جدل في مصر بعد مطالبات بـ«تدويل» أزمة الدستور الجديد

حمزاوي لـ «الشرق الأوسط»: الحديث عن الاستقواء بالخارج اتهام يصلح لزمن مبارك

جانب من اجتماعات لجنة الدستور في مصر (رويترز)
TT

دخلت أزمة كتابة الدستور الجديد في مصر ساحة المعارك الإعلامية، بهجوم حاد على البرلماني السابق عمرو حمزاوي، الذي طالب القوى المدنية بتوسيع دائرة التحرك السياسي في مواجهة الأغلبية الإسلامية داخل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور باللجوء إلى المنظمات الدولية من أجل الضغط عليها، وهو ما أثار حفيظة أنصار جماعة الإخوان المسلمين الذين استنكروا المطالبة بما اعتبروه «دعوة للتدخل الدولي في شأن داخلي».

وأعرب حمزاوي عن استيائه من الهجوم عليه قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هذه لغة حجرية تصلح لزمن (الرئيس السابق) حسني مبارك».

ومنذ نحو أسبوع بدأت القوى المدنية تعرب عن قلقها البالغ تجاه مواد دستورية مقترحة، ولوحت قيادات داخل الجمعية بتقديم استقالتها في حال إصرار الأغلبية الإسلامية على تمرير تلك المواد.

وتنامت حالة الاستقطاب السياسي بشأن الموقف من الدستور عقب اجتماع مغلق ضم رموز وقيادات القوى المدنية الليبرالية واليسارية في البلاد، لكن الغليان السياسي ظل مطمورا في مسعى لتقريب وجهات النظر، إلا أن استقالة منال الطيبي، عضو الجمعية، ومقالا كتبه حمزاوي بصحيفة «الوطن» المحلية فجر حالة من الجدل، والاتهامات المتبادلة.

وطالب حمزاوي، في مقاله بضرورة «التحرك الدولي ومن الآن مع منظمات دولية وبرلمانات ومجتمع مدني وإعلام، أملا في تكثيف الاهتمام والضغط الدولي لمساعدتنا في الدفاع عن دستور عصري».

وقال حمزاوي في مقاله إن «واجب الأحزاب والتيارات ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات العامة التي تدافع بجدية عن الحقوق والحريات ومدنية الدولة في الدستور الجديد، ولا تساوم عليها لحسابات شخصية أو حزبية ضيقة، أن تتواصل مع الدوائر الدولية وعبرها مع الرأي العام العالمي لإجلاء موقفها من الدستور وتفسير تحفظاتها على بعض مواده ونصوصه».

وثارت موجة من ردود الفعل الغاضبة التي استنكرت مطالبات حمزاوي بتوسيع دائرة الضغط، واعتبر البعض أن ما قاله حمزاوي محاولة للاستقواء بالخارج. وعلق الناشط السياسي وائل غنيم على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلا: «لم أصدق عيني وأنا أقرأ ما كتبت (موجها حديثه لحمزاوي). لسنا من فاقدي الثقة في أنفسنا وفي شعبنا لنهرع طالبين العون من دول دعمت الديكتاتورية لعقود في بلادنا. لن يكونوا أحرص على مصلحتنا منا. ولا يمكن أن يأتي اليوم الذي نستقوي بهم على أهلنا».

ودخل على خط الأزمة الناقد الرياضي علاء صادق، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين. وقال عبر حسابه الخاص على «تويتر» إلى عمرو حمزاوي: «بكل سفور تطالب تدخل المنظمات والدول الأجنبية في دستور مصر». وتابع: «هل وصلت بك الخصومة مع الإخوان إلى طلب التدخل الأجنبي في مصر؟».

واهتمت المواقع الإخبارية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين بإبراز تصريحات لقيادات ليبرالية ترفض فيه تصريحات حمزاوي. ونقلت البوابة الإخبارية لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان تصريحات أحمد دراج، أحد مؤسسي حزب الدستور الليبرالي أعرب فيها عن رفضه للدعوة التي أطلقها حمزاوي لتدويل قضية الدستور المصري، ونقلت البوابة قوله: «لسنا دولة محتلة لكي تتم مناقشة دستورنا دوليا يا دكتور عمرو»، مشيرا إلى أن المصريين قادرون على إصلاح أي خلل في دستور بلادهم».

من جانبه، أعرب حمزاوي عن استيائه من الهجوم الذي تعرض له، وقال: «الحديث عن الاستقواء بالخارج اتهام يصلح لزمن مبارك. هذه لغة حجرية ظل يمارسها نظام مبارك الذي تصور أنه يحتكر التواصل مع الخارج».

وأضاف حمزاوي الذي كان قد اختير ضمن تشكيل الجمعية التأسيسية الحالية وانسحب من المشاركة فيها، أن حسم الموقف من العمل في الجمعية التأسيسية أو الانسحاب منها لم يكن أمرا بسيطا. وتابع: «لا نلوم أحدا على الاستمرار ولا يصح أن نمارس الاستعلاء. أحترم موقف أنصار الدولة المدنية الذين شاركوا في أعمال الجمعية لكن لا بد من موقف حازم مما يحدث».

وقال حمزاوي: «سأرد تفصيلا عن تلك الاتهامات في مقالي المقبل (اليوم). هذا أمر لا يصح السكوت عليه»، معربا عن تفاؤله مما سماه «بدايات تحرك القوى المدنية» لتأسيس معارضة جماهيرية ضد الدستور الجديد.

ويقول دعاة الدولة المدنية إن الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور الجديد تسعى لتمرير مواد مقيدة للحريات وتمييزية. وتملك القوى الإسلامية أغلبية داخل الجمعية لتمرير المواد محل الخلاف.