مشروع قانون يجرم استخدام وثائق استخبارات صدام من دون موافقة المعنيين بها

البنتاغون و«سي آي إيه» وأحزاب عراقية تقاسمت أرشيف النظام السابق

TT

تتجه السلطات العراقية إلى إصدار قانون يجرم استخدام ملايين الوثائق والتقارير التي جمعتها استخبارات نظام صدام حسين، والتي لا تزال متاحة رغم مرور نحو تسع سنوات على سقوط النظام.

ويرى سعد إسكندر، مدير دار الكتب والوثائق الوطنية، أن هذه المحفوظات استخدمت لفترة كافية، ولذلك فإنه يدفع باتجاه التشريع الذي من شأنه أن يجرم نشر الوثائق من دون موافقة الأشخاص المعنيين بمحتوياتها. وأوضح اسكندر لوكالة الصحافة الفرنسية أن «المسؤولين في حزب البعث والمنظمات السرية والمخابرات، جميعهم تسلموا وكتبوا ملايين التقارير ضد مواطنين عاديين ومسؤولين في أحزاب أخرى». ويضيف «لقد كان النظام عبارة عن ديكتاتورية فظيعة سادت جميع جوانب الحياة، ليس فقط من خلال الترهيب، وإنما أيضا عبر التوثيق والتجسس».

وخلافا لما حدث في ألمانيا، حيث تم اختيار جهة معينة لمعالجة وثائق الشرطة السرية، انقسم أرشيف العراق إلى عدة أجزاء وقعت في أياد مختلفة عقب سقوط نظام صدام حسين في 2003. واستولت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على 48 ألف صندوق من الوثائق، ووضعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) يدها على ملايين الأوراق، كما فعلت الأحزاب السياسية العراقية وأفراد آخرون ووسائل إعلام.

ورغم مرور أكثر من تسع سنوات على سقوط صدام، فإن هذه الوثائق لا تزال تطرح سجالات شائكة بصورة متكررة. ويقول اسكندر إن «بعض الوثائق التي نشرتها وسائل الإعلام تشير إلى أسماء الأشخاص الذين أعدموا، وتحدد متى وكيف، من دون إخفاء أسماء الضحايا». ويضيف «ليس لدينا الحق في نشر أسماء الضحايا ومرتكبي الجرائم». وأدان إسكندر تصرفات بعض الأحزاب السياسية التي هددت بالكشف عن وثائق تظهر أن مرشحين من أحزاب معارضة كانوا أعضاء في حزب البعث المحظور حاليا. وقال في هذا الصدد «لقد تمكنا من ثني بعض وسائل الإعلام عن استخدام الوثائق، لكن من المستحيل الضغط على الأحزاب السياسية (...) ما لم نستند إلى قانون يسمح بذلك».

وأعد إسكندر مشروع قانون وقدمه إلى البرلمان، وإذا ما تم اعتماده فسيتم بالفعل تجريم نشر وثائق من عهد صدام حسين من دون موافقة الجهات المعنية. ويعتبر اسكندر أن «هذا القانون سينظم طريقة الوصول إلى المعلومات، حيث إنه سيتم الكشف عن بعض المعلومات لرئيس الوزراء وبعضها الآخر للقضاة. غير أنه لن تكون لدى الجميع إمكانية الوصول إلى هذه الوثائق». ويضيف أن «هذه الثروة من المعلومات، هذه الوثائق، هي سلاح يمكن أن يحسن استخدامه أو العكس». وذكر إسكندر أن مشروع القانون ينص على عقوبات تشمل غرامات مالية وعقوبة بالسجن لمن يكشف عن وثائق من دون إذن بذلك، رافضا الكشف عن تفاصيل أخرى لمشروع القانون الذي لا يزال قيد الدراسة. وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ردا على سؤال حول هذه المسألة، إن الحكومة ستدعم هذا القانون.

وتنظر كتلة العراقية، التي منع بعض مرشحيها من خوض الانتخابات البرلمانية عام 2010 بسبب مزاعم حول علاقاتهم بحزب البعث، بإيجابية إلى اقتراح إسكندر. وانتقد النائب حيدر الملا، المتحدث باسم كتلة العراقية، الحكومة العراقية على خلفية مدة تطبيق قانون اجتثاث البعث، معتبرا أن الحاجة للعمل بقانون إسكندر تأتي بسبب «فشل الدولة» في إجراءاتها. وقال الملا إن «اجتثاث (البعث) كان لفترة زمنية، وينبغي أن ينتهي»، موضحا «ليس من المنطقي أنه بعد 10 سنوات ما زلنا في دائرة اجتثاث (البعث)».

ورغم الدعم الذي تلقاه مبادرة اسكندر، فإن البعض يحذرون من أن القانون الجديد المقترح يمكن أن يضع قيودا على حرية الصحافة. وقال زياد العجيلي، رئيس مرصد الحريات الصحافية «كيف يمكننا التزام الصمت عندما نرى وثيقة عن أعضاء سابقين في حزب البعث تحمل معلومات حول إبادة جماعية؟». ويضيف أن «الصمت جريمة، والجريمة ليست في نشر هذه الوثائق».