ليبيا: أبو شاقور يعترف علنا بجنسيته الأميركية لأول مرة ويقول إنه مستعد للتنحي إذا صدر قرار من البرلمان

دافع عن وضع يده على صدره خلال عزف النشيد الأميركي بأنه تعبير عن الاحترام وليس الولاء

مصطفى أبو شاقور
TT

في اعتراف علني نادر، أقر رئيس الوزراء الليبي المنتخب الدكتور مصطفى أبو شاقور بأنه يحمل الجنسية الأميركية إلى جانب جنسيته الأصلية، لكنه اعتبر في المقابل أن قضية ازدواج الجنسية هي أمر يخص المؤتمر الوطني العام (البرلمان الليبي). وأضاف أبو شاقور، في أول تلميح إلى إمكانية تخليه عن منصبه بسبب جنسيته المزدوجة إذا صدر قرار رسمي من البرلمان بذلك «هذه قضية دستورية، وإن اتخذ المؤتمر الوطني قرارا يمنع ذلك فإنني سأحترم أي قرار قد يصدر في هذا الخصوص».

وجاءت تصريحات أبو شاقور المثيرة للجدل في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في العاصمة الليبية طرابلس لشرح مبررات طلبه الإذن من البرلمان بتمديد مهلة تشكيل حكومته الانتقالية، الثانية في البلاد بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله العام الماضي، عشرة أيام إضافية تنتهي بحلول الثامن من الشهر المقبل. وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يشير فيها رئيس الوزراء الليبي منذ أن كلفه البرلمان مؤخرا بتشكيل الحكومة إلى مسألة ازدواج جنسيته.

وخلال الاحتفال الرسمي الذي أقامه البرلمان والحكومة بحضور وفد أميركي رفيع المستوى لتأبين السفير الأميركي الذي قتل مؤخرا في هجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، ظهر أبو شاقور وهو يضع يده على صدره كما فعل المسؤولون الأميركيون خلال عزف النشيد الوطني الأميركي.

ويعتبر وضع اليد على الصدر إجراء محصور في المدنيين الأميركيين نصت عليه المادة 301 من القانون الأميركي الخاص بالتقاليد المرافقة لعزف النشيد الأميركي. لكن أبو شاقور دافع عن موقفه أمس، وقال ردا على سؤال للصحافيين إن وضع اليد على الصدر قضية رمزية لا أكثر، ويعتبر فقط عن الاحترام ولا يرمز إلى الولاء، مضيفا «الوقوف للنشيد الوطني لأي شعب هو احترام النشيد والدولة، وطوال عمري أحترم النشيد الوطني لأي دولة، ووضع يدي على صدري هو احترام للنشيد وليس ولاء له».

وقال ناشطون ليبيون إنهم قدموا طعونا أمام المحكمة الدستورية العليا لمنع أبو شاقور من تشكيل الحكومة، على اعتبار أن توليه منصبه يتعارض مع القيود التي وضعها البرلمان على شاغلي المناصب السيادية في الدولة والحكومة. واشترط البرلمان في وقت سابق على المرشحين لمنصب رئيس الحكومة خلفا لرئيس الوزراء الحالي الدكتور عبد الرحيم الكيب ألا يكونوا من حملة الجنسيات الأجنبية، أو متزوجين من غير ليبيات، وأن يخلو سجلهم المهني من أي ارتباط بنظام القذافي.

لكن الهيئة الوطنية العليا لتطبيق معايير النزاهة والوطنية، التي كلفت رسميا بمراجعة أوراق المرشحين الثمانية للمنصب وعلى رأسهم أبو شاقور، لم تعترض على أي منهم، وقالت إنهم مهيئون لخوض الاقتراع الذي أجراه البرلمان وانتهى بحصول أبو شاقور على المنصب بفارق صوتين فقط عن غريمه الدكتور محمود جبريل رئيس تحالف القوى الوطنية ورئيس أول مكتب تنفيذي للثوار خلال حرب العام الماضي ضد القذافي.

