نفوذ «الشباب» يتراجع في الصومال.. لكن السلام لا يزال بعيدا

وتباين في المواقف إزاء مصير الحركة

TT

تراجع نفوذ الإسلاميين الشباب في الصومال بعد خسارتهم آخر معقل لهم في كيصمايو. واضطرت حركة الشباب المتحالفة مع القاعدة إلى الانسحاب الليلة قبل الماضية، من ميناء كيصمايو في جنوب الصومال تجنبا لهجوم تشنه القوات الكينية التي تشكل جزءا من قوة الاتحاد الأفريقي.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية قول الأكاديمي الكيني يواكيم غونديل إن «خسارة كيصمايو تشكل منعطفا، لأن الشباب خسروا مصدرا رئيسيا لعائداتهم»، في إشارة إلى صادرات الفحم التي كانت تؤمن للإسلاميين قسما كبيرا من عائداتهم، لكن الصومال لن يعرف السلام، إلا إذا أظهرت السلطات الجديدة قدرتها على ملء الفراغ بعد 21 عاما من انعدام السلطة المركزية. وأضاف هذا المحلل في مركز «برايد أناليتيكس»: «عليهم الآن أن يعولوا بشكل كبير على التمويل الخارجي، الذي لن يحصلوا عليه بسهولة ربما، بعد سقوط أنظمة تدعم مجموعات متطرفة مماثلة»، في إشارة إلى ليبيا في عهد معمر القذافي.

وحركة الشباب التي انبثقت عام 2007 من بقايا حركة إسلامية سابقة، هي اتحاد المحاكم الإسلامية التي طردها الجيش الإثيوبي من مقديشو.

واعتبر غونديل أن «هذا الأمر يمثل نهاية الشباب كحركة متمردة تسيطر على مناطق».

في المقابل، رأت لورا هاموند من معهد الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن أن «خسارة كيصمايو هي ضربة كبرى مني بها الشباب، لكنني لن أقول إنها نهاية الحركة»، لافتة إلى أن «الإسلاميين لا يزالون يسيطرون على أقسام كبيرة من الجبال الجنوبية وبعض المدن الصغيرة».

وحذر المتمردون من أنهم سيكثفون الهجمات الانتحارية التي يشنونها منذ أشهر في الصومال وكينيا المجاورة، وذلك ردا على هزائمهم العسكرية.

ولكن بعيدا عن التطورات الميدانية، فإن المعركة المقبلة في الصومال ستكون سياسية. فهذا البلد الذي يضم ثمانية ملايين نسمة قادته منذ العام 2000 سلطات انتقالية لا تتمتع بشرعية فعلية ولا برصيد شعبي. وقد بات له منذ أغسطس (آب) برلمان جديد ومنذ 10 سبتمبر (أيلول) رئيس انتخبه هذا البرلمان هو حسن شيخ محمود (56 عاما) الذي يحظى باحترام المجتمع المدني.

ورأى محمد عبدي أفي، السفير الكيني السابق في الصومال أن السيطرة على كيصمايو «هي رسالة إلى الشباب وجميع المجموعات الإجرامية الأخرى أن اللعبة انتهت»، في إشارة إلى 21 عاما من الحرب الأهلية. وأضاف هذا النائب عن دائرة كينية مجاورة للصومال أن «هناك حكومة شرعية في الصومال والجهود التي تبذلها كينيا تهدف إلى إرساء الاستقرار في كل أنحاء البلاد والسماح للحكومة الوطنية بالسيطرة في شكل تام على أراضيها».

لكن المشكلة أن الحكومة الصومالية تعول على جيوش أجنبية لحفظ النظام، وهي مضطرة بحكم الأمر الواقع إلى ترك أمر الولايات لميليشيات وقبائل غالبا ما تخوض نزاعات.

وقالت هاموند «من المهم الإقرار بأن الشباب كانوا يحظون بنوع من التأييد الشعبي في جنوب الصومال. فمنذ ستة أعوام يوفر هؤلاء الأمن لمنطقة في حاجة ماسة إليه». وأضافت: «للقضاء فعليا على الشباب، على الحكومة الجديدة أن تثبت أولا لمناصريهم أنها قادرة على الأقل على ضمان هذا الأمن بالمقدار نفسه».

وعلى الصومال أيضا أن تتجاوز «تاريخها» من النزاعات بين القبائل. وفي هذا الإطار نبه غونديل إلى أن «الخلافات لا تزال قوية جدا (بين القبائل) وإذا لم تتمكن الحكومة الجديدة من التعامل مع هذا الأمر، فإن الشباب قد يستغلون ذلك للعودة إلى الساحة».

ويبقى أن الانتشار الكثيف للقوات الأجنبية، 17 ألف جندي بوروندي وأوغندي وكيني في إطار قوة الاتحاد الأفريقي، إضافة إلى كتيبة منفصلة تضم آلاف الجنود الإثيوبيين، يترك صدى سيئا لدى الصوماليين.

وعلقت هاموند بالقول إن «انسحاب القوات الأجنبية السريع سيكون في محله، ولكن إذا تم ذلك قبل أن يصبح الجيش الصومالي قادرا على الحلول محل تلك القوات فسيصب ذلك في مصلحة الشباب الذين سيحاولون استعادة مناطق».