اشتباكات وقصف عنيف لريف دمشق.. وقوات الأمن تغلق ساحة العباسيين

تفجير أنبوب للنفط في الحسكة أدى إلى حريق كبير.. وأنباء عن نزوح العلويين من حي مزة 86 في العاصمة

سوريون أمام مستشفى الشفاء في حلب يهدئون أحد أصدقائهم الذي قتل أخوه على أثر قصف القوات النظامية أمس (أ.ب)
TT

شهدت مناطق سورية عدة قصفا كثيفا بالطائرات المروحية والمدفعية، لا سيما في مدينة حلب وأحيائها، فيما وقعت مواجهات بين قوات الأمن السورية و«الجيش السوري الحر»، لدى مهاجمة نقاط وحواجز نظامية. أما في دمشق، فقد تجدد القصف أمس على حي التضامن بقذائف الهاون واستهدف شارع الشهداء بعدد من القذائف، فيما ذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن «قوات النظام أغلقت ساحة العباسيين وسط دمشق بالتزامن مع انتشار كبير لعناصر الجيش والشبيحة والمدرعات»، مشيرة إلى أن «ما لا يقل عن 300 عنصر من الجيش بالعتاد الكامل انتشروا بالشوارع المحيطة بالساحة، مع حملة دهم وتفتيش للمنازل».

وفي جوبر، اقتحمت قوات الأمن الحي بأعداد كبيرة من الجنود، فيما دارت اشتباكات عنيفة بين عناصر «الجيش الحر» وقوات الأمن في منطقة السيدة زينب. وفي حي القدم، أفادت لجان التنسيق المحلية بالعثور على خمس جثث أعدموا ميدانيا على يد قوات النظام. وفي ريف دمشق، استهدف قصف عنيف بالطيران الحربي جبال قارة المحاذية للحدود اللبنانية، فيما أصيب عدد من الجرحى جراء القصف بالطيران الحربي على منطقة شبعا. كما تعرضت بلدات حمورية والقاسمية والعتيبية ويبرود والقيسا والعبادة والغوطة الشرقية لقصف عنيف من القوات النظامية.

وفي اللاذقية، أوضح عضو تنسيقيات الثورة في اللاذقية عمار حسن، لـ«الشرق الأوسط»، أن «قصفا مدفعيا عنيفا مصدره من كتيبة الدفاع الجوي الواقعة قرب جسر الصناعة، استهدف مناطق جبل التركمان وقرى ناحية ربيعة»، لافتا إلى أن «الطيران الحربي ألقى براميل متفجرة فوق جبل الأكراد، وتحديدا بلدة خضرا». وأشار حسن إلى «حملة اعتقالات طالت حي الطليبة والعوينة والرمل الجنوبي»، في موازاة «قصف متقطع على منطقة سلمى وجبل الأكراد ودورين لليوم الـ120 على التوالي».

وفي الحسكة، فجر مجهولون أنبوبا للنفط عند منتصف ليل الأربعاء/ الخميس في منطقة أم مدفع جنوب الحسكة مما أدى إلى حدوث حريق كبير نتيجة تسرب النفط الخام. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «الهجوم ترافق مع اختطاف مدير محطة تل البيضا لضخ النفط». وتعد الحسكة المحافظة الأكثر غنى بالنفط في سوريا، تليها دير الزور المجاورة، وسبق لأنابيب نقل النفط أن تعرضت للتفجير منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد. مع العلم أن الإنتاج النفطي تراجع في سوريا من نحو 420 ألف برميل يوميا منذ تاريخ بدء الاحتجاجات في منتصف مارس (آذار) 2011، إلى أقل من نصف هذه الكمية، وهي باتت مخصصة في غالبيتها للاستهلاك الداخلي. وتحرس الحقول النفطية بفرق من القوات النظامية متخصصة بذلك.

وفي إدلب، تساقطت قذائف الهاون على الحي الشمالي لمدينة معرة النعمان، فيما قتل خمسة أشخاص على الأقل وأصيب عدد كبير من الجرحى جراء القصف العنيف على مدينة خان شيخون. وتعرضت سراقب لقصف مدفعي عنيف، فيما استهدفت مدفعية النظام جسر الشغور.

وفي حماه، أفاد ناشطون بوقوع انفجار في حي البياض، كما تعرضت بلدات في ريف حماه للقصف. واستهدف الطيران الحربي أنحاء في منطقة كفرزيتا، وتحديدا مزرعة تل عاس. واقتحمت قوات الأمن السورية قرية الخالدية مدعومة بالدبابات والمدرعات، وشنت حملة دهم واعتقال بالتزامن مع إحراق عدد من المنازل.