وبعيدا عن هذا الجدل الذي قد يهدد دستورية حكومته المرتقبة، كشف الدكتور أبو شاقور عن إجرائه اتصالات مع بعض رؤساء الأحزاب السياسية وعدد من الكتل الحزبية والعديد من المستقلين في المؤتمر الوطني العام، معتبرا أن ذلك يمثل حرصا منه على تشكيل حكومة وفاق وطني تلبي تطلعات الشعب الليبي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ ليبيا.

وأوضح أن اللجنة الفنية المكلفة بفحص طلبات الترشح، والتي تم تشكيلها مباشرة بعد انتخابه لرئاسة الوزارة، قد باشرت العمل منذ أكثر من أسبوع بفحص طلبات الترشح وفقا لمجموعة من معايير الكفاءة والخبرة التي وضعتها. وأضاف أن اللجنة المعنية والتي تسلمت مئات الطلبات المرفقة بالسير الذاتية الخاصة بالمرشحين قد اقتربت من الانتهاء من مهمتها، لافتا إلى أنها تنتظر وصول طلبات الترشح التي وعدت بها بعض الكتل السياسية.

وأكد أن التشكيلة الوزارية الجديدة ستكون حكومة وفاق وطني تلبي تطلعات الشعب الليبي بكل فئاته وأطيافه السياسية، مشيرا إلى أنه سيقوم بعرضها أمام البرلمان قبل انتهاء المدة التي حددت بتاريخ الثامن من الشهر المقبل. وأضاف «الحكومة هي فريق ويجب أن يكون متجانسا، ولن يكون عكس ذلك، ولن أسمح بذلك»، مشددا على أن «حكومتنا لن تكون مبنية على المحاصصة، والكفاءة هي المعيار الأساسي لهذه الحكومة».

واعتبر أبو شاقور ما شهدته ليبيا من حراك شعبي خلال المدة الماضية يؤكد على شرعية الدولة ومؤسساتها المتمثلة في جهازي الشرطة والجيش، مؤكدا أهمية حل التشكيلات العسكرية التي لا تحظى بشرعية الدولة. وبعدما شدد على أن ثوار ليبيا هم حل لا مشكلة، قال الدكتور مصطفى أبو شاقور إن الحكومة لديها برامج مبتكرة لاستيعابهم وتأهيلهم ليستطيعوا المساهمة في البرامج التنموية المستقبلية من خلال جميع مؤسسات الدولة. وأضاف «لن أقبل بأي حال من الأحوال بأن يفرض علي أي كان أي شيء». وتابع «سيكون هناك مخطط لنزع السلاح، تدخل فيه الحوافز، وسيكون حمل السلاح بعد بالترخيص، وسيكون هناك تقنين ولن نسمح بأن يكون السلاح منتشرا على المدى البعيد». وأعلن سعيه لتحقيق مصالحة وطنية كبيرة تعم كل أبناء الوطن وتصل إلى كل المناطق الموجود فيها التوتر، كما تعهد بالحفاظ على المال الليبي وعدم السماح بوجود فساد مالي في الدولة.

ونفى ما تردد عن تقديم بلاده مليار دولار إلى لبنان مقابل إسقاط قضية الإمام الشيعي اللبناني موسى الصدر الذي انقطعت أخباره منذ آخر زيارة له إلى ليبيا عام 1978 مع اثنين من مرافقيه، مؤكدا على أن «الحكومة الليبية لم تقدم شيئا لأحد، فالشعب الليبي لم يرتكب أي جرم». ولفت أبو شاقور إلى وجود تعاون بين الحكومتين الليبية والأميركية في موضوع الاعتداء الذي تعرض له مؤخرا مقر القنصلية الأميركية في بنغازي، مما أسفر عن مصرع أربعة أميركيين من بينهم كريس ستيفنز السفير الأميركي لدى ليبيا. وقال أبو شاقور «التحقيق للوصول إلى الجناة متواصل، ونحن لن نسمح بقتل أي أبرياء مهما كانوا».