رئيس الحكومة التونسية: السلطات مصممة على التصدي لدعاة العنف

الجبالي: خسرنا 135 ألف وظيفة بسبب غلق المؤسسات وتواصل الاحتجاجات والاعتصامات

TT

أقر حمادي الجبالي، رئيس الحكومة التونسية، بوجود تهديد للمجتمع التونسي من قبل جماعات الغلو، واعتبر أن تونس قد تواجه تحديات جدية بسبب سيطرة عقلية العنف على بعض الجماعات التي رفض أن يسميها «السلفية»، إلا أنه أشار إلى أن السلطات مصممة على التصدي لدعاة العنف. وقال إن البلاد في حاجة إلى فترة انتقالية من جديد حتى تستكمل بناء أسس الانتقال الديمقراطي، ودافع عن اختيارات الائتلاف الثلاثي الحاكم، وقال إنه نجح في بعض المجالات وفشل في أخرى، ولا يزال أمامه الكثير ليحققه للتونسيين.

وقال الجبالي في مقابلة مع القناة العامة التونسية: «سنحارب بحزم كافة أشكال العنف، وسنلاحق في كل مكان كل من يسعى لإشاعة الفوضى».

وندد بقوة بالهجوم على السفارة الأميركية لدى تونس من قبل «متعصبين»، قال: «إنهم لم ينجحوا بذلك سوى في الإساءة إلى صورة تونس وثورتها في العالم». وكان متظاهرون، معظمهم من أنصار تيار سلفي متطرف، هاجموا في 14 سبتمبر (أيلول) السفارة الأميركية لدى تونس ومدرسة أميركية مجاورة، نما تسبب في مقتل أربعة أشخاص وعشرات الجرحى وأضرار مادية كبيرة.

وأضاف أن ادعاء نهاية شرعية الحكومة الحالية بحلول يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، الذي أجريت خلاله انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان)، «أمر خطير»، واعتبر أن المرحلة الأولى كانت لإنقاذ تونس من حالة الانفلات الأمني والفوضى، والمرحلة الثانية مخصصة لصياغة الدستور الجديد، على أن تكون المرحلة الثالثة التي تحل بعد الانتخابات المقبلة موجهة للبناء الديمقراطي. وقال في رسالة موجهة إلى الأقلية المعارضة التي تضغط من أجل تحديد جدول محدد للاستحقاقات السياسية المقبلة بحلول يوم 23 أكتوبر المقبل وتهدد بالخروج عن الشرعية، إن ذاك الموعد «سوف لن يعدو أن يكون ذكرى مباركة لانتخابات حرة ونزيهة»، ودعا في مقابل ذلك إلى الإسراع في كتابة الدستور التونسي الجديد حتى يقع تسليم السلطة لمن سيفوز في الانتخابات المقبلة. وبشأن تحديد النظام السياسي، قال الجبالي إن التوافق حول هذه النقطة، سواء أكان نظاما برلمانيا أم رئاسيا معدلا، سيوفر على كل الأطراف التعطيل والتأخير والمرور بالتالي إلى إجراء استفتاء سيكون هدرا طويلا للوقت. ولم يخف الجبالي الصعوبات الكثيرة التي تعترض الائتلاف الثلاثي الحاكم (الترويكا)، وتعهد بالكلام بشفافية أكثر مع الشعب التونسي لتوضيح التحديات الكبيرة والكثيرة، على حد تعبيره، وإبراز «التركة الثقيلة بكافة أبعادها التي خلفها النظام السابق». ونفى الجبالي وجود صراع مع قطاع الإعلام، ودافع في المقابل عن الحكومة في إقرار تعيينات وظيفية وإدارية على رأس المؤسسات الإعلامية، مع احترام الخط التحريري لتلك المؤسسات. وقال إن القائمة السوداء في قطاع الإعلام ليست من اختصاص الحكومة، بل سينظر فيها القضاء التونسي. وتهدد الهياكل النقابية بشن إضراب في كامل القطاع الإعلامي يوم 17 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل على خلفية تعيينات مثيرة للجدل على رأس التلفزة التونسية ومؤسسة «دار الصباح»، وهما مؤسستان عموميتان.

وحول تشغيل ومحاصرة الأعداد المتزايدة من العاطلين، قال الجبالي: «إن تونس وفرت 61 ألف موطن تشغيل في القطاع الخاص و31 ألفا في القطاع العام، ليصل العدد الإجمالي سنة 2012 إلى حدود 91 ألف موطن تشغيل، إلا أنها خسرت سنة 2011 ما لا يقل عن 135ألف وظيفة بسبب غلق المؤسسات وتواصل الاحتجاجات والاعتصامات».

وقال: «إن سوق العمل في تونس في حاجة أكيدة لما لا يقل عن 100 ألف فرصة عمل، في قطاعات واختصاصات كثيرة، لكنها لا تجدها من بين العاطلين التونسيين». وتوقع أن تكون نسبة النمو في تونس خلال السنة الحالية في حدود 3. 25%. من ناحية أخرى، نددت قيادات تحالف المسار الديمقراطي الاجتماعي بتعرض مقرها بمدينة سوسة (وسط شرق تونس) خلال الليلة الفاصلة بين الخميس والجمعة للخلع، وقالت إن المعتدين قد أتلفوا الوثائق، وقالت إنه الاعتداء الرابع على مقرات التحالف السياسي بعد خلع ونهب مقرات صفاقس والمنار والقصرين في فترات سابقة. وطالب «المسار» وزارة الداخلية التونسية «بأخذ هذه الاعتداءات بكل جد واتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لحماية مقرات الأحزاب، وتتبع كل من يثبت تورطه في مثل هذه الأعمال الإجرامية». من جهته، قال أحمد إبراهيم، الأمين العام لـ«المسار»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن استهداف مقرات (التحالف) للمرة الرابعة دون توصل السلطات إلى الكشف عن الجناة يطرح تساؤلا مشروعا حول مدى توافر ضمانات الحريات وممارسة العمل السياسي». وقال إنه لا يوجه الاتهامات جزافا لأي طرف سياسي، ولكن الأمر الذي طال أحزابا أخرى غير المسار الديمقراطي الاجتماعي، يثير الكثير من الاهتمام، على حد قوله، قبل أشهر قليلة من محطات سياسية مهمة تنتظر تونس. وتساءل عما إذا كانت تلك الاعتداءات عبارة عن رسائل سياسية يجب تحليلها والبحث عمن يقف وراءها.