دبلوماسي أميركي لـ «الشرق الأوسط»: إشارات مقلقة حيال استعمال النظام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري

قال: حتى نجاد بات مقتنعا بعدم قدرة الأسد على الاستمرار.. فما الذي يفكر فيه حزب الله؟

TT

لا تعول الدبلوماسية الأميركية على «تغيير حقيقي» في الموقف من سوريا بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، ويقول دبلوماسي أميركي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن موقف بلاده مما يجري في سوريا مبدأي ولن يتأثر بنتائج هذه الانتخابات، محذرا في الوقت نفسه من «تطورات سلبية جدا في هذا الملف إذا أصر النظام على الاستمرار في ما يقوم به».

وأبدى الدبلوماسي الأميركي «مخاوف جدية» من قيام نظام الرئيس السوري بشار الأسد باستعمال الأسلحة الكيماوية الموجودة بحوزته ضد المعارضين، معتبرا أن هذا النظام «لا مصداقية له»، مشددا في المقابل على أن الجميع بات يدرك أن هذا النظام غير قادر على الاستمرار.

وأشار الدبلوماسي الأميركي إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على الأمين العام للحزب، وعلى عدد من أعضائه على خلفية «نشاط الحزب في سوريا»، ويتساءل الدبلوماسي: «كيف يمكن لهم التوفيق بين سعيهم إلى عدم زيادة التوتر بين السنة والشيعة في المنطقة، وبين دعمهم اللا محدود للأسد ونظامه»، قبل أن يستنتج لاحقا أنه «يبدو أنهم مقتنعون أن خطر زوال النظام السوري أكبر بكثير من خطر تدهور العلاقات بين السنة والشيعة». ويشير الدبلوماسي أيضا إلى سلسلة من الملاحظات المقلقة، المتعلقة بدور الحزب خارج لبنان، واضعا في هذا الإطار الهجمات التي شنت - أو أحبطت - في كينيا وبلغاريا وقبرص.

ورأى الدبلوماسي الأميركي أن الفيلم المسيء للرسول جاء هدية غير متوقعة للأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله الذي خرج للعلن للمرة الأولى منذ سنوات متحدثا ويصبح «البطل المدافع عن الأمة». ويرى الدبلوماسي أن نصر الله «كان يحتاج بشدة إلى حفلة العلاقات العامة هذه لتحسين صورته أمام الرأي العام العربي فيتحول من مدافع عن الأسد إلى مدافع عن الإسلام» ويشير في الإطار نفسه إلى «حملة دعائية أخرى يقوم بها الحزب في الملف اللبناني جزء منها هو السماح بمداهمات يقوم بها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في الضاحية والبقاع».

ورغم أن الدبلوماسي الأميركي ارتاح إلى عدم القيام بتحركات قريبة من السفارة في بيروت، إلا أنه أكد أن بلاده تأخذ التهديدات التي أطلقها نصر الله بجدية «فلديهم تاريخ حافل من الاعتداءات علينا»، موضحا أن الإدارة الأميركية ترسل بدورها الرسائل إلى الحزب، ومنها العقوبات الأخيرة بحق نصر الله وقياديين في الحزب. وأكد الدبلوماسي أن بشار الأسد لم يعد مؤهلا للبقاء.. وحتى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لا يعتقد أنه سيبقى في موقعه، فما الذي يفكر فيه نصر الله؟

وإذ أشار الدبلوماسي إلى أن الحزب مقتنع الآن بسيطرته على مطار بيروت بديلا عن خط الإمداد البري المفتوح مع سوريا، لكنه أشار في المقابل إلى مشكلة سيواجهها الحزب بعد زوال النظام السوري، حيث سيكون هناك ضياع لدى حلفاء هذا النظام في لبنان، وهذا من شأنه أن يسبب مشكلة للحزب، ولا بد له بالتالي من أن يبحث عن إيجاد توازن جديد.

ويشدد المسؤول الأميركي على أن الجميع بات يرى الآن أن الوضع السوري غير قابل للاستمرار على ما هو عليه، معترفا في الوقت ذاته بأن التغيير في الشرق الأوسط ليس سهلا ولا بد من ثمن، ثم يضيف:«ونحن نأمل أن يكون الثمن هو الحد الأدنى من الخسائر».

وأوضح الدبلوماسي الأميركي أن هناك مخاوف حقيقية لدى الإدارة الأميركية حيال استعمال النظام السوري الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الموجودة بحوزته، وفقا لاعتراف الناطق بلسان خارجيته. وأشار إلى أن النظام تدرج في استعمال القوة من ضرب المتظاهرين، ثم إلى إطلاق النار عليهم بالرشاشات فالمدافع والدبابات وأخيرا الطيران، وبالتالي لا مصداقية لدى النظام تمنع قيامه باستعمالها»، موضحا أن التقارير الأخيرة الواردة من سوريا بهذا الشأن «تزيد من قلقنا».