وفي حمص، استهدف الطيران الحربي ببراميل «تي إن تي» المتفجرة قرى جوسية والزراعة والنزارية في القصير مترافقا مع قصف بالمدفعية والدبابات. كما اقتحمت قوات الأمن مدرسة سوق الهال الثانوية في بانياس وسط حملة اعتقالات عشوائية، عقب خروج مظاهرة فيها طالبت بالإفراج عن الطلاب المعتقلين.

وحول الارتفاع غير المسبوق في عدد الضحايا الذي شهدته سوريا أول من أمس، أفاد ناشطون في دمشق بوصول نحو 150 جثة إلى مستشفى دمشق أول من أمس (الأربعاء)، ويرجح أنها تعود إلى قوات من الأمن والجيش والشبيحة قضوا في الهجوم على مقر قيادة الأركان في دمشق يوم الأربعاء، ونقل الناشطون عن مصادر في المشفى تأكيدهم أن برادات المشفى والتي تستقبل غالبا جرحى قوات النظام لم تعد تتسع للجثث، ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من التأكد من صحة تلك المعلومات التي تسربت أمس غداة يوم اعتبر الأكثر دموية منذ انطلاق الثورة قبل 18 شهرا، وبحسب مصادر المعارضة فقد قتل أكثر من 307 أشخاص، غالبيتهم قضوا في مجازر إعدامات ميدانية في ريف دمشق وقعت إثر الهجوم على مقر الأركان.

في غضون ذلك، تحدث ناشطون في دمشق عن حركة نزوح كبيرة للعائلات العلوية من حي مزة 86 حيث يتركز أبناء الطائفة العلوية الفقيرة وينتمي إليها غالبية الشبيحة الذين يؤازرون قوات الأمن ويتهمون بارتكاب أفظع المجازر. علما أن الحي شهد يوم الأربعاء حالة تأهب وغليان قصوى عقب ورود أنباء الهجوم على مقر الأركان، وصدر عن الشبيحة هناك توعد بالرد بأعمال انتقامية مما أثار موجة من الرعب والخوف من الانتقام بعد ارتكاب النظام مجازر في أحياء ومناطق ريف دمشق ذات الغالبية السنية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير نشر أمس إن أكثر من 300 شخص قتلوا في سوريا يوم الأربعاء منهم 55 شخصا قتلوا في ريف دمشق منهم 40 على الأقل أعدموا بالرصاص في بلدة الذيابية جنوب شرقي العاصمة.. بينما قدر ناشطون في لجان التنسيق المحلية والهيئة العامة للثورة عدد القتلى في الذيابية بنحو 107 أشخاص قضوا بمجازر ارتكبتها قوات الأمن. وأظهرت فيديوهات وزعها الناشطون صفوفا من جثث ملطخة بالدماء ملفوفة بحرامات، كما قتل 16 شخصا من عائلتين في حي برزة بالعاصمة بينهم نساء وأطفال وشيوخ.

وازدادت وتيرة عنف قوات النظام على نحو غير مسبوق في دمشق يوم الأربعاء، فبالإضافة للقصف العنيف لوحظ ازدياد تنفيذ الإعدامات الميدانية بالرصاص أو ذبحا بأدوات حادة، في أعمال ترمي إلى الترويع، وقال ناشط في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن «المجازر التي ارتكبتها قوات النظام في ريف دمشق جاءت عقب الهجوم على قيادة الأركان في حي أبو رمانة، وبينما كانت الاشتباكات دائرة هناك بين قوات الجيش الحر وقوات النظام كانت عناصر الأمن والشبيحة ترتكب المجازر في المناطق الثائرة في دمشق وريفها، وتم ذلك بعد قطع أوصال المدينة وإغلاق مداخلها»، وأضاف الناشط أن «الهدف من ذلك كان منع وصول أي مؤازرة للمهاجمين في أبو رمانة، وترويع المناطق الثائرة في ضربة استباقية كي لا تتحرك في حال ورود أي معلومات حول الهجوم على قيادة الأركان». كما ربط الناشط، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، بين تزايد عدد المجازر في ريف دمشق والمناطق الثائرة وتزايد العمليات الهجومية للجيش الحر وقتل المزيد من قوات النظام، لافتا إلى أن «الأمر يبدو انتقاما لكنه أيضا ضربات لإضعاف الحاضنة الاجتماعية للجيش الحر من خلال الترويع»، مؤكدا أن «هذه الطريقة ليست جديدة على النظام السوري حيث استخدمها في الثمانينات، فقد كانت ترتكب أفظع المجازر وأكثرها ترويعا في المكان الذي يشهد مقتل شخص من النظام، وقد طبقها في الثمانينات لقمع التمرد المسلح، ويقال إنه استقاها من مستشارين من الاتحاد السوفياتي».