كلينتون: نرى بوادر «سوريا جديدة» تخرج من المناطق المحررة

العربي يطرح فرق «حفظ سلام».. وليون بانيتا: سوريا نقلت بعض الأسلحة الكيماوية إلى مواقع أكثر أمنا

TT

أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس أن «بوادر سوريا جديدة» بدأت تخرج من المناطق المحررة، أي التي فقد النظام السوري السيطرة عليها وباتت عناصر الجيش السوري الحر تسيطر عليها، وقد قالت كلينتون ذلك لدى افتتاحها اجتماع المجموعة الأساسية لـ«مجموعة أصدقاء الشعب السوري» أمس في نيويورك، حيث شاركت أكثر من 20 دولة في الاجتماع الذي دعت إليه واشنطن، وشاركت فيه للمرة الأولى جامعة الدول العربية برئاسة نبيل العربي.

وأبدت كلينتون تأييدها لجهود المعارضة السورية في الخارج، قائلة: «مع خروج أجزاء متزايدة من سوريا عن سيطرة النظام السوري، علينا أن نزيد دعمنا للمعارضة في الخارج.. كما سنزيد من دعمنا للمعارضة في قضايا مثل فتح المدارس ومساعدتهم على الاحتياجات اليومية للمعيشة». وأضافت أن الهدف «حماية البلاد».

وأعلنت كلينتون مساعدات إضافية بقيمة 15 مليون دولار لـ«دعم المعارضة السورية»، موضحة أن ذلك الدعم لن يكون على شكل أسلحة بل إنه دعم «لوجيستي» ومن ذلك 1100 جهاز اتصال جديد وتدريب ألف ناشط سوري على جمع الأدلة على النظام الحالي و«تجنب الاضطهاد» بحسب كلينتون.

ويحرص الأميركيون على تسليط الضوء على الدعم الإيراني المتواصل للنظام السوري. وقالت كلينتون إن «إيران باتت حبل النجاة الأهم للنظام». ونددت كلينتون بتصريحات رئيس الحرس الثوري الإيراني الأسبوع الماضي الذي اعترف فيه بانتشار قوات إيرانية في سوريا لقمع الثورة، وقالت: «لا يوجد شك في أن طهران ستعمل كل ما بوسعها لحماية هذا النظام التابع لها وحليفها في دمشق، إيران ستعمل كل ما بوسعها لتفادي العقوبات الدولية». وأضافت أنه من الضروري اتخاذ خطوات لصد النفوذ الإيراني في سوريا.

وكان من اللافت حضور العراق هذا الاجتماع، ممثلا بوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، لتكون هذه المشاركة الأولى للعراق في مؤتمرات المجموعة الأساسية لمجموعة أصدقاء سوريا. ورحبت كلينتون بالمشاركة العراقية تحديدا، قائلة إنها خطوة إيجابية. وهناك ضغوط أميركية متزايدة على العراق لمنع شحنات أسلحة وأموال تدخل إلى سوريا من إيران عبر أراضيه. وقالت كلينتون: «نحن نتشجع من إعلان العراق أنه سيتخذ إجراءات لتفتيش عشوائي للطائرات الإيرانية ونشجع آخرين على اتخاذ خطوات مماثلة». وكان الإعلان العراقي هذا الأسبوع قد لاقى ترحيبا من الولايات المتحدة ودول أوروبية التي ضغطت على الحكومة العراقية حول منع وصول المساعدات الإيرانية إلى سوريا.

وكانت الرسالة الأميركية واضحة للمجتمعين، وهي أن واشنطن تنوي مواصلة سعيها لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد من خلال دعم المعارضة، بطرق غير فتاكة، ومواصلة الضغوط على النظام السوري من حيث العقوبات والعزلة السياسية بالإضافة إلى العمل على توصيل المساعدات الإنسانية. وأعلنت كلينتون تخصيص 30 مليون دولار إضافي للإغاثة الإنسانية للسوريين «من أجل توصيل الغذاء والمياه والبطانيات والمعدات الطبية للسوريين المحتاجين وليس بناء على ولاءاتهم»، أي ليس فقط للمعارضين السوريين. وقالت كلينتون: «مع تردي الوضع علينا جميعا أن نبحث عن سبل لتقديم المزيد للسوريين وأطالب الجميع بتقديم المساعدات».

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية إن هناك ضرورة من قبل المعارضة على الاتحاد من جهة، ورفض التطرف من جهة أخرى. وأوضحت أن «من الضروري أن يرفض القادة والمدنيون التطرف.. ويجب أن يحرصوا على ذلك الرفض». وفيما يخص وحدة صف المعارضة، قالت كلينتون «هناك المزيد من العمل المطلوب من المعارضة»، مضيفة أن اجتماعا مرتقبا في الدوحة سيسعى لتحقيق هذا الهدف الضروري. وتابعت أن من الضروري «أن يتم طمأنة الأقليات بأنها ستكون محمية في سوريا ما بعد الأسد».

