أحمدي نجاد يعتبر حق «الفيتو» إهانة لجميع أعضاء الأمم المتحدة

الرئيس الإيراني ينتقد «النظام العالمي» أمام الجمعية العامة ويطالب بـ«الإعداد لظهور المهدي المنتظر»

الرئيس الإيراني احمدي نجاد لدى ترؤسه وفد بلاده في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

خصص الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لانتقاد «القوى التي تريد فرض هيمنتها»، أي الولايات المتحدة، و«النظام العالمي»، أي الرأسمالية، بينما اعتبر أن الأمم المتحدة بحاجة إلى تغيير جذري في طريقة إدارتها، خاصة ضرورة إلغاء حق النقض (الفيتو) الذي اعتبره يمثل «إهانة لنا كلنا أعضاء الأمم المتحدة».

وفي خطاب استمر نحو نصف ساعة، انتقل نجاد من النبي آدم (عليه السلام) إلى الحروب الصليبية، ثم تطرق إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية، وعدد من المحطات منها الحرب العراقية – الإيرانية. وقد بدأ نجاد خطابه الثامن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ أن أصبح رئيسا لإيران، بالقول «أنا أحمل رسالة إلهية وبشرية». وأضاف «لقد تحدثت في السنوات الـ7 الماضية عن التحديات التي تواجهنا، وأريد أن أتحدث عنها بطريقة أخرى»، وبدأ يتحدث عن ضرورة بناء نظام عالمي جديد. وقال «النظام الراهن مبني على نظام تمييزي لتفرقة الناس.. نحن بحاجة إلى نظام عالمي جديد.. يجب أن تتحد قوانا لإصلاح البنى التحتية للأمم المتحدة فهي ملك للدول.. استمرار التمييز بين أعضائها إهانة لنا جميعا». ولم يتطرق نجاد في خطابه إلى الأزمة الاقتصادية في بلاده، مكتفيا بالقول إن دول الاستكبار «تفرض الفقر» على الدول من أجل الهيمنة عليها. وأضاف أن الروح الإنسانية أهم من «الثروة» و«القيم الاستهلاكية». وتابع أن «الرأسمالية غير قادرة بعد على تقديم حلول للأزمات السياسية والاقتصادية»، ليضيف «باسم الدول الأعضاء في دول عدم الانحياز أدعو للضلوع في قرار ناشط لإزالة الحواجز بشأن المشاركة في الإدارة المالية». واعتبر أن «الفقر يفرض على الأمم، وطموحات القوى تجري متابعتها بإقصاء الآخرين والتلويح بالقوة».

وذكر نجاد القضية الفلسطينية باختصار، معتبرا أن الفلسطينيين تعرضوا لانتهاكات كبيرة منذ «احتلال فلسطين وفرض حكومة مزيفة عليها وطرد الملايين من بلادهم». وطالب بمساعدة الفلسطينيين، وندد بـ«تلك الحكومة المزيفة»، أي إسرائيل. لكن كانت لهجته تجاه إسرائيل أقل تهجما من السنوات الماضية. وشكا نجاد من «فرض الهيمنة وفرض الاستبداد، والسباق إلى التسلح والترهيب بالأسلحة النووية من طرف دول الهيمنة، وتطوير أسلحة جديدة تستخدم كلغة جديدة لجبر الدول وإكراهها على قبول الهيمنة». وفي ما يخص التهديدات أكد أن «عمل النظام الصهيوني على التهديد باستخدام الخيار العسكري ضد بلادنا خير مثال على الهيمنة».

ومن ثم انتقل أحمدي نجاد إلى قضايا التغير المناخي و«الأضرار الجسيمة على حياة الإنسان»، معتبرا أن «الاستهلاكيين» والرأسماليين هم وراء هذه الكوارث. واتهم الدول الكبرى بالعمل على التفرقة بين الشعوب والطوائف من أجل السيطرة عليها، موضحا «لا أعتقد أن المسلمين والمسيحيين واليهود والهندوس وغيرهم لديهم مشاكل بينهم، ويمكنهم العيش معا». وأضاف أن القائمين على هذا النظام يعملون على «توسيع الهيمنة من خلال زرع الخلافات بين المجموعات الإثنية». وتابع أن «النظام العالمي الراهن يقوم على المادية وعدم التقيد بأي حدود أخلاقية ومعنوية، وقد جرت قولبتهم وفق قالب الأنانية والكراهية».

