وزراء خارجية العالم الإسلامي يطالبون بالتصدي للتحريض ضد الأديان

دعوا في بيان مشترك إلى نظام تعليمي يشمل قيم حقوق الإنسان

TT

استنكر وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي من نيويورك مجددا الأعمال الأخيرة المسيئة للإسلام، والتحريض على الكراهية بناء على الدين، بعد أن شهدت أعمال الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة نقاشات مطولة حول ضرورة التصدي لظاهرة الإساءة للأديان والتصدي للردود العنيفة على مثل هذه التصرفات.

وكان وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي قد اختتموا اجتماعهم السنوي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار «إعلان الاجتماع التنسيقي لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي لإدانة الأعمال التجديفية المتعلقة بإصدار الفيلم المسيء (براءة المسلمين) ونشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)». وكان من اللافت أن الإعلان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، شدد على أن منع الإساءة إلى المعتقدات يقع ضمن حماية حقوق الإنسان، ويجب أن يُحترم ذلك ضمن احترام حقوق كل مؤمن.

وبعد الاجتماع الذي عقد في مقر الأمم المتحدة أول من أمس، أصدر الوزراء بيانا قالوا فيه «لقد لاحظنا، بقلق بالغ، استمرار حالات التعصب والتمييز والوصم ضد المسلمين، وتحقير دينهم، والإساءة إلى نبيهم (صلى الله عليه وسلم)، وإلى كتابهم المقدس ورموزهم في أنحاء كثيرة من العالم، وهي أعمال تتعارض مع القواعد الدولية لحقوق الإنسان ومبدأ حرية الأديان». واستنكر الوزراء إنتاج الفيلم المسيء وغيره من خطوات «تنم عن الكراهية بذريعة حرية التعبير». وأضافوا أن «أعمال الإسلاموفوبيا هذه تعد انتهاكا لحرية الدين والمعتقد التي تكفلها الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، وإساءة بالغة لأكثر من مليار مسلم ولجميع الشعوب ذات الضمير عبر العالم».

وخلال الأسبوع الماضي، صدرت تصريحات من مسؤولين من مختلف أنحاء العالم، منهم أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس الأميركي باراك أوباما، تستنكر الأعمال التحريضية والمسيئة، ورحب الوزراء بها، ودعوا إلى المزيد من التعاون الدولي للتصدي لمثل هذه الأعمال. وفي الوقت نفسه، عبر مسؤولون مثل أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن أهمية حماية حرية الرأي بالتزامن مع استنكار أعمال الإساءة، ورد وزراء الدول الإسلامية في بيانهم على قضية حرية الرأي بالقول «إننا نقر بأهمية حرية التعبير، لكننا نؤكد في الوقت ذاته ضرورة أن نضمن أن يمارس الجميع هذه الحرية بمسؤولية ووفقا للقوانين والصكوك الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان». وتم تداول كيفية مواجهة هذه الظاهرة في اجتماع وزراء الخارجية أول من أمس.

وشددت منظمة المؤتمر الإسلامي على اعتماد لغة القانون في التصدي لتلك الأعمال، إذ أدان الوزراء في البيان الصادر عن المنظمة «أي دعوة للكراهية الدينية»، وأكدوا أنها «تعد تحريضا على التمييز أو العدوان أو العنف، سواء اشتملت على استخدام المطبوعات أو وسائل الإعلام السمعية البصرية أو الإلكترونية أو أي وسيلة أخرى». ولفت الوزراء في بيانهم إلى القرار 16/18 الصادر عن مجلس حقوق الإنسان في أبريل (نيسان) 2011 بشأن مكافحة التعصب والقولبة النمطية السلبية والوصم والتمييز والتحريض على العنف وممارسة العنف ضد الناس على أساس دينهم أو معتقدهم، مما يعني أرضية قانونية دولية لمواجهة هذه الظاهرة. وقال الوزراء في بيانهم «نحث جميع الحكومات، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، على اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك سن التشريعات اللازمة للتصدي لهذه الأعمال التي تؤدي إلى التحريض على الكراهية والتمييز والعنف ضد الناس على أساس دينهم».

وحرص الوزراء أيضا على التأكيد على أهمية احترام جميع الحضارات وتفعيل الحوارات بين المجتمعات المختلفة. وأفاد الوزراء في البيان «نقر أيضا بأن جميع الحضارات تتشاطر القيم الإنسانية الأساسية، وأن التنوع الثقافي والديني وسعي جميع الشعوب والأمم لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية يعدان من مصادر الإثراء المتبادل للحياة الاجتماعية والثقافية لبني البشر». واعتبر الوزراء أن «النقاش العام والمنفتح للأفكار وحوار الأديان والثقافات على الصعيد المحلي والوطني والدولي يمكن أن يكون من أفضل وسائل الحماية من التعصب الديني وأن يؤدي دورا إيجابيا في مكافحة الكراهية الدينية». ورحب الوزراء بجميع المبادرات التي تصب في هذا الاتجاه. ويذكر أن «منتدى تحالف الحضارات» التابع للأمم المتحدة ناقش القضية نفسها في اجتماع وزراء خارجية الدول المنضمة إلى المنتدى. وأشاد الوزراء بدور «وسائل الإعلام لتعزيز حوار الأديان والثقافات، ونشجعها على نشر الصورة الحقيقية للأديان والمعتقدات في أوساط العامة من الناس، مع التركيز على مبادئها الأساسية المتمثلة في السلم والتسامح، وعلى الخطاب المعتدل والمتسامح».

وعلى خلفية الاحتجاجات العنيفة التي انطلقت في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي، دعا البيان إلى «وعي عالمي بالآثار الخطيرة للتحريض على الكراهية الدينية والتمييز والعنف على السلم والأمن الدوليين». وحث البيان «الدول الأعضاء كافة على بذل المزيد من الجهود في سبيل وضع نظام تعليمي يشمل القيم الأساسية لحقوق الإنسان من قبيل التسامح والتنوع الديني والثقافي الذي يعد عنصرا أساسيا لتعزيز مجتمعات متعددة الثقافات يعمها التسامح والسلم والوئام».

وختاما، وجه الوزراء دعوة إلى الأمين العام للمنظمة البروفسور إكمال الدين إحسان أوغلي، لمواصلة «رصد هذه المسألة واتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع مثل هذه الأعمال غير المبررة والمتعمدة المتمثلة في التحريض على الكراهية والتمييز والعنف ضد الأشخاص على أساس دينهم». ومن المتوقع أن يتابع الوزراء هذه القضية في اجتماعهم المقبل المرتقب في جيبوتي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.