الشرطة العسكرية مدعومة بالعربات المدرعة تتولى حماية مسيحيي رفح

محافظ شمال سيناء وأسقفها يؤكدان عدم إجبار الأقباط على التهجير

مصريون يحاولون تجاوز حاجز اسمنتي في وسط القاهرة حيث أقفلت السلطات شارعا رئيسيا (أ.ب)
TT

قالت مصادر أمنية وشهود عيان، إن «قوات من الشرطة العسكرية مدعومة بالعربات المدرعة تقوم بعمل دوريات على منازل وممتلكات المسيحيين بمدينة رفح المصرية لحمايتهم»، فيما أكد شهود عيان من جيران الأسر المسيحية بالمدينة أنه لا توجد أي أسر غادرت رفح منذ بدء الأزمة وأن جمعيهم ما زالوا مقيمين بها.

وشوهدت ست عربات مدرعة تابعة للجيش المصري ونحو ثلاث سيارات جيب تحمل عناصر من الشرطة العسكرية، وهي توجد أمام منازل المسيحيين داخل مدينة رفح، حيث تركزت معظم الوقت أمام منزل التاجر المسيحي ممدوح نصيف، الذي تعرض لإطلاق الرصاص من جانب مسلحين مجهولين بعد تلقيه تهديدات بالقتل إذا لم يغادر رفح.

وقال مصدر أمني إن «دوريات من القوات المسلحة ستوجد أمام منازل الأسر القبطية برفح والتي يبلغ عددها 7 أسر فقط، وذلك حتى يشعروا بمزيد من الأمان»، مضيفا أنه «في الوقت الحالي لا توجد تهديدات مباشرة تستهدف الأقباط، وأن تعزيز الإجراءات الأمنية على الأقباط جاء بعد التهديدات الأخيرة وإطلاق الرصاص على تاجر مسيحي الأسبوع الماضي».

وقال مسؤول محلي بمجلس مدينة رفح إن «الأسر المسيحية لم تترك المدينة منذ بدء الأزمة، وأن جميع المسيحيين الذين يعملون داخل رفح من الموظفين الحكوميين لم يقوموا بأي إجراءات بالإخلاء من أعمالهم».

وأضاف أن «تلاميذ العائلات المسيحية برفح منتظمون في الدراسة، وأن متجر التاجر المسيحي نصيف كان مفتوحا يوم أمس (الأحد)، ويقوم بعمليات البيع والشراء بداخله».

وعقد بمقر إحدى الجهات السيادية بمدينة العريش أمس، اجتماع ضم عددا من مشايخ البدو ومشايخ الدعوة السلفية بشمال سيناء، وقيادات الجيش الثاني الميداني، تم خلاله التأكيد على حماية الأسر القبطية، وخضوعها للحماية الكاملة من جانب البدو وقوات الأمن.

وأكد مشايخ البدو خلال الاجتماع أن علاقتهم طيبة بالمسيحيين المقيمين برفح منذ سنوات، وأنه لا توجد أي مشكلات بينهم وبين السكان الأصليين برفح، واستنكروا التهديد الذي تعرض له أحد المسيحيين المقيمين في رفح، وأعلنوا تضامنهم معه.

وأكد المشايخ والعواقل أن ما حدث لا يمت إلى الدين الإسلامي بصلة ويخرج عن عادات وتقاليد وأعراف قبائل وعائلات سيناء بصفة عامة، وأنه لا يخرج عن كونه حادث بلطجة. وليست وراءه أي معتقدات دينية أو فكر إسلامي، وأكدوا على حق المواطنة الكامل للمسيحيين على أرض رفح وسيناء وباقي أراضي مصر التي تضم الجميع إخوة متحابين مسلمين ومسيحيين.

من جانبه، نفى اللواء سيد عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، وجود تهجير للمسيحيين من رفح، وقال إن بعض الأفراد طلبوا البقاء في العريش، وقد وافق على ذلك كإجراء أمني مؤقت بناء على رغبتهم، مشيرا إلى أن التهجير «يعني أننا أجبرناهم على الرحيل من رفح، وهو ما لم يحدث»، مؤكدا أن أي فرد يطلب البقاء في العريش، فذلك حق له، وتتم الاستجابة لمطلبه.

من جهته، قال الأنبا قزمان، أسقف شمال سيناء، إن جميع الأسر المسيحية موجودة في أماكنها برفح ولم يتركها أحد نهائيا على خلفية التهديدات التي طالت أحد المسيحيين.

وأعلن الأنبا قزمان في لقائه مع ممثلي منظمات المجتمع المدني والأحزاب والتيارات السياسية والشعبية والقوى الثورية وممثلي القبائل والعائلات أنه لا يوجد أي انتقال نهائي من رفح، وأن ما حدث هو تحرك مؤقت لعدد محدود من الأسر ما بين رفح والعريش بعد واقعة تهديد أحد المسيحيين، وهو أمر مؤقت لحين استقرار الأوضاع الأمنية.

وقال الأنبا قزمان إن المسيحي الذي تعرض للتهديد مستمر في إقامته برفح ولم يغادرها هو أو أسرته، وعاد إلى افتتاح محله التجاري الذي تعرض لإطلاق النار من جديد، مضيفا أن كل ما نشر خلال الأيام الماضية غير دقيق ومبالغ فيه، وأن الأمور قد فسرت على غير حقيقتها.

وأضاف: «لا توجد أية فتن أو خلافات بين المسيحيين والمسلمين على أرض سيناء أو في أي مكان آخر على أرض مصر، ولا توجد أي خلافات بين مسلم ومسيحي، وأن من يقف وراء محاولات تهديد المسيحيين أو الاعتداء عليهم هم أعداء الوطن».

وزاد قائلا: «إن المسلمين هم الذين يحمون المسيحيين وأنهم أول من حموا كنائس وممتلكات المسيحيين خلال فترة الانفلات الأمني بعد ثورة 25 يناير، وأن وجود الكنائس بجوار المساجد هو الذي حمى الكنائس من أي اعتداء لوقوف المسلمين بجوارها ومنع أي تخريب أو اعتداء عليها».

وقالت رئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء في مصر قبل يومين، إن قوات الأمن في شمال سيناء تعمل على إعادة مسيحيين يعيشون قرب الحدود المصرية مع إسرائيل إلى ديارهم بعد أن فروا منها خشية التعرض لهجوم من قبل متشددين إسلاميين.

وغادرت تسع عائلات مسيحية تعيش في رفح قرب الحدود المصرية مع إسرائيل منازلها يوم الجمعة بعد تلقيها تهديدات بالقتل من متشددين إسلاميين ومهاجمة مسلحين متجرا يملكه مسيحي.

ويقول محللون إن إسلاميين ربما لهم صلات بـ«القاعدة» قد اكتسبوا موطئ قدم في سيناء، وإن رحيل هذه العائلات قد يثير مخاوف بشأن التسامح الديني وصعود التشدد بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك.

وقال رئيس الوزراء هشام قنديل إن المتشددين لم يحاولوا إجبار العائلات المسيحية على ترك رفح، وإنها غادرت بمحض إرادتها. ولكن تهديدات بالقتل ضد المسيحيين طبعت على منشورات وزعت في المنطقة.

وقال قنديل إنه يجب علينا اقتلاع الخوف وتوفير كل الإجراءات الأمنية لجميع المواطنين.

وعبرت إسرائيل عن قلقها بشأن الأمن في سيناء؛ حيث وقعت أربع هجمات عبر الحدود على الأقل منذ سقوط مبارك في فبراير (شباط) 2011.