أردوغان لروسيا والصين وإيران: التاريخ لن يغفر دعمكم لسوريا.. ومرسي: لن نهدأ حتى رحيل الأسد

المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية يكرس نفوذ رئيس وزراء تركيا ويمهد لمعركتي تغيير الدستور والرئاسة

الرئيس المصري محمد مرسي مع رئيس الوزراء التركي اردوغان اثناء حضور اجتماعات المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية التركي (إ.ب.أ)
TT

رسم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الخطوط العريضة لسياساته الداخلية والخارجية في كلمته في افتتاح المؤتمر الرابع لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم.

فقد وضع أردوغان حدا للتكهنات التي سرت عن إمكانية تعديل النظام العام للحزب لتمكينه من ترؤس ولاية ثانية بإعلانه أنه يترشح للمرة الأخيرة لهذا المنصب، معززا بذلك التكهنات حول سعيه إلى رئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة المقررة في عام 2014، بعد تعديل النظام التركي في الدستور الجديد المزمع وضعه ليصبح رئاسيا. وقد يفتح هذا التعديل الباب أمام تبادل جديد في المناصب بين أردوغان ورئيس الجمهورية عبد الله غل الذي سلمه في وقت سابق رئاسة الحكومة، إذ تقول المؤشرات إن غل قد يكون الرئيس التالي للحزب الحاكم.

وتعرض أردوغان إلى ضغوط شديدة من قبل الأحزاب المعارضة؛ حيث وصفت الصحف التابعة للمعارضة المؤتمر العام للحزب بأنه «حفل تتويج» للملك أردوغان، في حين قاطعته الأحزاب المعارضة بعد امتناع حزب الشعب الجمهوري عن الحضور احتجاجا على منع الحزب الحاكم لبعض لوسائل الإعلام المعارضة تغطية المؤتمر، أما الحزب القومي فقد قاطعه احتجاجا على وجود الزعيم الكردي العراقي مسعود البارزاني فيه، في حين امتنع أردوغان عن دعوة حزب السلام الكردي الذي يلاحق 8 من نوابه بتهم الانتماء إلى جماعة إرهابية هي تنظيم «العمال الكردستاني». وقد فوض المؤتمر أردوغان صلاحية اختيار مسؤولين جدد لقيادة الحزب في الاستحقاقات المقبلة المتوقعة، التي تبدأ العام المقبل مع الانتخابات المحلية، وتستكمل في عام 2014 مع الانتخابات الرئاسية ثم الانتخابات البرلمانية في عام 2015.

وكانت سوريا «ضيفا استثنائيا» في هذا المؤتمر، عبر كلمتي أردوغان والرئيس المصري محمد مرسي، فقد خصص أردوغان وقفة مميزة في مستهل كلمته ليحيي «الأبطال في سوريا»، بينما كان الرئيس مرسي يقول، إن «مصر لن تهدأ إلى أن تزول القيادة السورية التي تقتل شعبها»، بينما غاب عنه الحضور الرسمي السوري الذي كان مميزا في المؤتمر السابق للحزب.

وبادر رئيس الوزراء التركي المؤتمرين بترحيب ودي لـنحو 200 ضيف، قائلا إن «صالة المؤتمر تمتلئ بالأخوة والصداقة والمحبة» معتبرا أن «قلب تركيا والعالم والإنسانية يخفق اليوم في هذه الصالة.. وأن الحماس والجهد الذي تشهده هذه القاعة يقدم أملا للعالم بأكمله». ووجه أردوغان السلام للشعب التركي، مرسلا تحياته إلى كل العالم، قائلا، «تحياتي إلى أربيل، كابل، الجزائر، القاهرة، سلامي مع كل الاحترام إلى كل الأبطال في سوريا، سلامي إلى مكة والمدينة».

