أنصار «مرسي» مؤيدون حقيقيون يغضون الطرف عن عثرات نظامه

دفاعهم المستميت عنه أثار مخاوف البعض بشأن مساءلته

TT

بصوت واثق وكثير من الفخر تتحدث فاطمة عبد المنعم عن الرئيس محمد مرسي، مطالبة بإتاحة بعض الوقت ليتمكن من حل مشكلات المواطنين. لكن حديث الشابة العشرينية المليء بالأمل، لم يجد آذانا صاغية وسط أمواج من البشر كانوا يتدافعون للحاق بمقعد بإحدى وسائل المواصلات الخاصة، بعد أن طال انتظارهم في جو حارق زاد من حرارته غياب حلول السلطات المحلية عن مواجهة هموم البسطاء.

ويخشى مراقبون أن يكون وجود رئيس ذي انتماء لجماعة الإخوان المسلمين - أكبر الجماعات الإسلامية في البلاد - مدعاة لتأييده طبقا لمفردات الولاء للجماعة والولاء للدين، مما يهدد أحلام الديمقراطية التي قامت من أجلها الثورة في مصر.

فاطمة عبد المنعم، التي تقطن بمحافظة المنيا (225 كم جنوب القاهرة)، بررت أزمات متكررة تعاني منها البلاد، موجهة كلامها إلى رفاقها أمام إحدى محطات عربات النقل الخاص: «ليست كل مشكلة نلوم عليها الرئيس أو الحكومة.. الرئيس مرسي تسلم البلد مليئة بالمشكلات والآن الكل يريد منه حل هذه المشكلة في يوم أو مائة دون الصبر عليه أو على حكومته.. لماذا من صمتوا طوال 30 عاما علا صوتهم الآن؟! ولماذا لم يتحدثوا في السابق؟ فهذه المشكلات كانت موجودة أيضا»، وتابعت عبد المنعم بكلماتها الحماسية مشيرة إلى أن «الريس مرسي مظلوم»، قبل أن تستدرك بقولها: «هذه الأزمات موجودة منذ سنوات، ولكن الكل الآن ينتقد مرسي فقط لأنه (إسلامي) وهم لا يريدون للإسلام أن ينجح».

لم تكد عبد المنعم تنتهي من تأييدها ودفاعها عمن انتخبته كرئيس للبلاد معترفة أن دفاعها تعرقله كثير من المشكلات الحقيقية، حتى أخذ جارها عاطف أبو سيد (54 عاما) زمام التأييد بالقول: «يكفي أن الرئيس مرسي يتحدث بطلاقة ويتكلم بالدين والسنة ويراعي الله». ويتابع: «نحن ندافع عن مرسي لأنه واجب علينا نصرته ولا يجب أن نتصيد الأخطاء ضده فلا بد من الصبر قليلا».

وشهدت الأيام الماضية تصريح مسؤولين بجماعة الإخوان المسلمين بأن الجماعة لن تتظاهر ضد الرئيس «ولو أخطأ»، وهي التصريحات التي أثارت قلق المراقبين بشأن الوعود الديمقراطية التي قطعها مرسي على نفسه حين تم تنصيبه رئيسا للبلاد وأكد أنه إذا أخطأ فليقومه المجتمع. كما يقول مراقبون إن كثيرا من مؤيدي مرسي يعانون انقساما داخليا بين تأييدهم لمرسي كأول رئيس منتخب بعد الثورة وكونه رئيسا ينتمي لتيار كثيرا ما اضطهد في العقود السابقة من جهة، والمشكلات اليومية التي كانوا يأملون أن تحل ولكنها ما زلت موجودة لا تراوح مكانها من جهة ثانية.

في جانب آخر من المحافظة؛ التي يبلغ تعدادها ما يقارب الأربعة ملايين نسمة (نصفهم تقريبا من المسيحيين)، وبينما حاولت السلطات المحلية تجميل وجه الشوارع وطلاء أرصفتها مؤخرا، فإن أرصفة «عروس الصعيد» حجبتها مئات السيارات المنتظرة أمام إحدى محطات التزود بالوقود في مشهد يومي لا يكاد يفارق عددا كبيرا من محافظات مصر.

يقول عماد طلعت (35 عاما) من داخل عربته المبطن سقفها بصورة لمريم العذراء: «لا نعرف السبب، وكل مرة نحتاج للتزود بالوقود نجد صفوفا طويلة من السيارات ولا نعلم متى ستنتهي الأزمة»، ويتابع طلعت بينما يتردد من مذياع عربته صوت لم يحاول إيقافه ينشد «عذرا رسول الله»: «سئمنا الحديث في السياسة، من يحكم يحكم، ولكن يتركنا نعيش حياة كريمة».

على مقربة من مقر حزب الحرية والعدالة ومقر جماعة الإخوان المسلمين بالمحافظة والتي ارتفعت فوقه لافتة تفيد بأنه «يفتح فقط في مواعيد العمل الرسمية»، تجمع حشد آخر من المواطنين ولكن هذه المرة ليس للحاق بمقعد خال في عربة ولكن للحصول على اسطوانة غاز، تقول إحدى المواطنات تدعى جاكلين واصف: «لم يتغير شيء، لم يزد شيء أو ينقص، إننا ما زلنا نعاني كما في السابق».

وبين عبد المنعم التي تدافع عن النظام الإسلامي الجديد، وطلعت الذي سئم السياسة، وواصف التي لا تزال تعاني، تنتقل البلاد ربما من نظام كان يحابيه «منتفعون» أكثر منهم مؤيدون «حقيقيون»، إلى نظام آخر يتسلح بمؤيدين يؤمنون بانتمائهم له ويدافعون عما يمثله من قيم دينية واجتماعية، وأمام ذلك يغضون الطرف عن بعض عثراته، ولسان حالهم المثل الشعبي «حبيبك يبلع لك الزلط».