الرئيس اليمني يعترف بموافقته على الغارات الجوية الأميركية

أشاد بدقة الطائرات من دون طيار ووصفها بالأكثر تطورا

صورة أرشيفية للمدمرة «يو إس إس كول» التي استهدفتها «القاعدة» في خليج عدن في أكتوبر عام 2000 (أرشيف)
TT

أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي السبت الماضي أنه يصادق شخصيا على كل غارة تشنها الطائرات الأميركية من دون طيار داخل بلاده، ووصف هذه الطائرات الموجهة عن بعد بأنها أعجوبة تقنية ساعدت في حرمان تنظيم القاعدة من المكاسب التي كان قد حققها. كما قدم الرئيس اليمني تفاصيل جديدة عن مراقبة المهام المتعلقة بمكافحة الإرهاب من خلال مركز للعمليات المشتركة في اليمن، وذكر أنه يعمل به أفراد عسكريون واستخباراتيون من الولايات المتحدة والسعودية وعمان.

وتعد هذه التصريحات التي وردت في حوار أجرته معه صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أول اعتراف علني من الرجل بدوره المباشر في حملة من الغارات الجوية شنتها طائرات أميركية تقليدية ومن دون طيار واستهدفت المناطق التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة، الذي يعتبر أخطر تهديد إرهابي يواجه الولايات المتحدة. وقال هادي في حوار أجراه معه مراسلون ومحررون صحافيون من صحيفة «واشنطن بوست» داخل جناحه الذي ينزل به في أحد فنادق العاصمة واشنطن: «قبل تنفيذ كل عملية، يحصلون على إذن من الرئيس». كما أشاد بدقة الطائرات الموجهة عن بعد قائلا «الطائرة من دون طيار هي من الناحية التكنولوجية أكثر تطورا من العقل البشري».

ويساعد هذا الحماس من جانب هادي على تفسير كيف أمكن منذ مجيئه إلى السلطة في شهر فبراير (شباط) الماضي بعد ثورة شعبية أنهت 33 عاما من حكم الرئيس علي عبد الله صالح أن يعتبره المسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي أوباما واحدا من أخلص حلفاء الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب. وفي علامة على المكانة التي يتمتع بها هادي، قام الرئيس أوباما بتحيته أثناء الاجتماعات التي عقدت الأسبوع الماضي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، كما التقى بالكثير من كبار المسؤولين بالإدارة الأميركية في واشنطن، ومن بينهم نائب الرئيس جو بايدن، ومستشار البيت الأبيض لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان، ووزيرة الأمن الداخلي جانيت نابوليتانو.

وقد شهدت وتيرة الغارات التي تشنها الطائرات الأميركية من دون طيار زيادة كبيرة العام الماضي، في ظل سيطرة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على مناطق في الجزء الجنوبي من البلاد، واستمراره في تصعيد الهجمات ضد الولايات المتحدة، وذلك بحسب مسؤولين أميركيين كشفوا عن تمكنهم في وقت سابق من هذا العام من إحباط مخطط لتفجير طائرة كان يتم إعداده في اليمن. وذكر الموقع الإلكتروني «لونغ وور جورنال»، الذي يتابع هجمات الطائرات من دون طيار، أن قيادة العمليات الخاصة المشتركة ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركيتين قامتا بتنفيذ 33 ضربة جوية في اليمن هذا العام، في مقابل 10 ضربات عام 2011.

وفي الحوار الذي أجري معه، لمح هادي إلى الضحايا من المدنيين والضربات الخاطئة التي وقعت سابقا أثناء هذه الحملة، التي بدأت في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2009، إلا أنه ذكر أن الولايات المتحدة واليمن اتخذا «تدابير متعددة لتجنب أخطاء الماضي». كما تحدث عن وجود وحدة عمليات مشتركة بالقرب من العاصمة صنعاء، تمثل مركزا عصبيا استخباراتيا لإدارة العمليات الموجهة ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو الاسم الذي تعرف به الجماعة الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة في اليمن. وقال هادي: «اذهبوا إلى مركز العمليات وشاهدوا العمليات وهي تتم خطوة بخطوة».

وكان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد استغل حالة الفوضى السياسية التي سادت اليمن خلال العام الماضي للاستيلاء على بعض المناطق في المحافظات الجنوبية والسيطرة على الكثير من المدن، مثل جعار وزنجبار. وأشار هادي إلى أن استعادة الجيش اليمني للسيطرة على تلك المناطق الجنوبية يمثل بداية الهزيمة الكاملة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وأن العناصر الأجنبية المنضمة إلى التنظيم فرت إلى بلدان أخرى مثل مالي وموريتانيا.

وقد تم ربط تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بسلسلة من المخططات ضد أهداف أميركية، ومن بينها محاولة تفجير طائرة في مدينة ديترويت عشية عيد الميلاد عام 2009. وفي العام الماضي، قتل رجل الدين أميركي المولد أنور العولقي، الذي يقال إنه كان قد أصبح قائد العمليات في التنظيم، في إحدى ضربات الطائرات من دون طيار.

وشدد هادي على أن الثمن الذي يدفعه اليمن يتجاوز أعداد الضحايا الذين يسقطون في حربه ضد تنظيم القاعدة، حيث أكد أن البلاد شهدت إيقاف العشرات من شركات التنقيب عن النفط لمشاريعها في اليمن، وأن السياحة توقفت تماما، مما أدى إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

وتجوب الطائرات من دون طيار التابعة لقيادة العمليات الخاصة الأميركية الأجواء اليمنية انطلاقا من قاعدة عسكرية في جيبوتي، التي تطل على منطقة القرن الأفريقي، أما الطائرات التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية فتنطلق من وحدة مستقلة في شبه الجزيرة العربية لم يتم الإعلان عن موقعها.