الداخلية العراقية تقر بهروب 47 قياديا في «القاعدة» محكومين بالإعدام من سجن تكريت

أقرت في بيان بوجود «تواطؤ».. والحكومة تعزل قائد شرطة المحافظة

عراقيون ينتظرون أول من أمس في نقطة تفتيش عند أحد مداخل تكريت حيث شددت الإجراءات الأمنية بحثا عن السجناء الهاربين من سجن التسفيرات في المدينة ( رويترز)
TT

باستثناء من تم إلقاء القبض عليهم بعد ساعات من هروبهم مساء أول من أمس من سجن التسفيرات بتكريت، لا يزال عشرات آخرون طليقين، بينهم 47 من قيادات تنظيم القاعدة صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، حسبما أفاد بيان لوزارة الداخلية العراقية.

الصدمة التي لا تزال تعيشها مدينة تكريت بسبب الهروب الجماعي لهذا العدد غير المسبوق من السجناء، انتقلت إلى بغداد، حيث يحتدم حاليا الجدل السياسي والبرلماني، فضلا عن تبادل الاتهامات بالتقصير مرة، والتواطؤ مرة أخرى. واكتفت الحكومة حتى الآن بإقالة قائد شرطة محافظة صلاح الدين كإجراء احترازي وصفه عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأنه «مجرد ذر للرماد في العيون» لأن المطلوب حسب وجهة نظره «شيء أكبر من ذلك بكثير يتعلق هذه المرة بالخطط الاستراتيجية، ومن يخطط وهو لا يملك شيئا من مؤهلات التخطيط الأمني». وطالب طه بتغيير «قائد القوات البرية في العراق الفريق علي غيدان؛ لأنه هو من يتولى عملية التخطيط الاستراتيجي الأمني في العراق». وأوضح طه أنه «ما لم يتم تغيير نمط الخطط الاستراتيجية التقليدية في العراق، وعزل من يتولى ذلك منهم، بينما الخلل والخروقات الأمنية مستمرة؛ فإن هذا يعني أن أي شيء لن يتغير على الإطلاق». وأكد طه أن لجنة الأمن والدفاع ستجتمع اليوم وستطالب بإزالة الحلقات الزائدة في المؤسسات العسكرية، حيث إنه طالما توجد قيادة عمليات فلا داعي لوجود قيادة القوة البرية، أو في حال وجود هذه القوة فلا داعي لاستحداث أو وجود قيادات العمليات». واعتبر طه أن «من يتحمل المسؤولية هو مركز القرار في القيادة وهو أمر لم يعد ممكنا الصمت حياله».

وأعلنت وزارة الداخلية في بيان أن «عدد النزلاء في موقف تسفيرات مديرية شرطة صلاح الدين هو 303 نزلاء، 47 منهم ينتمون إلى تنظيم دولة العراق الإسلامية، وصدرت عليهم أحكام بالإعدام»، مبينة أن «عدد الذين هربوا من الموقف 102 بينهم الـ47 المحكومون بالإعدام». وأضاف البيان أن «قوات شرطة صلاح الدين تمكنت من قتل أربعة منهم وإلقاء القبض على 23 موقوفا هاربا، فيما لا يزال المصير مجهولا لـ74 موقوفا»، مشيرا إلى أن «16 من عناصر الشرطة قتلوا في المواجهات المسلحة بينهم وبين السجناء».

واتهمت الوزارة بعض عناصر حماية السجن بـ«التواطؤ مع نزلاء السجن»، لافتة إلى أن «تدبيرا مسبقا وترتيبا سبق القيام بهذه العملية وقد شخصت اللجان التحقيقية التي ما تزال تحقق في الموضوع هذا التواطؤ». وأوضح البيان أن «الأسلحة التي استخدمها الإرهابيون كانت قد دخلت إلى الموقف أثناء أوقات الزيارات العائلية، فضلا عن أن موقف التسفيرات هذا يحتوي على ست قاعات كبيرة كانت أقفالها قد عطلت بفعل فاعل، مما جعلها مفتوحة على بعضها البعض، إضافة إلى عدم تفتيش الموقف من الداخل لفترات طويلة، وهذا سبب آخر من أسباب الإهمال المتعمد الذي أدى إلى هذه العملية»، مشيرا إلى أن «العملية بدأت عندما كان ضابط الخفر في التسفيرات يقوم بواجب التفتيش، فهجم عليه الموقوفون الإرهابيون وقتلوه بطريقة وحشية واستولوا على سلاحه والأسلحة في المشجب بعد أن سيطروا على أجزاء واسعة من الموقف، واستخدموا الموقوفين الآخرين دروعا بشرية، وهذا ما ساعدهم على تنفيذ مخططهم والهروب». وأكد أن «اللجنة الأمنية العليا التي كلفت بالتحقيق في ملابسات الحادث قامت بعزل قائد الشرطة اللواء الركن عبد الكريم الخزرجي وتكليف اللواء الركن غانم القريشي بدلا عنه بالوكالة لحين اختيار قائد جديد للشرطة في صلاح الدين، كما فرضت حظرا للتجوال في المدينة للعثور على الجناة الهاربين»، داعيا أبناء محافظة صلاح الدين إلى «الإبلاغ الفوري عن المجرمين لتقديمهم للعدالة».

لكن القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما أكد أن «ما حدث في سجن تكريت هو عملية تهريب وليست هروبا»، محذرا «من حدوث عمليات مشابهة في سجون ومحافظات أخرى إذا لم توضع الحلول والإجراءات الرادعة».

وقال الزاملي في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أمس إن «عدد الإرهابيين الذين تم تهريبهم 116 معتقلا من عتاة الإرهابيين وقادة تنظيم القاعدة»، مشيرا إلى أن «عملية تهريب السجناء تكررت كثيرا في بغداد والأنبار وديالى والموصل، وستحدث في محافظات أخرى». وأوضح أن «الإرهابيين الذين تم تهريبهم أخذوا معهم مستمسكات من السجن»، مرجحا أن «يهدد الإرهابيون بعض عوائل المخبر السري». وأشار الزاملي إلى أن «الأجهزة الأمنية وجدت داخل السجن أسلحة كاتمة»، متسائلا «عن كيفية وضع الأسلحة الكاتمة في هذا السجن الذي لم يتم تفتيشه منذ أكثر من عام».