وأكدت كلينتون أيضا ضرورة محاسبة النظام على انتهاكات حقوق الإنسان، ولكنها لفتت أيضا إلى أنه «لن يتم التسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان بغض النظر عن الجهة المسؤولة عنها».

ومن جهته، شدد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي على ضرورة التحرك السريع لمواجهة التدهور في سوريا «في هذا الوقت الحرج»، معترفا بأن «الجهود الدولية لم تجلب نتيجة بعد». وطالب العربي بالاعتماد على أسس خطة جنيف التي تم الاتفاق عليها من قبل جميع أعضاء مجلس الأمن الدائمين بما فيهم روسيا والصين في جنيف الصيف الماضي، قائلا: «علينا أن نبني على خطة جنيف مع جهود واضحة، علينا أن نجد طرقا عملية لوقف القتل». وأضاف: «اتفقت الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن في جنيف على العمل على مرحلة انتقالية سياسية (في سوريا)، وذلك يعني تغيير النظام الحالي في سوريا». وتابع: «لقد رأينا ما يكفينا من القتل والدمار وعلينا التوصل إلى إجراءات عملية». وأوضح النقاط الأساسية المقبلة المطلوبة، قائلا: «نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار ومن ثم إرسال فرق مراقبة وفرق حفظ السلام لضمان ذلك». وخلص العربي بالقول: إن هناك دولا «تعرقل هذه الجهود ولا يمكن إضاعة المزيد من الوقت بسببها»، مضيفا: «الشعب السوري ينظر إلينا للتحرك».

ورغم أن الجامعة العربية كانت ممثلة في الاجتماع من قبل العربي والوفد المرافق له، وكانت الأمم المتحدة ممثلة من قبل وكيل أمين عام الأمم المتحدة جيفري فيلتمان، لم يحضر المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي. وكان الإبراهيمي قد التقى مع كلينتون يوم الثلاثاء الماضي والتقى مع عدد من وزراء الدول المعنية بالشأن السوري، واطلع وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم مساء أول من أمس على الملف السوري، إلا أنه لم يحضر اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا بسبب مقاطعة روسيا والصين وعدد من الدول الأخرى للمجموعة. وكي لا يبدو منحازا، لم يشارك الإبراهيمي في الاجتماع.

وأفاد الناطق باسم الإبراهيمي، أحمد فوزي، لـ«الشرق الأوسط» أنه من المرتقب أن يلتقي الإبراهيمي مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم هذا الأسبوع، بالإضافة إلى الاجتماع بالمعارضة. ولكنه لم يتم تحديد موعد لعقد لقاء مع المعلم بعد.

ويذكر أن ممثلين عن المعارضة السورية شاركوا في اجتماع أصدقاء سوريا، وأن 4 منهم جاءوا من داخل سوريا ولم يتم الإعلان عن هويتهم في الاجتماع حماية لسلامتهم. كما شارك رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا وعدد من أعضاء المجلس من بينهم رضوان زيادة.

ومن جانبه أكد وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أن الحكومة السورية قامت بنقل بعض الأسلحة الكيمائية إلى مواقع أكثر أمنا من أجل حمايتها.

وقال وزير الدفاع الأميركي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الكندي بيتر ماكاي أمس الجمعة: «لدينا معلومات مخابراتية تشير إلى حدوث عمليات نقل في بعض المواقع لزيادة تأمين الأسلحة الكيمائية». وأضاف: «لكن فيما يتعلق بحركة تلك الأسلحة أو تحديد موقع بعض منها وأين بالضبط هذه المواقع، نحن لا نعرف».

وقال بانيتا للصحافيين: «ليس لدي أي معلومات محددة حول المعارضة وما إذا كانت استطاعت الحصول على بعض تلك الأسلحة أم لا، وحجم ما حصلت عليه، وليس لدي معلومات عما يحدث بالضبط هناك».

وأشار بانيتا إلى أن الولايات المتحدة تقوم بمراقبة المواقع الرئيسية للأسلحة البيولوجية والكيمائية وتأكدت أنها ما زالت آمنة، وتعد هذه هي المرة الأولى التي يؤكد فيها مسؤول أميركي رفيع المستوي وجود تحركات للأسلحة الكيمائية، وهناك مخاوف من وقوع مخابئ الأسلحة الكيماوية في أيدي قوى المعارضة التي تقاتل للإطاحة بنظام بشار الأسد أو وقوع مخابئ الأسلحة في يد قوات مسلحة أخرى في سوريا. وقد اعترف النظام السوري بأن سوريا لديها مخزون كبير من الأسلحة الكيماوية.