ليبيا: جنازة شعبية مهيبة للثائر الذي اعتقل العقيد القذافي

موقف عائلته يتأرجح بين الانتقام وانتظار موقف السلطات من قاتليه

نعش الثائر بن عاشور محمولا على الأكتاف في مصراته أمس (رويترز)
TT

بمقاييس حاكمه الراحل فهو «أحد الجرذان»، لكن بمقاييس شعبه فهو «أحد الأبطال»، هكذا باختصار كانت حياة الشاب عمران جمعة بن عاشور، الذي شيعت جنازته في ساعة مبكرة من صباح أمس، فهو أول ثائر ليبي يعتقل العقيد معمر القذافي قبل قتله في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في مسقط رأسه بمدينة سرت.

وتوفي عمران قبل يومين فقط بأحد المستشفيات الفرنسية في باريس متأثرا برصاصتين، إحداها في العنق والثانية في البطن، أصيب بهما خلال تعرضه للاحتجاز من قبل مجموعة مسلحة وصفتها السلطات الليبية بأنها خارجة عن القانون في منطقة بني وليد.

لم ينل الشاب الذي تمكن من اعتقال القذافي للوهلة الأولى مكافأة المليون دولار التي كان المجلس الانتقالي السابق في ليبيا قد حددها لمن يعتقل أو يقتل العقيد الراحل أو يدلي بمعلومات عنه خلال الحرب ضد نظامه العام الماضي، لكنه نال في المقابل رصاصتين قاتلتين في بلدة بني وليد آخر معاقل القذافي، كانتا كفيلتين بإنهاء حياته لاحقا بشكل مأساوي بأحد مستشفيات باريس. واشتهر الشاب عمران في ليبيا والعالم وبات بطلا محليا يشار له بالبنان بعدما ظهر في عدة صور وتسجيلات فيديو وهو يمسك بالديكتاتور القذافي قبل أن يقتل بساعة تقريبا. وفي مشهد جنائزي مهيب يليق بتكريم من وصفه المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بـ«الشهيد البطل»، شيع أكثر من عشرة آلاف من سكان وأهالي مدينة مصراتة ابنهم الثائر عمران، في غياب المسؤولين في المؤتمر الوطني العام والحكومة الانتقالية. وقد أدى الآلاف من مصراتة وخارجها صلاة الجنازة على جثمان عمران في المدينة الرياضية التي ينتمي إليها. وكان عمران البالغ من العمر 22 عاما قد اختطف في شهر يوليو (تموز) الماضي من قبل رجال مسلحين في غرب البلاد بعد مطاردة، وقد أفرج عنه وهو في حالة الخطر بعد وساطة قام بها رئيس المؤتمر الوطني محمد المقريف الذي توجه الأسبوع الماضي إلى بني وليد، ونقل عمران إلى باريس للمعالجة، ولكنه توفي الاثنين الماضي متأثرا بجروحه.

وبينما حاصرت قوات القذافي مصراتة لأسابيع خلال قتال العام الماضي كانت بني وليد إحدى آخر البلدات التي سقطت في أيدي الثوار، وهو ما يعني أن كل مدينة أيدت جانبا مختلفا في الصراع.

وتجدد التوتر بين مصراتة وبني وليد في وقت يحاول فيه زعماء ليبيا الجدد بسط سيطرتهم على المجموعات المسلحة بعد مقتل سفير الولايات المتحدة في هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في الحادي عشر من الشهر الجاري. وكان جثمان عمران قد حل بمطار مصراتة الدولي قادما من فرنسا حيث تسابق أهالي مصراتة لاستقباله، ما دفع السلطات الليبية إلى عدم السماح بالدخول سوى لأهل الفقيد وأصدقائه، بالإضافة إلى عدد من القادة الميدانيين من كتائب الثوار، وبعض المسؤولين من المجلس العسكري المحلي.

وبرز أمس تضارب في مواقف عائلة عمران، وفيما حذر شقيقه شعبان أمس من التسرع والانفعال الشعبي داخل مصراتة تجاه ما حدث، وأوصى باتباع الحكمة والعقل والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في مدينة بني وليد، توعد شقيقه الآخر ويدعى وليد وهو قائد كتيبة لمتمردين سابقين، بالانتقام من مختطفي وقتلة أخيه، قائلا: «سوف ننتقم عسكريا ولكن بشكل شرعي».

وقال وليد «خطفته مجموعة إجرامية أثناء عودته. الجزء الأسفل من جسمه به آثار طلقات نارية وقد تعرض للتعذيب»، مضيفا: «سوف نمنح السلطات الفرصة للقيام باللازم وإذا لم تفعل شيئا فنحن نعلم ماذا سنفعل».

وقال الشخص الذي قام بغسل جثمان عمران في شهادة مصورة بثها ناشطون ليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، إن آثار التعذيب وإصابته بعيارات نارية كانت واضحة تماما على جسده الذي ظهر قبل دفنه مسجى ومغطى بالقماش الأبيض وفق الشريعة الإسلامية.