تهريب البنزين «ينتعش» شمال سوريا جراء حظر النظام بيع المحروقات

ارتفاع أسعار الوقود في المناطق «المحررة».. وأطفال يديرون عمليات بيع

طفل يساعد والده على بيع البنزين على قارعة الطريق ببلدة أعزاز السورية (أ.ف.ب)
TT

على حافة الطريق يتنقل هشام من سيارة إلى أخرى حاملا قمعا وأنبوبا مطاطيا قصيرا لبيع البنزين، بسبب حظر النظام بيع المحروقات في الشمال السوري الواقع تحت سيطرة المقاتلين المعارضين، وحيث بات البنزين المهرب يباع في زجاجات أو صفائح بأسعار باهظة.

ويقوم هشام منحنيا فوق خزان وقود إحدى الحافلات بسكب محتوى وعاء معدني في قمعه المغطى بقطعة قماش تقوم مقام مصفاة بدائية، بينما يساعده شاب آخر وهو يمسك له الأنبوب أو يجلب له وعاء ثانيا.

وقال السائق حسن: «أشتري ما يلزمني من بنزين من هنا كل يوم لأني أعرف أنه ليس بنزينا مغشوشا قد يلحق الضرر بمحرك سيارتي». وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فإن سعر لتر البنزين الذي كان يباع مقابل 45 ليرة سورية قبل بداية حركة الاحتجاج في منتصف مارس (آذار) 2011، ارتفع إلى 60 ليرة سورية (نحو 0,85 دولار) في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة النظام، حيث يتوجه المهربون للتزود بهذه المادة. وفي محافظة حلب حيث أقفلت محطات توزيع الوقود النادرة التي لم تدمر أو تحرق في المعارك وعمليات القصف، بلغ سعر لتر البنزين 100 ليرة سورية.

السعر مرتفع جدا لكن خالد (31 عاما) لا يمكنه الاستغناء عنه لسيارته، فقد درس الفقه الإسلامي في مصر، لكنه لما عاد إلى سوريا حيث ارتفع معدل البطالة بسبب الأحداث تحول إلى بائع خضار متجول. وهو يأتي بالتالي كل يوم يملأ خزان سيارته بالبنزين عند هشام (32 عاما) الذي أقام في البداية عند منعطف ثم انضم إليه بائعون آخرون منذ ذلك الوقت.

ووسط براميله التي يشتريها من مهربين أتوا خصوصا من منطقة الرقا في شمال شرقي البلاد، يدخن هشام سيجارة تلو أخرى، راميا بصورة لا مبالية أعقاب السجائر إلى جانب البراميل. هو أيضا غيّر عمله مع اندلاع حركة الاحتجاج التي تهز سوريا منذ أكثر من عام ونصف العام، لكن ذلك كان مناسبا بالنسبة إليه، فقد جاء يستقر على الطريق رابطا بين الحدود التركية وحلب، المدينة التجارية في شمال سوريا، ويؤكد أنه يبيع يوميا أربعة آلاف لتر من البنزين ويتوافد إليه نحو ستين زبونا كل يوم. وبطريقة أكثر تواضعا، يقوم أشخاص آخرون ببيع البنزين بالزجاجات. وفي بعض أحياء حلب يدير أطفال مواقع لبيع البنزين بالكاد يبعد الواحد منها عن الآخر بضعة أمتار. ويؤكد بائع آخر يدعى عزاز على مقربة من الحدود التركية أنه يشتري البنزين بسعر 60 ليرة سورية للتر الواحد، ليعيد بيعه لاحقا بـ100 ليرة سورية. وقد ثبت برميلا على عربة صغيرة، وقال إنه يبيع الـ160 لترا من البنزين التي في حوزته في غضون 48 ساعة. وقال الرجل البالغ خمسين عاما والذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن «ذلك يكفيني لتأمين قوت أولادي العشرة». والحصار الذي يسعى النظام إلى فرضه في المنطقة لا تأثير مرئيا له، فحركة السير الفوضوية بالازدحام لم تشهد من جهتها أي ثورة.