الأمير سلمان: ندرك الآن من يحبنا ويغبطنا.. ومن يكره هذه البلاد ويحسدنا على ما نحن فيه

أكاديميون يثمنون زيارة ولي العهد لجامعة الملك عبد العزيز ومحاضرته حول الاعتدال في حياة المؤسس

TT

ثمن مسؤولون أكاديميون من جامعة الملك عبد العزيز، بجدة، زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، للجامعة وإلقاءه محاضرة عن الاعتدال في حياة الملك عبد العزيز. وعد المسؤولون الزيارة «تجسيدا للاهتمام الذي توليه القيادة للمواطن وللتعليم العالي، وامتدادا للتطور الذي تتضح معالمه في التقدم العلمي والبحثي الذي تشهده جامعات المملكة كافة لينعكس إيجابا على أمن ونمو المجتمع ورقيه وتقدمه».

ووصف الدكتور أسامة بن صادق طيب، مدير جامعة الملك عبد العزيز، المحاضرة بأنها «منهج ينطلق من رؤية تاريخية تكتسي أهمية بالغة، خاصة أن الأمير سلمان ترعرع برفقة والده الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن (رحمه الله)، وتشرب مبادئ هذا المنهج من منبعه الأصيل». وبين أن المحاضرة ذات قيمة تاريخية علمية كبيرة «لأن من يكتب تفاصيلها أحد المشاركين في صنع الحدث التاريخي، وستكون منبعا أصيلا ومصدرا متميزا يحفز الباحثين والمؤرخين على الإبداع فيه وتتبع أصوله»، مشيرا إلى أن هذه المحاضرة تصب في إطار كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي بجامعة الملك عبد العزيز، وسبقتها محاضرة للأمير الراحل نايف بن عبد العزيز خلال زيارته للجامعة، فأُعطي الكرسي الذي يسعى لتأصيل هذا المنهج ما يستحقه من الاهتمام من قادة المملكة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد الله بن مصطفى مهرجي، وكيل الجامعة، أن محاضرة ولي العهد أثرت الإنتاج المعرفي والعلمي للجامعة ولكرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي الذي يعمل بتضافر جهود الجميع، علماء وأعضاء هيئة التدريس وطلابا وطالبات، لإعطاء الصورة الحقيقية للاعتدال والاتزان السعودي ومدى التلاحم بين القيادة والشعب، كما شكلت فرصة نادرة للباحثين والعلماء والمؤرخين والمهتمين بالتاريخ السعودي للاطلاع على التفاصيل المضيئة في حياة الملك عبد العزيز.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور عدنان بن حمزة زاهد، وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، إن «المحاضرة تعد فرصة سانحة ودعما فكريا متميزا لكرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال من شأنه أن يسهم في إعادة كتابة تاريخ المملكة وتوثيق إنجازات الدولة السعودية وتأصيل وتعزيز منهج الاعتدال السعودي على مر التاريخ».

وكان الأمير سلمان بن عبد العزيز أجاب بعد محاضرته عن أسئلة الحضور، حيث تحدث حول دور المرأة في بناء المجتمع للإسهام في تأصيل منهج الاعتدال ونشره في المجتمع السعودي، بقوله «إن المرأة كالرجل في هذا الدور، الأب والأم هما المدرسة الأولى لأبنائهما وبناتهما»، مؤكدا أن ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) هو «أساس عز ومكانة هذه البلاد»، مشيرا إلى أنه يجب على الجميع أن يعلموا أبناءهم وبناتهم منذ الصغر ماذا كانت عليه هذه البلاد وماذا كان فيها قبل الوحدة القائمة على كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وهو المؤكد في نظام تسيير الحكم ومواده. وقال «يجب أن نعرف أن الأمن والأمان الذي نحن فيه الآن أتانا من تحكيم كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، ولو نظرت في هذا الجمع الذي أمامي الآن لوجدت بعضهم كان يتحارب مع الآخر بسلاحه، لأن هذي كانت طريقة المعيشة، ووجدت أن الإنسان في الماضي كان يخاف على نفسه وماله وأسرته من السلب والنهب»، مضيفا «الحمد لله هذه الدولة قامت على مبادئ الحق، مبادئ الدولة الإسلامية التي جمعت كل الأقاليم في هذه البلاد».

