باراك: هجوم ليبرمان على الرئيس الفلسطيني يخدم مصالح حماس

صراع إسرائيلي حول التعامل مع الفلسطينيين.. وعريقات ينتقد تصريحات وزير الخارجية

TT

في الوقت الذي توصل فيه أحد قادة التنظيمات اليهودية الأميركية لصيغة تتيح استئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية في القريب، تباينت المواقف داخل الحكومة الإسرائيلية في التعاطي مع الموضوع الفلسطيني في المرحلة المقبلة، إلى حد الصراع العلني، بين وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الذي وجه تهديدا مباشرا للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بأنه «سيدفع ثمنا باهظا لخطابه في الأمم المتحدة»، ووزير الدفاع إيهود باراك، الذي هاجم ليبرمان، وقال إن تصريحاته ضد عباس لا تمثل الحكومة، ولا تعبر عن مصالح إسرائيل.

ومع أن المراقبين السياسيين في إسرائيل يرون أن كلا التصريحين عبارة عن طلقات أولى في معركة الانتخابات الإسرائيلية الداخلية، المتوقع تبكيرها بعدة شهور وإجراؤها في الشتاء القريب، فإن هناك من يخشى أن تكون جزءا من حملة لإفشال الجهود التي يبذلها عدد من قادة التنظيمات اليهودية في الولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات.

ويقول هؤلاء إن اليمين الإسرائيلي غير راض عن مبادرة الزعيم اليهودي الأميركي آلان دراشوفيتش، الذي اتفق مع الرئيس الفلسطيني عباس، الأسبوع الماضي، على تفاهمات لاستئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل على أساس تجميد البناء الاستيطاني حالما تبدأ المفاوضات، والاستمرار في هذا التجميد طالما أن المفاوضات مستمرة.

وقد تجاهل ليبرمان هذه التفاهمات، وراح وعلى مدى أيام يهاجم عباس بشكل شخصي، وبشكل لا يخلو من شتائم وإهانات، بل انتقد الشخصيات اليهودية الأميركية الرفيعة التي التقت عباس في نيويورك، الأسبوع الماضي، على الرغم من محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ثنيهم عن ذلك. وفي آخر هجوم لليبرمان، أمس، قال في مقابلة مع صحيفة «هآرتس»، إن عباس يشكل، حاليا، العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى سلام مع إسرائيل، وإن خطاب عباس في الأمم المتحدة كان بمثابة «بصقة في وجه الحكومة الإسرائيلية، التي عملت في الشهور الأخيرة على تقديم مساعدات لسلطة عباس لضمان عدم انهيارها»، على حد قوله، قاصدا الأموال الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل عن الجمارك الفلسطينية، وتقبض على كل مبلغ ربحا بنسبة 3 في المائة.

وقال ليبرمان إنه في حال واصل رئيس السلطة الفلسطينية مساعيه لنيل اعتراف من الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدولة فلسطينية، «فإننا سنجعله يدفع الثمن، ولن يمر هذا الأمر دون رد منا». وتمنى صراحة أن يتخلص من عباس. وردا على سؤال للصحيفة بشأن الفوضى التي قد تسود في الضفة الغربية في حال تم تغيير محمود عباس، وهو ما يطالب به ليبرمان منذ شهور، قال ليبرمان إنه يتمنى ذلك ويعتبره أفضل شيء لإسرائيل وللفلسطينيين. وأضاف: «ما يحدث الآن في الضفة الغربية هو الفوضى بعينها، فمحمود عباس يعرقل عمل سلطة حكومة سلام فياض ويمنع جباية الضرائب، ناهيك عن وجود ميليشيات من الفساد في الحكم والضفة الغربية».

وأعرب ليبرمان عن اعتقاده بأن على إسرائيل أن توقف ما سماه «التنفس الاصطناعي» الذي تقوم به، والذي يمنع ظهور قيادات فلسطينية جديدة ويزيد من خطر سيطرة حماس على الضفة الغربية أيضا. وأدعى ليبرمان أنه على اتصال دائم مع عناصر فلسطينية تحذر دائما من أن حماس تعتزم السيطرة على الحكم في الضفة الغربية. ورفض ليبرمان الإفصاح عن هوية هؤلاء الفلسطينيين، لكن الصحيفة قالت إنه من المعقول جدا الافتراض أن قسما منهم على الأقل هم من المعارضين الداخليين لعباس، مثل المستشار الاقتصادي السابق لياسر عرفات، خالد سلام (المعروف أيضا باسم محمد رشيد)، والوزير السابق محمد دحلان.

وقد رد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، على ليبرمان ببيان رسمي، أمس، قال فيه إنه (أي باراك) ينتقد بشدة تصريحات ليبرمان ضد الرئيس عباس ويعتبرها مسيئة لإسرائيل، ولا تتماشى مع مصالحها.

وأكد أن هذه التصريحات لا تعبر عن مواقف الحكومة الإسرائيلية الرسمية. وأضاف باراك أنه هو أيضا ينتقد الرئيس عباس، ويتمنى أن يراه يسلك سلوكا آخر لمصلحة عملية السلام، ولكنه يرفض اعتباره عدوا كما يفعل ليبرمان. وقال باراك إن أفكار ليبرمان تخدم حركة حماس وغيرها من المتطرفين الفلسطينيين، «فإذا تنحى عباس ورئيس وزرائه سلام فياض عن الحكم في السلطة الفلسطينية، سيحل محلهما قادة من حماس».

وأعلن باراك أنه سيتوجه إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ليعقد بحثا خاصا في الحكومة حول أقوال ليبرمان واتخاذ موقف رسمي بشأنها «لأن المسألة تتعلق بمصالح أمنية واقتصادية إسرائيلية حساسة. فعلى الرغم من أن خطاب عباس كان قاسيا جدا وغير منطقي، فإن مصلحة إسرائيل تقتضي التعاون معه في حفظ الأمان الاقتصادي والأمن في الضفة الغربية. فهذه الأمور تحسنت هناك، ليس فقط بفضل قدرات وقرارات الجيش والمخابرات الإسرائيلية، بل أيضا بفضل سياسة فياض الاقتصادية وسياسة عباس الرافضة للعنف».

من جانبه، انتقد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أمس، بشدة، تصريحات ليبرمان، واعتبرها تحريضا مباشرا على قتل عباس، محملا الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن هذه التصريحات.

وقال عريقات في تصريح إذاعي نقلته وكالة الأنباء الألمانية، إن «القيادة الفلسطينية أجرت اتصالات مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين لوقف هذه التهديدات ضد شخص الرئيس عباس، ومواصلة الهجوم عليه من قبل المتطرف ليبرمان». وأضاف أن القيادة الفلسطينية ترفض تصريحات ليبرمان جملة وتفصيلا، مشيرا إلى أن خطاب عباس أمام الجمعية العامة كان «خطاب حقائق». وتابع: «يبدو أن ليبرمان وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، يعتقدون بأن إنكار الحقائق يفيدهم»، مشيرا إلى أن الحقائق على الأرض مثل الاستيطان والإملاءات والحصار والإغلاق والاعتقالات، هي «جرائم حرب. وعلى المسؤولين الإسرائيليين أن يخشوا من محاكم الجنايات الدولية».

وأكد عريقات أن «القطار الفلسطيني باتجاه استعادة فلسطين إلى خارطة الجغرافيا وأخذ مكانها الطبيعي بين الشعوب والأمم قد انطلق، ولن يكون هناك عودة عن ذلك».