الـ30 عاما المقبلة ستغير خارطة المدينة المنورة الحضاري

عبر شراكة دولية ضمت جهات رسمية وشركات عالمية

TT

شكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للمدينة المنورة، والتي أطلق خلالها أضخم توسعة يشهدها المسجد النبوي الشريف، ذكرى تداعت في أذهان أهل المدينة عن أول زيارة قام بها الملك المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود للمدينة المنورة عام 1926، حين توافد لاستقباله جميع سكانها.

بينما اعتبرت هيئة تطوير المدينة المنورة أن مشروع توسعة الحرم النبوي الشريف يأتي ضمن المخطط الشامل لتطوير المدينة، والذي يمتد لـ30 عاما تنتهي عام 2040، عبر شراكة دولية ضمت جهات رسمية وشركات عالمية.

وبحسب تقرير أصدرته هيئة تطوير المدينة المنورة مؤخرا، أكدت خلاله على أن متوسط تعداد السكان المتوقع في تلك الفترة 2.62 مليون نسمة، مع كون المدينة ستشهد قدوم ما يزيد على 12 مليون زائر على مدار العام الميلادي.

وذكر التقرير أن معدل الأفراد الزائرين للمدينة المنورة يصل في نهاية شهر رمضان المبارك إلى 518 ألف نسمة لليلة المفردة، بينما يصل في موسم الحج إلى 440 ألف نسمة في الليلة الواحدة، وذلك بناء على سعة أربعة ملايين حاج في عام 2040 في المواقع المقدسة، إذ تبين أن 89 في المائة من الحجاج المقبلين للمملكة يتوافدون على المدينة المنورة، مضيفا أن هذا النمو الضخم في طياته يشير إلى عمق التحديات تجاه مواكبة المتطلبات التنموية في جميع المجالات، ومنها الخدمات والسكان والنقل.

ونوه التقرير إلى أن المنطقة المركزية خضعت مسبقا لإعادة تطوير كامل وتم تزويدها بخدمات تدعم المسجد النبوي الشريف، وتم إيراد اقتراح توسعة لتخفيف الضغط المتزايد على المسجد برفع الطاقة الاستيعابية للمصلين من الوضع القائم البالغ 550 ألفا إلى 800 ألف نسمة للتوسعات المقبولة بالفعل للساحتين الشرقية والغربية من الحرم، لتستوعب التوسعة المقترحة ما يقارب 1.6 مليون مصل بعام 2040.

وأوصى التقرير ببناء الشقق المرتفعة متعددة الوحدات للمقيمين الدائمين للمنطقة المركزية الموسعة نظرا إلى عدم استعمال كامل المنطقة المركزية الموسعة لإسكان وتخديم الزوار فقط، وذلك لأصحاب البيوت الراغبين في السكن في المنطقة بدلا من التعويض المالي عن أملاكهم المنزوعة، وبدلا عن منحهم أراض أو مساكن بديلة في المواقع البعيدة، وعلاوة على ذلك، سيتم الطلب من المتورطين الحاصلين على حقوق إعادة تطوير المناطق المستصلحة من المناطق العشوائية تخصيص جزء من إعادة تطويرها لإسكان المقيمين الدائمين، بينما يجوز لهم اختيار بناء أماكن إعاشة فاخرة متوسطة وعالية الكثافة، يتعين أن تكون نسبة 5 في المائة من وحداتهم كحد أدنى وحدات صغيرة بأسعار معقولة.

وأوضح التقرير أنه سيتم توفير المزيد من أماكن إعاشة الزوار بأسعار معقولة في المناطق أخرى من المدينة التي سيتم خدمتها بالنقل العام على الجودة، مثل نقل السكة الحديد السريع أو النقل السريع بالحافلات وستعمل مجموعات إعادة التطوير حول محطات النقل العام على تنفيذ اللامركزية لفرص إعادة التطوير، والاستفادة من الأرض الأقل تكلفة، والعمل كآلية لتشجيع إعادة تطوير المناطق الخاصة.

وأشار التقرير إلى احتياج المدينة لأن تصبح أكثر جمالا وتظهر مواقع تراثها التاريخي والثقافي، وقد أدى النمو السريع للمدينة إلى أن كان هنالك أماكن تقليدية أقل للتجمع واللقاء وترويج التماسك الاجتماعي، وفي بعض الحالات جاء التحديث على حساب التعبيرات التقليدية للطراز في شكل المبنى، وللحفاظ على المدينة في المستقبل مع ثراء دورها الديني المتفوق وهويتها التاريخية والثقافية، وكذلك جودة حياتها، يتعين أن يعمل التطوير المستقبلي على التوازن بصورة متوافقة بين الحاجات المعاصرة لسكانها المتنامين مع الحاجة إلى عالم عام جميل يفي بالحاجات المعاصرة لإدارة العدد الكبير من الناس، وفي الوقت ذاته حماية وتعزيز الصفات التي تضاف إلى التماسك الاجتماعي للمدينة والبيئة الطبيعية والاقتصاد.