جدل حول تعداد المسيحيين في مصر

آخر تعداد كان 1986.. ومصادر كنسية تؤكد أن عددهم يتراوح بين 15 و18 مليونا

TT

أثار إعلان اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن عدد المسيحيين في مصر يبلغ نحو 5 ملايين مواطن، جدلا واسعا بين الأوساط المسيحية التي رفضت هذا التعداد، فيما أكدت مصادر كنسية أن عدد المسيحيين في مصر يتراوح بين 15 و18 مليون مواطن.

وقال الجندي، في تصريح لقناة «التحرير» الفضائية الخاصة، إن عدد المسيحيين في مصر يبلغ 5 ملايين و130 ألف مواطن، وإنهم الأعلى اجتماعيا والأكثر هجرة والأقل في الإنجاب. إلا أن الجندي في حواره مع صحيفة «روزاليوسف» الحكومية في عددها الصادر أمس قال: إن «تحديد نسبة المسيحيين في مصر توقف عند عام 1986، وكان وقتها عددهم 5.7 مليون نسمة، وبعد ذلك لم يحدث تحديد دقيق لتعدادهم بسبب أن الأمم المتحدة ذكرت أن سؤال الديانة في التعداد يكون اختياريا وذلك للقضاء على التمييز على أساس الدين، ولذلك فإن التعدادات التي حدثت بعد عام 1986 لا يمكننا من خلالها الجزم بعدد محدد لمسيحيي مصر، لأن السؤال اختياري لا يلزم أحد بوضع ديانته، وبالتالي فإن ذلك يجعل الإحصاء غير دقيق (..) والجهة الوحيدة التي يمكنها تحديد عدد مسيحيي مصر بدقة هي وزارة الداخلية». وتعد هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها عن إحصاء رسمي بعدد المسيحيين في مصر، حيث امتنعت أجهزة الدولة في عهد نظام الرئيس السابق حسني مبارك عن تقديم أي أرقام بهذا الخصوص، فيما قدر البابا شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس الراحل عدد أتباع الكنيسة بأنهم 12 مليون مواطن. من جانبه، رفض الأنبا باخوميوس، قائم قام بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية هذا الإحصاء، وتساءل ساخرا قائلا: «هل هذا الإحصاء خاص بالمسيحيين في حي شبرا فقط أم ماذا؟». ويقطن عدد كبير من المسيحيين في حي شبرا القاهري، الذي يضم عددا كبيرا من الكنائس. وقال الأنبا باخوميوس «ما هي دلالة هذه التصريحات في هذا التوقيت الذي تمر به مصر بتحولات هامة، وشهدت بعض التوترات الطائفية»، معتبرا أن هذا الإحصاء يعني أن مصر أصبحت طاردة للمسيحيين. وأوضح قائم قام البطريرك أنه يمكن الرد على هذه التصريحات بإحصاءات تفصيلية عن عدد المسيحيين في المحافظات المختلفة.

من جانبه، رفض الأنبا مرقص أسقف شبرا الخيمة وتوابعها ذلك الإحصاء، وقال إن عدد المسيحيين في مصر يتراوح ما بين 15 و18 مليون نسمة، موضحا أن عدد المسيحيين في محافظة المنيا وحدها يتجاوز مليونا و200 ألف مواطن، فكم يبلغ تعدادهم في القاهرة وباقي محافظات الوجه القبلي المعروفة بوجود كثافة مسيحية بها. وقال القس أندريه زكي، نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر في تصريح له «إن تعداد المسيحيين في مصر موضوع غير محدد المعالم»، معتبرا أن الرقم الذي أعلنه اللواء الجندي لا يختلف كثيرا عما يقال بشأن تعداد المسيحيين خلال الخمسين سنة الأخيرة بأنهم 6% من إجمالي الشعب المصري. وأضاف أن بعض الدراسات المستقلة أكدت أن عدد المسيحيين في مصر يتراوح ما بين 10 و12%، وفي النهاية هم مواطنون مصريون والعدد أيا كان لا يقلل من مواطنتهم الكاملة.

من جهته، اعتبر كمال زاخر، منسق جبهة «العلمانيين الأقباط» تعداد المسيحيين في مصر بأنه سر من أسرار الدولة، وهو غير معروف، وقال: «لا يهم عدد المسيحيين لأن الحقوق والواجبات لا تؤخذ وفقا للأعداد». وتابع: «هذا الأمر تم تسييسه بشكل متعمد لتظل فكرة أن المسيحيين أقلية، ولكن المواطنة تعني أن الحقوق والواجبات لا علاقة لها بالعدد».

وقال جورج صبري، الصحافي المتخصص في الشؤون الكنسية إن «الجدل الأخير حول تعداد المسيحيين في مصر لخص الأمراض الاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد، أولا: إحدى الصحف كذبت ونسبت تعداد المسيحيين للجهاز المركزي للإحصاء، ثانيا: الجهاز نفى أن يكون هناك تعداد على أساس الدين منذ ما يقرب من 30 عاما أي هناك عدم شفافية وندرة معلومات في ملف هام على هذا النحو، ثالثا: استغلت بعض الجماعات الإسلامية والمسيحية هذه الأرقام غير الصحيحة، وراحت تحللها وتحولها لقضية رأي عام لتحقيق أهداف سياسية رغم عدم التأكد منها». وأضاف صبري أن «الأرقام تبدو غير منطقية وأقل من الواقع ولكن ليست هذه هي القضية، فالمصريون ينادون بدولة المواطنة التي يتم فيها المساواة بين المواطنين أصحاب الديانات المختلفة».