعتداء على رجال الأمن العام وقوات الدرك مما أدى إلى إصابة عدد من رجال الأجهزة الأمنية وإثارة الشغب داخل المخيم في الوقت الذي تبذل فيه الأجهزة الأمنية والمنظمات الإنسانية والجهات الحكومية المعنية جهودا مضنية لتقديم الخدمات لهم.

وأكد المعايطة في بيان، أن الحكومة ستتعامل بحزم ووفق أحكام القانون مع أي تجاوز واستفزاز وخروج عن الأعراف، وتؤكد أولوية كرامة الإنسان الأردني وأمن أفراد كل المؤسسات الأمنية والمدنية بالتوازي مع حرص الأردن على تقديم كل الخدمات للأشقاء السوريين.

على صعيد متصل انخفضت أعداد اللاجئين السوريين العابرين للأردن تدريجيا وعلى نحو ملموس الأسبوع الماضي، إذ بلغ عد الواصلين إلى الأردن خمسة لاجئين فجر الأحد، في حين ارتفع بشكل ضئيل، فجر الاثنين بدخول 171 لاجئا، بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وأوضح ممثل المفوضية في الأردن أندرو هاربر، أن الأعداد تفاوتت في أيام الأسبوع الماضي بوصول 500 لاجئ في ليلة واحدة، بينما شهد اليوم التالي دخول 300 وصولا إلى 60، وأخيرا 5 لاجئين فقط أول من أمس.

ورجح المسؤول الأممي السبب وراء انخفاض الأعداد، إلى «صعوبة المرور والوضع الأمني قرب الحدود».

وكانت أنباء نقلت في الأيام الأخيرة، تعذر المرور عبر الممرات المعتادة للهروب من الأراضي السورية ودخول الأردنية، بسبب تواصل القصف من الجيش النظامي السوري، لمنع عمليات اللجوء، والمترافق مع تعزيز للوجود الأمني على الجانب الحدودي السوري، بعد استعادة النظام للسيطرة على بلدة تل الشهاب الحدودية، التي يتجمع فيها اللاجئون السوريون قبل عبورهم إلى المملكة.

إلى ذلك، وصل العدد الإجمالي للاجئين السوريين المسجلين رسميا لدى المفوضية، والذين هم بانتظار التسجيل الرسمي إلى نحو 93 ألفا، بحسب هاربر، فيما فاق عدد السوريين الموجودين في المملكة 220 ألفا، ممن دخلوا للأردن بعد اندلاع الأزمة السورية في مارس (آذار) 2011.

ومن جانبه أكد وزير الداخلية الأردني غالب الزعبي ضرورة تطبيق القانون على كل من تسول له نفسه إحداث شغب في المملكة أو إيقاع الضرر بالممتلكات العامة والخاصة، سواء أكان مواطنا أردنيا أو لاجئا سوريا.

ونبه الزعبي، خلال اجتماع أمس (الثلاثاء) لرؤساء الأجهزة الأمنية في قطاع الشمال بمقر وحدة الدرك في محافظة المفرق (75 كم شمال شرقي عمان) بحضور ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى الأردن آندرو هاربر، إلى أن الدولة الأردنية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أعمال الشغب التي يحاول بعض اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري إثارتها بين الحين والآخر، مشيرا إلى أن التحقيق جار مع عدد من اللاجئين السوريين ممن ثبتت مشاركتهم وضلوعهم في أعمال الشغب.

وشدد الزغبي عقب زيارته لمخيم الزعتري للاجئين السوريين للوقوف على تفاصيل أحداث الشغب التي جرت مساء أمس في المخيم رافقه خلالها مديرا الأمن العام والدرك الأردنيين في هذا الصدد - على أنه سيتم تطبيق القانون الأردني الأمني على مثيري الشغب حال انتهاء التحقيقات معهم وتحويلهم إلى المحاكم المختصة.

وأوعز إلى القائمين على المخيم بضرورة تنفيذ الخطة الأمنية التي وضعت والتي تنص في أحد بنودها على فصل الشبان الفرادى (العزاب) عن العائلات؛ تلافيا لوقوع مزيد من أعمال الشغب مستقبلا؛ لأن معظم مثيريها من الشباب.

وشدد على ضرورة أن لا يمنح أي لاجئ سوري في مخيم الزعتري كفالة إلا بعدما يتم إجراء دراسة شاملة لطلبه والتأكد من حاجته القصوى لذلك، لافتا إلى ضرورة أن يعي الجميع أن مثيري الشغب في المخيم ما هم إلا قلة قليلة لا يمثلون اللاجئين السوريين الموجودين في الأراضي الأردنية ككل.