لافروف: الوضع في سوريا حرب أهلية

قال إن الأسد تعلم في الغرب.. وأصدقاؤه هناك وليس في روسيا

TT

على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قال سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، في لقاء تلفزيوني، إنه يرى الوضع في سوريا حاليا بمثابة حرب أهلية، محملا المسؤولية للدول التي تصر على ضرورة رحيل الأسد قبل بدء أي حوار، ولا تخفي دعمها للجيش السوري الحر الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين. ثمة عناصر ذات صلة بتنظيم القاعدة هناك، فضلا عن عناصر إرهابية أخرى.

وفي سياق رده على سؤال طرحه عليه الصحافي تشارلي روز حول ما إذا كانت الأزمة قد دخلت في طريق مسدود، أجاب بأن ذلك يعتمد على من تستمع إليه. فإذا كنت تستمع إلى الحكومة، على حد قوله، لن تجد أي مصدر مستقل وموضوعي عن الوضع العسكري. وقال: «نحن معنيون بدرجة أكبر بكيفية القضاء على هذه الحالة من الجمود».

ولدى سؤاله عن مقترحاته بشأن الإجراءات التي يمكن أن يتخذها العالم للقضاء على هذه الحالة من الجمود، أجاب قائلا «نحن نخطط للقيام بما اتفقنا عليه جميعا في يوم 30 يونيو (حزيران) في جنيف عندما أيدنا كوفي أنان، كان هناك اجتماع وزاري مع الـ5 أعضاء الدائمين بمجلس الأمن بحضور أمير قطر ووزير الخارجية التركي وسكرتير عام الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. استغرقنا بضع ساعات من العمل المضني في ذلك اليوم وتوصلنا إلى وثيقة تحمل اسم بيان جنيف بالإجماع ونعتقد أن هذه كانت بمثابة تسوية عادلة جدا بين الأطراف الفاعلة الخارجية الرئيسية والتي يجب فرضها على الأطراف المعنية. بعدها، تلقينا ردا إيجابيا من حكومة الأسد بشأن هذا البيان، ثم طلبنا من الحكومة تعيين محاورين لبدء حوار بشأن تشكيل هيئة حاكمة انتقالية. ومن المفترض أن تتمتع تلك الهيئة الحاكمة بصلاحية بدء الانتخابات وصياغة دستور جديد. بعدها، رفضت الحكومة الوثيقة تماما، ولكن مثلما ذكرت، كان هذا إجماعا من جانب جميع الأطراف الخارجية الرئيسية. لاحقا، اقترحنا تبني تلك الوثيقة في مجلس الأمن ورفض شركاؤنا ذلك».

وبسؤاله عما ينتظر أن يحدث للأسد بموجب هذه الوثيقة، أجاب بأنه بموجبها، يتحتم على حكومة الأسد تعيين محاورين والبدء في مناقشة على أساس الموافقة حول من سيمثل جزءا من الهيئة الحاكمة التي ستضطلع بمسؤولية صياغة الدستور الجديد والإعداد لإجراء انتخابات حرة نزيهة.

وحول ما إذا كان يرى أنه من المعقول أن يطلب من الأسد التنحي، بعد كل أعمال القتل الوحشية التي ترتكبها حكومته بحق السوريين الآخرين، قال إن هناك أولوية قصوى ألا وهي وقف أعمال العنف وإراقة الدماء، ومحاولة إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح البريئة. وهذا هو الموقف الذي انعكس في مؤتمر جنيف. أما البديل فهو الاستمرار في القتال بهدف الإطاحة بالرئيس الأسد، يبدو هؤلاء الذين اختاروا هذا الخيار مستعدين لدفع الثمن ممثلا في إزهاق أرواح بشرية.

وعند سؤاله عما إذا كان يعني أنه يلقي باللائمة على الثوار، وليس حكومة الأسد، في إزهاق أرواح الشعب السوري، قال إنه لا يهدف لتوجيه اللوم لأي طرف، وإنما يحاول عرض الموقف الواقعي. بعبارة أخرى، إذا ما اتفقنا جميعا على أنه يجب وقف إراقة الدماء وأن هذا هو دورنا، فإن جميع الأطراف الخارجية التي لها أي تأثير كان على الأحزاب السورية يجب أن تتحد وتأمرهم بوقف القتال، ثم الجلوس على طاولة مفاوضات لمناقشة مستقبل سوريا. وبسؤاله عما إذا كان يرى ضرورة إجراء محادثات مع الأسد والثوار لمناقشة خياراتهم ومحاولة الوصول إلى تسوية، أجاب بأنه إذا ما كانت أولوية إنقاذ أرواح بشرية هي أولويتنا القصوى، فسيكون هذا هو أقصر الطرق. أما إذا كانت أولى أولوياتنا هي الإطاحة بالأسد، مثلما كانت الأولوية القصوى هي خلع ميلوسوفيتش في يوغوسلافيا أو صدام حسين في العراق أو القذافي في ليبيا، فيجب أن يفهم الناس أن هذا سيختلف إلى حد ما عن إنقاذ الأرواح البشرية بشكل فوري. وأشار إلى أن روسيا تدين أي استخدام للقوة من دون تصديق مجلس الأمن.

وفي سياق سؤاله عن مزاعم مفادها أن حكومته قد انزعجت مما حدث في ليبيا في ما يتعلق بالإجراءات التي صدقت عليها المملكة المتحدة والأمم المتحدة واتخذتها الحكومة الفرنسية وعما إذا كان هذا قد يؤثر على رؤيته بشأن الإجراءات التي يمكن اتخاذها في سوريا، أشار إلى أن كلمة «الانزعاج» ليست بالكلمة الدقيقة، إنما الكلمة الأدق هي «الخداع» وعندما يتعلق الأمر بقضايا دولية على درجة كبيرة من الأهمية تهدد حياة مئات الآلاف من البشر، يكون للخداع ثمن باهظ. كان الخداع متعلقا بفرض منطقة حظر جوي. طرحت الفكرة لأول مرة إبان أزمة العراق. وكان التفسير الذي قدم في ذلك الوقت هو أن صدام حسين لا يملك حق التصرف في قواته الجوية وأن المجال الجوي العراقي سوف يخضع لرقابة من التحالف الذي صدق عليه مجلس الأمن.

وقال لافروف: «لا أعتقد أنني بحاجة لاسترجاع ما حدث في ليبيا. فقد تمثلت واقعة خداع أخرى في حظر الأسلحة الذي فرض بالإجماع. صوتنا عليه لنجد لاحقا أن دولا مثل فرنسا وقطر تتباهى علنا بأنها تزود الثوار بالأسلحة، فيما يشكل انتهاكا لقرار مجلس الأمن». وأضاف لافروف: «أرغب في توضيح نقطة، وهي أننا لم نكن متحالفين مع القذافي أو الأسد. لقد تلقى تعليمه في أوروبا. وأصدقاؤه في غرب أوروبا، وليس في روسيا، وعندما يزعم الناس أننا نحمي الأسد، فإن هذا يعبر عن جهل تام بحقيقة الموقف».