ووصف أردوغان فترة تأسيس حزب العدالة والتنمية بأنها كانت مرحلة نضال طويل، وأن الحزب يناضل من أجل الحضارة والتنمية، وقال، «نحن نسير على خطى أجدادنا الفاتحين من أمثال «السلطان ألب أرسلان» و«السلطان محمد الفاتح» وعلى خطى قادتنا العظماء أمثال «مصطفى كمال أتاتورك» و«عدنان مندرس» و«تورغوت أوزال» و«نجم الدين أربكان». وكانت لأردوغان انتقادات لاذعة للحزب المعارض الرئيسي حزب الشعب الجمهوري، معتبرا أن هذا الحزب «شارك في كل الانقلابات التي تعرضت لها تركيا سواء بالفعل أو بالفكر». وقال إن حزبه يحمل روح البرلمان التركي الأول الذي أنشئ عام 1920، وروح تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، «فهو الحزب الذي حول نظاما ديكتاتوريا عسكريا قائما على الوصاية إلى نظام ديمقراطي». وأضاف: «لا أحد فوق القانون بعد اليوم، لا يحق لأحد خلق أعداء داخل البلد ليتذرع بهم لخرق القانون، لن نسمح لأحد بإساءة استخدام السلطة ولن تكون هناك جرائم مجهولة الفاعل بعد اليوم».

ورأى أردوغان أن «الإرهاب في تركيا تحول إلى سوق». وأكد أن «الدعم الذي يحصل عليه الإرهابيون لا يأتي من دول معادية لتركيا وإنما يأتي من داخل تركيا، من عصابات منتشرة في أعماق الدولة». ودعا أردوغان كل مواطن كردي إلى أن يحكم ضميره دون أن يقع تحت تأثير الدعاية التي يقوم بها الإرهابيون، وأن يسأل نفسه هل قامت أي حكومة أخرى في تاريخ الجمهورية التركية بخطوات جريئة لصالح الأكراد.

وطالب أردوغان روسيا والصين وإيران بـ«إعادة النظر في مواقفها حيال الأزمة السورية» مشيرا إلى «أن التاريخ لن يعفو عن المساندين لهذا النظام الظالم». وفيما يتعلق بعلاقات تركيا مع إسرائيل قال أردوغان، «لن نساوم أبدا على موقفنا المبدئي والحاسم المعارض لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل. ولن نعيد النظر في علاقتنا مع إسرائيل قبل أن تقدم لنا اعتذارا على قتلها لـ9 مواطنين أتراك، وتدفع التعويضات اللازمة، وقبل أن تقوم برفع الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة».

وتحدث أردوغان عن العمل لكتابة دستور جديد لتركيا، مؤكدا على الاستمرار في هذه العملية إلى أن تنتهي بكتابة دستور شامل متكامل يحترم الحريات ولا يقصي أحدا.

وألقى الرئيس المصري كلمة في افتتاح المؤتمر أشاد فيها بـ«إنجازات الشعب التركي العظيم بقيادة حزب العدالة والتنمية التي ينظر إليها العالم كله باحترام وتقدير». وقال، «الآن يتحرك المصريون نحو النهضة والإنتاج الحقيقي ويتحركون ليعتمدوا بعد الله على أنفسهم وعلى سواعدهم وعلى نيلهم ومواردهم. (...) ونحن إن نخطو خطوات جادة لاستكمال الانتقال الديمقراطي الكامل والقضاء على الفساد ووضع خطواتنا الأولى نحو تنمية حقيقية لكي تكتمل الصورة (...) هناك بعض النقاط التي أحب أن أؤكد عليها نحن في مصر داخليا نسعى بكل قوة إلى الاستقرار والأمن والإنتاج». وقال الرئيس المصري، «لن نهدأ ولن نستقر حتى تتحقق إرادة الشعب السوري في أن ينال حريته وأن تزول هذه القيادة». وأضاف: «نحن معه وبجانبه.. نؤيده ونؤازره ونقف ضد الظالم الذي يقتله وسوف ينال بإذن الله حريته قريبا وما ذلك على الله ببعيد». وأشار مرسي إلى أن من بين الأهداف المشتركة بين مصر وتركيا «دعم ومعاونة الشعوب التي تتحرك وتثور لتنال حريتها.. كشعب فلسطين وشعب سوريا الحبيب». وأضاف: «لا يمكن أبدا أن نقصر في مد يد العون لأهل غزة... ولأهل الضفة الغربية. المعابر بيننا وبين غزة مفتوحة لتقديم ما يحتاجه أهل غزة من غذاء ودواء وتعليم. الحدود والمعابر مفتوحة لكي نقوم بدورنا بل بواجبنا تجاه أشقائنا في غزة. نحن ندعمهم (الفلسطينيون) ونناصرهم وندعو العالم كله أن يناصرهم لينالوا حقوقهم الكاملة على أرضهم.. أرض فلسطين الغالية».