مصادر دبلوماسية غربية: زمن التسوية لم يحن بعد في سوريا

قالت إن حماية المناطق المحررة أو التدخل العسكري العربي مستبعدان في الوقت الحاضر

TT

استبعدت مصادر دبلوماسية غربية في باريس أن تجد الفكرتان «الجديدتان» اللتان طرحتا في الأسبوع الأول من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة والاجتماعات الرديفة «اجتماع مجلس الأمن الدولي على المستوى الوزاري، بدعوة من ألمانيا، الاجتماع التنسيقي لسبعة من الوزراء العرب، لقاء المبعوث العربي - الدولي إلى سوريا مع أمين عام الأمم المتحدة وأمين عام الجامعة العربية، اللقاءات الثنائية متعددة المستوى». طريقهما إلى التنفيذ معتبرة أن شلل الأسرة الدولية وعجزها عن التحرك يعنيان أن الجميع «ينتظر حصول تحولات ميدانية» من شأنها تحريك الوضع ومعاودة إطلاق المساعي السياسية «الجدية».

وتناولت هذه المصادر، بداية الفكرة الأولى التي طرحها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند والقاضية بـ«توفير الحماية للمناطق المحررة» التي تعتبر باريس أنها خرجت عن سلطة الدولة، والتي بدأت بتوفير المساعدة الإنسانية والخدماتية لها بالتعاون مع المجالس المحلية والثورية التي تشكلت فيها.

وفكرة الرئيس الفرنسي ليست جديدة تماما؛ إذ إنها تطوير لمبدأ «المناطق الآمنة». والفرق بين الفكرتين أن الثانية أكثر تحديدا‘ إذ تتناول مناطق تقع شمال وشرق سوريا، وبحسب المصادر الفرنسية، فإنها تضم نحو 700 ألف شخص ويمكن أن تتم شيئا فشيئا مع التطورات الميدانية.

والحال، كما تقول المصادر الدبلوماسية، أن توفير الحماية يحتاج لتدخل قوة عسكرية. وكان وزير الدفاع الفرنسي نفسه قد اعتبر أن مشروعا كهذا بحاجة إلى إقامة منطقة حظر جوي «جزئي» أي لا يشمل كافة الأراضي السورية. وبما أن باريس تكرر منذ البداية أن أي تدخل عسكري يفترض صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، فإن الطريق إليه يبدو مسدودا لأن الموقف الروسي - الصيني لم يتطور حتى الآن، وبالتالي لا يبدو أن مجلس الأمن الدولي قادر على سلوك هذا الدرب في الظروف الحالية.

وقالت مصادر فرنسية إن المجلس المذكور قد «لا تتاح فرصة التدخل في سوريا إلا في مرحلة ما بعد انهيار النظام» وذلك وفق الطريقة التي تدخل بها في العراق من أجل المحافظة على الأمن وإيجاد الإطار السياسي والترتيبات الضرورية لإعادة بناء الدولة السورية. وتذهب بعض الأوساط إلى اعتبار أن المبعوث الخاص، الأخضر الإبراهيمي يمكن أن يضطلع بهذه المهمة في فترة لاحقة. غير أن الدوائر الدبلوماسية في باريس وغيرها من العواصم المعنية، تريد للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تلعب دورها في توفير الحماية للمدنيين السوريين، وفق مبدأ «واجب الحماية» الذي يقع على عاتق الأمم المتحدة. ولذا، فإن السؤال المطروح اليوم يتناول «الصيغة» التي يمكن التوصل إليها من أجل «تفعيل» هذا المبدأ.

أما الفكرة الثانية، فقد أطلقها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي يقترح تدخلا عسكريا عربيا مذكرا بما فعلته الجامعة العربية في لبنان في السبعينات، حيث أرسلت قوة قوامها 30 ألف عسكري سميت وقتها قوة الردع العربية. وترى هذه المصادر أن الصعوبة الأولى لتحقيق هذه الفكرة هو غموضها، إذ ليس المعروف ما إذا كان المقصود إرسال قوة قتالية عربية أم قوة فصل أو قوة مراقبة لوقف النار. وكل من السيناريوهات الثلاثة يطرح إشكالية مختلفة وتعترضه صعوبات يبدو من المستحيل في الوقت الراهن التغلب عليها. وبأي حال تتساءل المصادر الدبلوماسية عن «هوية» الدول العربية التي ستكون مستعدة لإرسال قوات تغطي كامل الأراضي السورية، وعن كيفية تصرفها ميدانيا إذا كان إرسالها سيتم قسريا، أي بغياب موافقة النظام السوري الذي لن يقبل كما هو منتظر قوة كهذه.

على ضوء هذه المعطيات، تعتبر المصادر الدبلوماسية أن الفترة الراهنة «ليست لإيجاد حل للأزمة السورية، بل لإدارتها بمعنى السعي لإبقائها محصورة في الداخل السوري»، وحجب عدواها عن دول الجوار قدر الإمكان. وحتى الآن، لا تبدو أية دولة غربية بمفردها ولا الحلف الأطلسي كمنظمة عسكرية تنضوي تحت لوائها «جاهزين» للتدخل العسكري في سوريا بغض النظر عن صعوبة استصدار قرار بهذا المعنى من مجلس الأمن الدولي.