مسيحيو مصر متخوفون من انتخاب بطريرك متشدد للكنيسة الأرثوذكسية

يخشون الصدام بينه وبين الدولة في ظل رئيس إخواني

TT

مع اقتراب موعد إعلان الأسماء النهائية للمرشحين لمنصب بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، تنتاب أقباط مصر مخاوف من تولي بطريرك متشدد خلفا للبابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل.

ولعل ما يزيد من تلك المخاوف هو اعتلاء رئيس ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين لسدة الحكم بمصر بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أعلنت نتائجها في شهر يونيو (حزيران) الماضي، بالإضافة إلى تكرار الحوادث الطائفية والتي كان آخرها حادث دهشور الشهر الماضي.

ويخيم على تفكير الأقباط طبيعة الشخصية التي ستخلف البابا شنودة الثالث، والذي اشتهر بحكمته في معالجة كثير من الأمور واحتوائه للكثير من المشاكل التي كانت تطرأ بين الدولة والكنيسة، فالبعض يخشى من تولي بابا متعصب أو ذي آراء متشددة بعض الشيء.

وتجلت هذه المخاوف بشدة مع زيادة عدد الطعون المقدمة يوميا ضد عدد من المرشحين من بينهم الأنبا بطرس الأسقف العام، والأنبا يوآنس سكرتير البابا الراحل شنودة الثالث، والأنبا بيشوي، سكرتير المجمع المقدس، والذي يعتبره كثيرون شخصية مثيرة للجدل بين المسيحيين والمسلمين بسبب تصريحاته السابقة وتصادمه مع المسلمين، وكذلك تصادمه مع الطوائف المسيحية الأخرى، الكاثوليكية والبروتستانتية، وتصادمه أيضا مع بعض رجال الدين المسيحي إذ إنه يرأس لجنة المحاكمات المختصة بعقاب رجال الدين المسيحي.

وقال كمال زاخر، المفكر القبطي ومؤسس التيار العلماني القبطي، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك جانبان من المخاوف التي تواجه المسيحيين الآن في قضية اختيار البابا، أولها يتمثل في تولي بطريرك له توجهات تصادمية أو عنيفة مع غير المسيحيين».

وأضاف زاخر: «الجانب الآخر يتعلق بقراءتنا لهذا المشهد بمعايير سياسية، أي أن هناك مخاوف من فرض دور سياسي على البابا والكنيسة مما قد يتسبب في كثير من الأزمات».

من جانبه، قال سامح سعد، عضو المكتب السياسي لأقباط ماسبيرو، لـ«الشرق الأوسط»: «إن لدينا اعتراضا على تولي شخص متطرف يتسبب في إدخال الكنيسة في صدامات لا داعي لها ولكننا لدينا ثقة كاملة بأن الله سيختار لنا شخصا مسؤولا وراعيا صالحا».

أما الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة وتوابعها؛ رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة الأرثوذكسية، فرفض اعتراض الكثيرين على شخصيات بعينها من المرشحين لاعتلاء الكرسي البابوي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «على الجميع عدم القلق، والثقة في اختيار الله وتقبله أيا كان هذا الاختيار لأنه يتم بقرعة هيكلية دون تدخل بشري». ويرى مينا عادل (25 عاما) أن هناك صفات أساسية يجب أن تتوفر في البابا الجديد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في رأيي أهم هذه الصفات هي الحكمة في إدارة الأمور، وعدم خلط السياسة بالدين والوطنية الشديدة، فنحن في ظرف لا يحتمل أي صدام بين الكنيسة والدولة».

أما إنجي سامح (22 عاما) فأعربت عن القلق الذي يواجه كثيرا من المسيحيين حاليا، قائلة: «القلق السائد بين كثير من المسيحيين الآن سببه الأساسي تطرق كثير من رجال الدين بالحديث بقليل من الحكمة والتعقل في الأمور السياسية وعدم اكتفائهم بالأمور الدينية، وهو ما تجلى مثلا في أحاديث الأنبا بيشوي السابقة، والتي تسببت في بعض المشاكل، ولذلك فإن توليه هو أو أي شخص آخر متشدد للكرسي البابوي، من وجهة نظري، قد يتسبب في مشاكل نحن في غنى عنها».

وستجري انتخابات البابا الجديد أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، على أن تجري القرعة الهيكلية في الثاني ديسمبر (كانون الأول) المقبل بين الثلاثة مرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات في الانتخابات.