نتنياهو يدعو أشكنازي إلى وليمة عشاء نكاية في باراك

رئيس الوزراء الإسرائيلي غاضب من وزير دفاعه بعد أن بدأ بالتغريد خارج السرب في الموضوع الإيراني

TT

وسط دهشة واستغراب شديدين دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خصمه اللدود رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غابي أشكنازي إلى وليمة عشاء عائلية. وفسر مراقبون هذه الدعوة بأنها نكاية في وزير الدفاع، إيهود باراك، الذي شرع في «التغريد خارج السرب» ويقترب في مواقفه في الشأن الإيراني من مواقف الإدارة الأميركية.

وقالت مصادر سياسية في القدس لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إن نتنياهو لا يغفر لباراك تركه وحيدا في المعركة أمام الإدارة الأميركية، ولذلك اختار أن يفتح صفحة جديدة من العلاقات مع خصمهما، أشكنازي، ملمحا إلى أنه قرر التخلي عن باراك في وزارة الدفاع في حكومته المقبلة وأن لديه أكثر من مرشح لهذا المنصب.

يذكر أن نتنياهو وباراك كانا يخشيان من الشعبية الواسعة التي يتمتع بها أشكنازي بين الجمهور فقررا تحطيم هذه الشعبية ومنع أشكنازي من خوض الانتخابات القريبة، فمررا في الكنيست قانونا يجبر رؤساء أركان الجيش على البقاء في بُعد عن النشاط السياسي طيلة ثلاث سنوات من خلعهم البزة العسكرية. وافتعل باراك مشكلة كبيرة مع أشكنازي وهو لا يزال في الخدمة، وسادت قطيعة بين مكتب رئاسة الأركان ومكتب وزارة الدفاع، وسرب الكثير من المعلومات التي تمس بمصداقية أشكنازي، وفعل ذلك كله بالتنسيق التام مع نتنياهو. وتمكنا بذلك من تحييد أشكنازي عن الساحة الحزبية، فاتجه إلى عالم التجارة والاقتصاد.

ولم يقف أشكنازي غير مبالٍ إزاء هذه المعركة، وراح هو أيضا يسرب المعلومات التي تهز مصداقية باراك ونتنياهو. وخرج علنا ضد رغبتهما في ضرب إيران، قائلا إن منع الجمهورية الفارسية من التزود بسلاح نووي هو قضية عالمية ينبغي لإسرائيل أن تكون شريكة في المعركة الدولية وأن لا تتصرف وحدها فيها. وانضم بذلك إلى مجموعة كبيرة من القادة العسكريين والأمنيين الذين عارضوا خطة نتنياهو - باراك. ولكن مع بدء تراجع باراك عن موقفه، وتقربه من الصيغة الأميركية، اغتاظ نتنياهو. فقرر توجيه ضربة غير مباشرة يهز فيها الحبل لباراك، فاختار دعوة أشكنازي وزوجته إلى مأدبة عشاء عائلية ليلة العيد، أول من أمس، وحرص على تسريب أمر هذه الدعوة للصحافة.

والتقط باراك الرسالة فورا، فحاول منافقة نتنياهو، أمس، خلال مهرجان لإحياء ذكرى قتلى حرب أكتوبر، التي وقعت قبل 39 سنة (1973). فقال إن هذه الحرب أحدثت تغييرا جوهريا في سياسة إسرائيل. وراح يتحدث عن الحرب القادمة، كما لو أنها واقعة قريبا لا محالة، فقال: «يجب أن يكون الجيش الإسرائيلي جاهزا لخوض أي معركة قادمة، باعتبار أننا في الحرب القادمة سنعتمد على أنفسنا فقط»، وهي الصيغة التي يستخدمها نتنياهو وباراك منذ باشرا التلويح بتوجيه ضربة عسكرية إسرائيلية إلى إيران لتشويش برنامجها للتسلح النووي. وأضاف باراك، موجها حديثه إلى الجنود والضباط المشاركين في الحفل: «إننا نخرج للحرب فقط عند الضرورة وعندما لا يوجد خيار آخر، ولكن على إسرائيل أن تكون جاهزة لخوض أي حرب وأي مواجهة، حتى لو كان الثمن الذي سندفعه باهظا ومؤلما».

وأوضح باراك أن حديثه لا يتعلق بإيران وحدها فحسب، بل أيضا بالعالم العربي وما يسمى بأحداث الربيع العربي. فقال إن «منطقة الشرق الأوسط تشهد فترة مضطربة نتيجة لهذه المتغيرات، وعلى الجيش الإسرائيلي أن يكون جاهزا لكل تحد إن كان بعيدا أو قريبا. فحرب يوم الغفران (هكذا تسمى حرب أكتوبر في إسرائيل) لم تكن الحرب الأخيرة لنا، مع أننا من جهتنا نتمنى أن يبارك الله لنا بالسلام».

وجدير بالذكر أن نتنياهو ما زال متمسكا بموقفه من الموضوع الإيراني. وفي يوم أمس، خلال رحلته إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أصدر بينا رسميا قال فيه: «أغادر الليلة البلاد متجها إلى نيويورك حيث أمثل دولة إسرائيل على منبر الأمم المتحدة. جميعنا متحدون في ما يتعلق بالقضية الإيرانية بهدف منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. وفي نفس اليوم الذي نصلي فيه لكي نكتب في كتاب الحياة، منح منبر للنظام الطغياني الإيراني الذي يسعى في كل فرصة إلى تدميرنا. وفي عشية يوم الغفران، المقدس للشعب اليهودي، اختار كبير المجرمين الإيراني أن يدعو، على الملأ وأمام كل العالم، إلى اختفائنا. هذا هو يوم أسود لهؤلاء الذين فضلوا أن يبقوا في القاعة ويستمعوا إلى هذا الكلام الحاقد. وإنهم سيستمعون إلى ردنا في الخطاب الذي سألقيه أمام ممثلي الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة. إنني وبصفتي رئيسا لحكومة دولة إسرائيل، دولة الشعب اليهودي، أسعى بكل السبل الممكنة من أجل منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. والتاريخ يثبت أن من أراد أن يمحونا من الخريطة، فشل في ذلك بينما تغلب الشعب اليهودي على كل العقبات. قد أسسنا دولة متميزة من أكثر الدول تقدما في العالم. إن إسرائيل هي دولة عصرية وقوية بفضل عظمة ومواهب مواطنيها وبفضل إيماننا بصحة طريقنا».