ويقلل الدبلوماسي الأميركي من أهمية «سياسة التخويف» التي اتبعت مع المسيحيين في المنطقة. معتبرا أن هناك عقلية تحاول أن تخير الناس بين النظام القائم أو المتطرفين، مشيرا إلى أن المسيحيين باتوا يفهمون اليوم أكثر من أي وقت مضى أن هذا النظام لن يعود كما كان، والمسيحيون كغيرهم من السوريين يتأثرون بغياب السلطة القائم حاليا في سوريا حيث الوضع غير مفهوم. وشدد الدبلوماسي على أن الولايات المتحدة كانت تبحث وضع المسيحيين في أية محادثات تجريها مع المعارضين السوريين في سياق حديثها عن الديمقراطية.

ولا يعلق الدبلوماسي الأميركي آمالا كبيرة على «تغييرات حقيقية» في الموقف الأميركي بعد الانتخابات الأميركية، ويقول: «الوضع في سوريا لا يبدو أنه سيتغير في سوريا بعد الانتخابات، وبالتالي موقفنا لن يتغير، ونحن سنستمر في القيام بما نقوم به. لقد أردنا دعم عملية توحيد المعارضة، وما زلنا نعمل على ذلك بقدر الإمكان»، ومن يعتقد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سوف يرسل القوات الأميركية إلى سوريا في اليوم التالي للانتخابات مخطئ، فالقرار الأميركي بعدم التدخل العسكري في سوريا لن يتأثر بالانتخابات أو بعدمها.

ويشدد الدبلوماسي الأميركي على ضرورة «الحفاظ على الاستقرار في لبنان»، متسائلا عن «الضمانات بعدم انتقال العنف إلى لبنان»، مشيرا إلى أن عودة سياسة الاغتيالات بعد كلام الوزير السابق ميشال سماحة في الاعترافات التي نشرت في الصحف اللبنانية عن مشاريع الاغتيال والتفجير «تشكل مؤشرات سيئة جدا»، خصوصا إذا ما أضيفت إلى ما جرى مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والنائب بطرس حرب، مشددا على ضرورة متابعة ملف سماحة إلى النهاية.

وأشاد المسؤول الأميركي برئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي بدا حاضرا في الفترة الأخيرة للدفاع عن سيادة لبنان. وقال: «كلامه الأخير جيد، وهو أمر متوقع من أي قائد في موقع مماثل يواجه بلده موقفا مشابها»، كما أشاد بقيامه مع قائد الجيش العماد جان قهوجي بالسعي إلى تقليل المخاطر الناجمة عن الملف السوري.

وأشاد المسؤول الأميركي أيضا بما وصفه بـ«العمل الرائع» الذي يقوم به اللبنانيون في استقبال النازحين السوريين، حيث هناك أكثر من 60 ألف نازح حتى الآن، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى تقصير حكومي، معتبرا أن بإمكان الحكومة اللبنانية القيام بما هو أكثر في هذا المجال. مطالبا بوضوح في عملية التنظيم يقلق الدول المانحة متوقعا حصول مشاكل أكبر مع ازدياد أعداد النازحين.

ويعترف المسؤول الأميركي بوجود «هوة» بين ما يعتقده الناس في الملف اللبناني، وما تنظر إليه الدول. مشيرا إلى أن المعيار الذي اعتمدت عليه الإدارة الأميركية في التعامل مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يعتمد على 3 أسس هي الشكل والبيان الوزاري وتصرفاتها، وإذا كنا أبدينا رأينا بالشكل والبيان بشكل واضح، كانت تصرفاتها مقبولة، كما حال موقفها في ما يتعلق بتمويل المحكمة الدولية لسنتين وتمديد بروتوكول التعاون معها وعدم دعم نظام الأسد وقيام لبنان بواجباته حيال اللاجئين السوريين، معتبرا أن معاناة اللبنانيين مع الحكومة في مسائل أخرى كالكهرباء والوضع الاقتصادي وغيرها أمور يجب أن يحاسبها عليه اللبنانيون. وقال: «الوضع في لبنان صعب، وهناك قضايا تحتاج إلى ملاحقة ومتابعة، وبقاء هذه الحكومة أو ذهابها أمر يتعلق باللبنانيين». وأضاف: «أما نحن، فمهتمون بالاستقرار ونريد أن نرى لبنان مستقرا وبعيدا عن الاهتزاز الأمني»، مشيرا في المقابل إلى وجود عامل اهتزاز دائم في العلاقة مع الحكومة يتمثل في وجود حزب الله فيها، قائلا: «عندما يكون هناك تنظيم إرهابي في حكومتك.. فهناك خطر دائم».