وانتقل نجاد إلى قضية أخرى هي تمويل الانتخابات الأميركية. وقال «هل نصدق فرض الملايين من الدولارات على الحملات الانتخابية للتصويت لأحزاب لا تمثل إلا أقلية قليلة من الناس؟ الأموال التي تنفق في الحملات الانتقالية هي فعليا فقط استثمار». وأضاف أن «التطلعات العامة لا تؤثر على صنع السياسات الأجنبية، ولا تسمع أصوات هؤلاء حتى وإن كانت تمثل 99 في المائة من الشعب»، مستخدما تعبيرا يستخدمه متظاهرون أميركيون ضد الحكومة الأميركية والأثرياء بأنهم يمثلون الـ1 في المائة من الأثرياء وليس الـ99 في المائة من الشعب العادي. وكان من اللافت معرته بهذا المصطلح واستخدامه في خطابه للحديث عن الانتخابات الأميركية.

وأنهى نجاد خطابه بالحديث مطولا عن ضرورة العمل على «تسهيل عودة المهدي المنتظر»، قائلا إنه الأمل للبشرية، وهو الذي سيأتي مع النبي عيسى (عليه السلام) لـ«يجلب الحب والوئام العالم». وأضاف «سيشرع أبواب العلم والمعرفة ويعبر الطريق أمام مشاركة بناءة من الجميع، ويمنح الرفق بين كل البشرية ليذوق الإنسانية الحقة». وأضاف أن «المهدي المنتظر سيأتي بمستقبل زاهر للبشرية، وسيبارك للبشرية بربيع، هذا الربيع الذي بدأت براعمه، ربيع سينتشر قريبا لكل محبي الحرية ومحبي الأنبياء والرسل». ولم يكن واضحا إذا كان كلامه عن الربيع إشارة إلى «الربيع العربي» أم لا. وطالب نجاد دول العالم بالعمل لتمهيد الطريق لظهور المهدي المنتظر في المرحلة المقبلة «كي يسود السلم والعدل» العالم.

وقبل أن يصل نجاد إلى منصة الجمعية العامة، أعلنت الولايات المتحدة مقاطعتها لخطابه. وأصدرت الناطقة باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة ارين بيلتون بيانا قبل دقائق من إلقاء نجاد خطابه، قالت فيه «خلال الأيام الماضية، رأينا نجاد يستخدم مجددا زيارته إلى الأمم المتحدة للحديث المتخوف عن نظريات المؤامرة والإساءة التي تثير الاشمئزاز ضد إسرائيل، ومن المؤسف تحديد أن نجاد سيأخذ المنصة لدى الجمعية العامة تزامنا مع يوم الغفران (عيد اليهود) ولهذا السبب قررت الولايات المتحدة عدم الحضور». وانسحب ممثلو الوفد الأميركي وعدد من الدول الأوروبية من قاعة الجمعية العامة خلال إلقاء نجاد خطابه. لكن لم تشهد قاعة الجمعية العامة الخروج الجماعي لأعضاء الوفود الأميركية والأوروبية والذي بات شبه تقليد خلال خطابات أحمدي نجاد السنوية أمام الجمعية العامة.

يذكر أن الملف النووي كان من أبرز الملفات التي تمت مناقشتها على هامش أعمال الجمعية العامة، كما هو الحال منذ سنوات في الاجتماع الدوري للأمم المتحدة. وأجرت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون مشاورات موسعة في نيويورك حول هذا الملف، مؤكدة خلال لقاءاتها مع المسؤولين الأميركيين والأوروبيين المجتمعين في نيويورك أن «الوقت ما زال متاحا» للتوصل إلى حل دبلوماسي حول الملف النووي الإيراني. وستواصل أشتون دورها في قيادة المحادثات مع الإيرانيين بالتنسيق مع مجموعة «5+1» (الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا).