السعودية تؤكد التزامها سيادة القانون والعدالة بما يتلاءم مع ما حدده ميثاق الأمم المتحدة

نائب وزير الخارجية السعودي التقى العاهل الأردني وترأس جلسة مباحثات وزراء خارجية دول مجلس التعاون مع نظيرهم الألماني

الأمير عبد العزيز بن عبد الله مترئسا الوفد السعودي في نيويورك (واس)
TT

أكدت المملكة العربية السعودية التزامها سيادة القانون، بالشكل الذي يتلاءم مع ما حدده ميثاق الأمم المتحدة، وأهمية أن يبقى هذا الميثاق الذي نص على أهمية الحرية.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي أمام الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد أول من أمس في المقر الرئيسي للأمم المتحدة بنيويورك بشأن سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي، وذلك في مستهل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ67.

وقال الأمير عبد العزيز الذي يرأس وفد بلاده في الاجتماعات: «إنني أؤكد التزام المملكة العربية السعودية سيادة القانون، بالشكل الذي يتلاءم مع ما حدده ميثاق الأمم المتحدة، وإننا نؤكد أهمية أن يبقى هذا الميثاق الذي نص على أهمية الحرية، والسيادة، والعدالة للجميع، وأن نضعه نصب أعيننا خلال جهودنا لخلق مستقبل مشرق لأبنائنا الذين سيرثون عالمنا بمشكلاته وتحدياته».

وأضاف: «ولعل وجودنا هنا يمثل اليوم إعلانا واضحا بعدم وجود نموذج واحد لسيادة القانون، وبأهمية الحوار المستمر حول التطبيقات الوطنية المختلفة والناجحة في هذا المجال، فنجاح نموذج في مكان واحد في العالم لا يعني بالضرورة عدم إمكانية نماذج أخرى من النجاح في أرض أخرى يعتنق أهلها ما يختلف من التقاليد والعادات».

وبين أن السعودية «تأسست على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وشرع الله الذي هو أساس العدل والمساواة، وسنة رسوله الكريم» وقال: «لقد تضمنت تلك المبادئ مختلف صور التعاون والتناغم البشري، لقد علمنا الله ورسوله أننا لا نؤمن حتى نحب لبعضنا ما نحب لأنفسنا، وكذلك أن من قتل نفسا بغير حق، فكأنما قتل الناس جميعا، وعلى هذه المبادئ تأسس القانون والحكم في بلادي».

وأضاف: «إننا نأتي من ثقافات مختلفة، نمثل أديانا عدة، ومفاهيم قد تكون في ظاهرها متضادة وغير متلائمة، ولكنها في حقيقة الأمر متناغمة، فهدفنا واحد، وهو خلق عالم نتخلى فيه عن كل تعصباتنا واختلافاتنا، لنعيش في أمن وسلم دائمين».

وأوضح أن «الفكر القانوني الإسلامي يتفق في أصوله مع مفهوم سيادة القانون، إذ إنه يتفق مع التفسير الشكلي للمفهوم المتعلق بوجوب قانون ينظم جميع شؤون المجتمع، ويتفق أيضا مع التفسير الجوهري لمفهوم سيادة القانون، المتمثل في التزام سلطات الدولة القانون».

وقال نائب وزير الخارجية السعودي: «إن مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحكم بلادي، نموذج لقانون كامل متكامل، يستند إلى مبادئ الشورى والعدل والمساواة والكرامة، فلا مجال في شرع الله للتفرقة بين الناس بسبب لونهم أو جنسهم أو لغتهم، ولذلك فإن ديننا يدعو إلى محاسبة الغني والفقير على قدم سواء. لقد أوجبت الشريعة احترام حقوق الإنسان، من ضرورة حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وبهذا فإن حقوق الإنسان في الإسلام تشمل الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتعدى أهمية حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية مجرد كونها قانونا، بل إنها ركن مقدس من عقائدنا، وجزء لا يتجزأ من معتقداتنا وإيماننا لا يقبل المساومة أو التأويل».

وأوضح نائب وزير الخارجية السعودي أن بلاده تعي أنها تعيش في عالم متفاعل ومتغير، «ولكننا نرى في ذلك التطور المستمر فرصة للتقارب والتوافق أكثر منها خطرا للتباعد والاختلاف، وإن الأحداث التي تطرأ في مختلف أقطار الأرض لهي دروس، أولى بنا أن نتعلمها لتكون أساسا لسد الفجوات التي تبعدنا. وإننا نؤكد ضرورة عدم انفراد دولة بإصدار تشريعات أو قوانين قد تؤدي إلى خلق بلبلة في التوازن الاقتصادي أو المالي في منطقتها أو العالم من دون حق».

وأكد ضرورة التعاون الدولي المبني على المسؤولية المشتركة، بما يتلاءم مع أسس القانون الدولي، في مختلف المجالات، سواء كان في مجال محاربة وتفكيك الشبكات المخالفة للقانون، أو الجريمة المنظمة، أو غسل الأموال، أو الاتجار بالأسلحة أو البشر، وقال: «إننا نؤمن بأن كل هذه المخالفات لهي خطر شديد على الأمن والسلم الدوليين»، وأضاف: «إن المملكة العربية السعودية من منطلق التزامها الميثاق العام للأمم المتحدة، تبذل كل ما يسعها من جهد لتكون من الأعضاء الفاعلين في هذه المنظمة، وتعهدنا لا يقف فقط عند إصدار التشريعات الوطنية الملائمة والالتزام بالقرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن، بل يتعدى ذلك إلى بذل ما نستطيع من جهد لإرساء الحق والعدالة، فمبادرة خادم الحرمين الشريفين لتأسيس مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ما هو إلا نموذج لالتزامنا بلعمل الجماعي لحفظ الأمن والسلم الدوليين، وهما من أهم أهداف سيادة القانون».

واختتم كلمته مؤكدا أن السعودية تؤكد أهمية مبدأ السيادة، وحق كل دولة في أن تمارس حريتها السياسية المستقلة في أراضيها من دون تهديدات خارجية باستخدام القوة، وقال: «ولكننا في الوقت ذاته لا نتهاون في حق كل شعب في أن يعيش من دون اضطهاد في أراضيه، وأن ينعم بثرواته وموارده الطبيعية ليحظى بالتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية اللازمتين للاستقرار. إن العدل أساس الملك، وللأسف فإننا نرى في عالمنا هذا نماذج مشينة، يتم اغتصاب أراضي السكان الأصليين فيها، ويتم كبت وقتل الشعوب لمجرد مطالبتهم بحريتهم».

ورأس جانب دول مجلس التعاون الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي بصفة أن السعودية «دولة الرئاسة الحالية»، وذلك بحضور وزراء خارجية دول المجلس، والأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، بينما ترأس الجانب الألماني وزير الخارجية الدكتور غيدو فسترفيلي. وتم خلال الاجتماع بحث سبل تطوير التعاون بين دول المجلس وجمهورية ألمانيا الاتحادية في مختلف المجالات بما يؤدي إلى تعزيزها وتطويرها، كما استعرض الجانبان الأوضاع في المنطقة العربية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.