اليمن: الاحتفال بذكرى الثورة بعيدا عن «ميدان التحرير» لأول مرة منذ 50 عاما

أنصار صالح يتمركزون في الميدان وتشديد الإجراءات الأمنية

TT

احتفلت اليمن، أمس، لأول مرة منذ 50 عاما بذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر (أيلول) عام 1962، في مكان آخر غير المكان الذي اعتاد اليمنيون على إقامة الاحتفالات فيه، وهو «ميدان التحرير» بوسط العاصمة صنعاء؛ حيث أقيم الاحتفال باليوبيل الذهبي للثورة، مساء أول من أمس، في ساحة مجمع العرضي التابع لمكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الدفاع، وسط أسوار محصنة أمنيا في حي «باب اليمن» قرب صنعاء القديمة.

وعادة ما توقد شعلة الثورة عشية الذكرى الوطنية في اليمن في «ميدان التحرير» الذي يقع بالقرب من «قصر البشائر» – سابقا، والذي كان مقرا لحكم الإمامة المتوكلية لليمن قبيل قيام الثورة، إلا أن مراسيم الاحتفال لم تقم في الميدان كما هي العادة لأول مرة منذ قيام الثورة قبل 50 عاما، وذلك بسبب المخيمات التي يقيمها أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في الميدان منذ اندلاع الاحتجاجات التي طالبت برحيله عن السلطة مطلع عام 2011؛ حيث عمد أنصاره أو من يسمون «البلطجية» إلى احتلال الميدان خشية أن ينتقل إليه شباب الثورة على غرار ما جرى في مصر.

وعلى الرغم من أن كثيرا من خيام أنصار صالح أبعدت الأيام الماضية بعد نصب منصة الاحتفالات، خاصة بعد أن تناقص الدعم المالي والتغذية التي كانوا يحصلون عليها من خزينة الدولة ومن حزب المؤتمر الشعبي العام، إلا أن الاحتفال بإيقاد الشعلة أقيم في ساحة «العرضي»، وهو مجمع عسكري مهم في صنعاء ويرجع إلى عهد حكم الدولة العثمانية لليمن، وقالت مصادر حكومية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن «ميدان التحرير» ليس مكانا آمنا لإقامة مثل هذا الاحتفال الذي شارك فيه أمين العاصمة، عبد القادر هلال، ورئيس هيئة الأركان، اللواء الركن أحمد علي الأشول وعدد من الوزراء في حكومة الوفاق الوطني، وشارك فيه قرابة 1000 من الشباب والفتيات في عروض فنية وكشفية واستعراضية بمناسبة الذكرى.

وأشارت المصادر إلى أن الأوضاع الأمنية الصعبة في صنعاء والتي تجلت في سلسلة من التفجيرات الانتحارية، الأشهر الماضية، والتي أوقعت عددا من القتلى والجرحى، بينهم عدد من الجنود الذين كانوا يتدربون للاستعداد لحفل ذكرى قيام الوحدة اليمنية في الـ21 من مايو (أيار) الماضي، وغيرها من التفجيرات وعمليات الاغتيالات التي طالت قادة عسكرية وضباطا في أجهزة المخابرات اليمنية، ودللت المصادر على صعوبة الأوضاع الأمنية بإقامة الحفل في ساحة مجمع الدفاع وإقامة العرض العسكري المعتاد، أمس، في ساحة الكلية الحربية وسط إجراءات أمنية مشددة.

وتشكل «القاعدة» واحدة من أهم التهديدات الأمنية في اليمن، في الوقت الراهن، إضافة إلى انتشار جماعات مسلحة قبلية ودينية متشددة كجماعة الحوثي وغيرها، ويؤثر وجود هذه الجماعات المسلحة على الأوضاع الأمنية في اليمن ويعتقد المراقبون أنهم أهم التحديات التي تواجه اليمن في المرحلة الراهنة وفي المستقبل القريب.

وجاء احتفال اليمن بذكرى اليوبيل الذهبي لثورة 26 سبتمبر، لأول مرة منذ قرابة 33 عاما في غياب الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تنحى عن السلطة في ضوء الضغوط الشعبية والمبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، كما أن الاحتفال أقيم في غياب الرئيس الانتقالي، عبد ربه منصور هادي، الذي يقوم بجولة غربية تشمل بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، وعبر هادي، في خطاب بثه التلفزيون اليمني بصوت أحد المذيعين، عن أسفه لمصادفة ذكرى الثورة مع وجوده خارج اليمن.