المستشارة نهى الزيني: ما يثار إعلاميا عن تحجيم دور المحكمة الدستورية مجرد تحرشات سياسية من بعض المعارضين لـ(الإخوان)

قالت لـ «الشرق الأوسط»: استحواذ مرسي على جميع السلطات محفوف بالمخاطر

نهى الزيني نائبة رئيس هيئة النيابة الإدارية بمصر
TT

انتقدت المستشارة نهى الزيني، نائبة رئيس هيئة النيابة الإدارية في مصر، ما يتردد في الأوساط السياسية عن وجود نية لدى جماعة الإخوان المسلمين لتقليص دور المحكمة الدستورية العليا في الدستور الجديد الذي يتم إعداده الآن. وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «كل ما يثار إعلاميا عن تحجيم دور المحكمة لا يعدو مجرد تحرشات سياسية من بعض المعارضين لـ(الإخوان)»، لافتة إلى أنه لم يصدر عن الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع أول دستور للبلاد بعد ثورة «25 يناير» ما يشير إلى صحة ما يتردد؛ بل العكس هو الصحيح، فهناك مقترحات قدمت للجمعية لدعم المحكمة الدستورية وعلى رأسها المقترح المقدم من المحكمة نفسها والذي لا بد أن ينظر إليه باعتباره المقترح الأهم في هذا الشأن.

وشهدت الأشهر الماضية خلافا بين المحكمة الدستورية وجماعة الإخوان، عقب قيام الأولى بإصدار حكم بحل البرلمان (الذي يستحوذ عليه الإسلاميون) والتأكيد على رفض عودته من جديد، مما دعا جماعة الإخوان للجوء إلى محكمة القضاء الإداري التي أيدت حكم الدستورية بعدم عودة البرلمان للحياة السياسية.

وأكدت الزيني، وهي قاضية مصرية في الأساس، أن القضاء المصري كان وسيظل الحصن الحصين لحقوق المواطنين وحرياتهم، والمناقشات المثارة الآن سواء داخل الجمعية أو على المستوى السياسي والإعلامي تهدف كلها لدعم استقلال القضاء، مما سيزيد بلا شك من فعالية العمل القضائي باعتباره الحامي الأساسي للحقوق والحريات في البلاد.

ورفضت نهى الزيني مصطلح «أخونة مؤسسات الدولة»، قائلة إن «المصطلح غير مستقيم الدلالة، والبعض يلجأ إليه كبديل لمصطلح (لأسلمة) الذي ساد في الخطاب الثقافي المصري أيام الرئيس الأسبق أنور السادات، كتعبير عن خشية بعض المثقفين وقتها من انتشار المظهر الإسلامي وتنامي النشاط الإسلامي داخل الجامعات»، مضيفة «الآن أصبح الحديث عن الأسلمة يقابل بالرفض والاستهجان من الشارع المصري الذي استشرى فيه التيار السلفي خلال الأعوام العشرين الأخيرة، لذلك لجأ البعض للحديث عن الأخونة كبديل آمن للأسلمة، رغم أن (الإخوان) متهمون من قبل التيارات الإسلامية المختلفة بأنهم تخلوا عن مشروعهم الإسلامي لحساب مشروعهم السياسي».

وعما يتردد عن أن مصر في طريقها إلى أن تكون دولة ذات مرجعية إسلامية، قالت الزيني «من الناحية النظرية مصر دولة ذات مرجعية إسلامية بمقتضى المادة الثانية من دستور عام 1971 (والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)، وهي مادة توافق المصريون بمختلف أطيافهم السياسية وانتماءاتهم الدينية على الإبقاء عليها كما هي في مشروع الدستور الجديد، لذلك فالحديث عن المرجعية الإسلامية (الدينية) مسألة منتهية من الناحية النظرية، ويبقى التحدي عند التطبيق، وهو ما أعتقد أنه سيثير خلافات قد تصل إلى الصراع، خصوصا لو حصلت التيارات الإسلامية على أغلبية المقاعد البرلمانية في الانتخابات التشريعية التي ستجرى بعد الانتهاء من كتابة الدستور».

وحول رأيها عن تعدد الأحزاب السياسية على الساحة بعد الثورة، أوضحت المستشارة نهى الزيني «لا شك أن التعدد الحزبي حتى لو كان عشوائيا في البداية سوف يساعد على تعافي الحياة السياسية المصرية التي تعرضت للتجميد مدة تزيد على نصف قرن، وهذا التعدد سيتم ترشيده بمرور الوقت، فلن تستمر إلا الأحزاب الكبيرة التي تستطيع أن تمتلك رصيدا شعبيا من خلال أداء سياسي حقيقي». وأكدت الزيني أن مصر ما زالت تمر بمرحلة انتقالية قد تستمر لسنوات خصوصا أنه لم يكتمل بعد بناء المؤسسات الدستورية التي تخلق وضعا مستقرا، وما تم بناؤه منها طوال الأشهر الماضية تعرض للإزالة، متوقعة صدور حكم دستوري بحل مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان)، على غرار حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان) في 14 يونيو (حزيران) الماضي، مضيفة «كما أن الجمعية التأسيسية للدستور مطعون عليها قضائيا ومن المحتمل صدور حكم بحلها، لذا فنحن أمام وضع انتقالي شديد الارتباك يملك فيه رئيس الدولة الدكتور محمد مرسي باعتباره السلطة المنتخبة الوحيدة جميع السلطات في يده، وهي مسألة محفوفة بالمخاطر، خصوصا مع تصاعد نبرة الاحتجاجات الشعبية».

تصويبات

* ورد خطأ في المقال أعلاه إن «الدستورية العليا محصنة ضد من يعبثون بالدستور الجديد»، وهو ما لم تذكره في حوارها. والصحيح هو قولها إن «ما يثار إعلاميا عن تحجيم دور المحكمة الدستورية مجرد تحرشات سياسية من بعض المعارضين للإخوان»، لذا لزم التنويه والاعتذار.