وأشار ولي العهد إلى أن الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة قامت على أساس الكتاب والسنة، وهو ما يقال لكل زائر وكل إنسان يستقبلونه في المملكة. وأكد أن الله سبحانه شرف هذه البلاد بأن نزل القرآن على نبي عربي في أرض عربية بلغة عربية، معتبرا ذلك «شرفا وعلوا ومجدا لها»، مشددا على «ضرورة إدراك المسؤولية، حيث إن هذه البلاد صدّرت العروبة والإسلام للعالم كله».

وقال الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد «إننا كنا نرى في مجلس الملك عبد العزيز، ونحن صغار السن، الذين حاربوه أول من أمس عن يمينه ويساره، من كل أقاليم المملكة.. نجدهم إخوانا متحابين متعاونين، بل نقول إن المناطق أو الأقاليم أو أي مكان في المملكة عندما دخله الملك عبد العزيز كان يستعين بأهل المنطقة العارفين، وهم الذين عندهم خلفيات علمية، واستفاد منهم، وكون هذا الكيان.. والحمد لله على التوحيد وعلى التعاون والتحاب بين الجميع كلهم». وأضاف «إننا ندرك أن من يحبنا يغبطنا، ومن يكره هذه البلاد والعياذ بالله يحسدنا على ما نحن فيه»، داعيا إلى المحافظة على الأمن والاستقرار، لافتا إلى أن الإنسان يمشي من البحر الأحمر إلى الخليج وحده هو وزوجته أو ابنته أو أهله لا أحد يعترضهم.

وقال ولي العهد السعودي مخاطبا هيئة تدريس وطلاب الجامعة «أقولها باسم سيدي خادم الحرمين الشريفين، وباسم هذه البلاد.. كل منكم إن رأى شيئا يخالف مصلحة هذا الوطن أو المواطن فعليه أن يتقدم به، ونحن والحمد لله مجالسنا مفتوحة، وهذه نعمة علينا، فإما يكون على حق فنستفيد مما يقوله، وإما أن يكون فاهما بشكل خاطئ، أو ما في باله غير صحيح، فنبلغه به». وأضاف قائلا «أقول يا إخوان.. إن أندر النوادر في البلدان أن يأتي الإنسان بملكها ويقول له يا فلان، يا عبد الله مثلا من دون ألقاب، ويتقبل ذلك منه، وأنتم ترون في الاستقبالات التي يستقبلها الملك وإخوانه من قبله ووالده كل أصناف هذه البلاد، والذين من قبل يمكن أن يكونوا حاربوا ببنادقهم، لكن الآن كلهم إخوان، وعلى الحق أعوان، والحمد لله».

وفي إجابة حول كيفية التزام الشباب السعودي بثقافة الاعتدال والبعد عن التطرف والغلو ونبذ الإرهاب، أشار ولي العهد السعودي إلى أن المسؤول الأول هم الآباء والأمهات، حاثا الوالدين على أن ينشّئا أبناءهما وبناتهما من الصغر على الاعتدال وعلى ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم).

كما لمح الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى ضرورة «أن يعرف الأبناء من والديهم حقائق واقعنا وماضينا، ويجب أن يتحمل الجميع المسؤولية كاملة، وأن ينشأ الأبناء والبنات على الحقيقة وعلى الممكن وغير الممكن».

وعن كيفية عرض تاريخ المملكة العريق الذي رسم ملامحه الملك المؤسس بأسلوب شيق يتناسب مع معطيات العصر الحديث، قال ولي العهد «كل إنسان أو كل البشر تربوا في عصرهم الذي هم فيه متأثرين بالثقافات المختلفة التي أصبحت الآن في متناول الجميع: التلفزيون، وسائل الاتصال بالتليفون، والرسائل تأتي عن طريق الهاتف، كذلك وجود التليفون والجرائد والكتب وغيرها.. هنا يجب على الإنسان أن يستفيد من هذه الوسائل تماما، ويجب كذلك أن يفكر إذا جاءه سؤال أو تساؤل فعليه الرجوع إلى الحقائق، فنحن الآن في عالم أصبح مشتركا في كل أموره، ولذلك يجب ألا نخجل من السؤال».

وفي ختام حديثه، حمد الله عز وجل أن وجد في المملكة 25 جامعة حكومية و7 جامعات أهلية «بعد أن كان الإنسان في السابق يحاول أن يجد مدرسه لابنه أو ابنته».