هجمات منسقة في بغداد و7 مدن عراقية أخرى توقع عشرات القتلى والجرحى

تضمنت تفجير 13 سيارة مفخخة وعبوة ناسفة وهجومين مسلحين

عناصر في الشرطة العراقية يساعدون أحد زملائهم بعد انفجار سيارة مفخخة في منطقة الكرادة ببغداد أمس (أ.ب)
TT

لم تحل الإجراءات المشددة التي اتخذتها الأجهزة الأمنية العراقية أول من أمس في عموم العاصمة بغداد، وهو ما خلق زحاما غير مسبوق في السير، دون وقوع سلسلة انفجارات أمس أسفرت عن مقتل وجرح العشرات في مناطق مختلفة من بغداد، وذلك بعد يوم واحد من هروب أكثر من 100 سجين بعضهم محكوم بالإعدام، من سجن التسفيرات في مدينة تكريت.

وطبقا لما أفادت بها الأجهزة الأمنية، فقد كانت هناك معلومات عن سيارات مفخخة في طريقها إلى العاصمة بغداد، مما استدعى نشر قوات إضافية ونصب نقاط تفتيش جوالة في مناطق مختلفة من العاصمة وفي مداخلها الرئيسية تحسبا لوقوع هجمات، وهو ما حصل بالفعل منذ ساعات الصباح الأولى أمس الأحد.

وشملت الهجمات تفجير 13 سيارة مفخخة، وعبوة ناسفة واحدة، وهجومين مسلحين، في ثمانية مدن عراقية بينها بغداد، وفقا لمصادر أمنية وعسكرية وطبية. واستهدف انتحاري يقود سيارة مفخخة دورية للشرطة في ساحة الواثق بمنطقة الكرادة وسط بغداد، بحسب ما أفاد ضابط في الشرطة لمراسل وكالة الصحافة الفرنسية في موقع الهجوم.

وقال مصدر في وزارة الداخلية إن «شخصين بينهما ضابط شرطة قتلا، وأصيب خمسة، بينهم ثلاثة من الشرطة، بجروح» في الهجوم. وأكد مصدر طبي في مستشفى «ابن النفيس» وسط بغداد بتلقي جثتين إحداهما تعود لضابط برتبة رائد في الشرطة، ومعالجة ثمانية جرحى بينهم ثلاثة من عناصر الشرطة أصيبوا في الانفجار. وأدى الانفجار إلى تحطيم زجاج المحلات والمباني المجاورة وعدد من السيارات، وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية جثة دون رأس ويدين أمام أحد المحلات، وأشلاء بشرية على رصيف مجاور. وقال أبو إيهاب (57 عاما) وهو صاحب أحد المحلات: «كنت في المحل وسمعت صوت انفجار قوي جدا (...) مفاجئ»، وأضاف: «كنا في المحل بينما كانت الشرطة تجمع أشلاء بشرية وتضعها في كيس من النايلون». وذكر فراس داود (30 عاما) من جهته: «ماذا أقول عن الإجراءات الأمنية؟ زفت»، بينما ردد حيدر محمد (23 عاما): «تعبنا من هذه الحكومة، فهي لا تقدم شيئا»، مضيفا: «نشعر باليأس، الله كريم».

وبعد نحو ساعة من هذا الهجوم، وقع انفجار كبير في الموقع ذاته، وسمع صوت الانفجار من مكان يبعد نحو كيلومتر عن مكان الهجوم حيث تصاعدت أعمدة الدخان. وأكد مصدر بالداخلية مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين بجروح في الهجوم، فيما أعلن مصدر طبي عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 10 بجروح.

وفي هجوم آخر، قال مصدر بالداخلية إن «مسلحين مجهولين اغتالوا بأسلحة مزودة بكواتم للصوت شرطيا في حي العامل» في غرب بغداد، مضيفا أنه «عند وصول دورية الشرطة انفجرت سيارة مفخخة ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة أربعة». وفي التاجي (25 كلم شمال بغداد)، قتل «ستة أشخاص على الأقل وأصيب ثمانية آخرون بجروح في تفجير أربع سيارات مفخخة في مواقع متفرقة» من المنطقة، وفقا لمصدر الداخلية. وأكد مصدر طبي في مستشفى الكاظمية شمال بغداد تلقي جثث سبعة أشخاص ومعالجة 21 جريحا جراء هذه الانفجارات. وقتل شخصان على الأقل وأصيب تسعة آخرون بجروح بينهم زوار إيرانيون في انفجار سيارة مفخخة في ناحية المدائن (25 كلم جنوب بغداد)، وفقا لمصدر الداخلية. وأكد مصدر طبي في مستشفى المدائن تلقي جثتين لعراقيين ومعالجة 11 جريحا بينهم سبعة زوار إيرانيين.

وفي الكوت (160 كلم جنوب بغداد) قال ضابط في الشرطة برتبة نقيب إن «أربعة أشخاص؛ بينهم ثلاثة من الشرطة قتلوا، وأصيب سبعة آخرون؛ بينهم اثنان من الشرطة، في انفجار سيارة مفخخة». وأكد مدير عام صحة محافظة واسط أن مستشفى الكوت تلقى جثث أربعة أشخاص؛ بينهم ثلاثة عناصر في الشرطة.

كما أعلن ضابط برتبة مقدم في الشرطة أن «ثلاثة أشخاص بينهم اثنان من الشرطة قتلوا وأصيب 19؛ بينهم سبعة من الشرطة بجروح، في انفجار ثلاث سيارات مفخخة» في ثلاث مناطق مختلفة قرب بعقوبة (60 كلم شمال شرقي بغداد). وأكد مصدر طبي في مستشفى بعقوبة مقتل ثلاثة أشخاص.

وفي الموصل (350 كلم شمال بغداد)، قال الملازم أول محمد الخالدي، من الجيش، إن «انفجار سيارة مفخخة مركونة استهدف دورية للجيش في منطقة كوكجلي، في شرق الموصل، أدى إلى إصابة 15 شخصا بينهم جندي واحد بجروح». كما أصيب أربعة أشخاص بجروح في انفجار عبوة استهدف دورية للجيش وسط الموصل، وفقا لمصادر أمنية وطبية. وفي ساعة متأخرة من ليل السبت، قتل جنديان وأصيب ثلاثة آخرون بجروح في انفجار عبوة ناسفة استهدف دوريتهم في الطارمية (45 كلم شمال بغداد)، وفقا لمصادر أمنية وطبية.

وجاءت هذه الهجمات بعد يومين من هروب نحو 100 سجين ينتمي نصفهم تقريبا إلى تنظيم القاعدة، من سجن في مدينة تكريت شمال بغداد. وفي هذا السياق، نفت وزارة الداخلية أن تكون قد وجهت أي اتهام لأية جهة بما فيها وزارة العدل بشأن ما حصل في سجن التسفيرات في مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين. وكان الناطق باسم وزارة العدل قد أكد أول من أمس أن وزارة الداخلية هي المسؤولة عن إدارة سجون التسفيرات في المحافظات. وقال المتحدث باسم «العدل» حيدر السعدي في تصريح صحافي أمس أن «دائرة الإصلاح التابعة لوزارة العدل غير مسؤولة عن إدارة سجون التسفيرات في المحافظات»، مبينا أن «وزارة الداخلية هي المسؤولة عن إدارة هذه السجون». واعتبر السعدي «تحميل وزارة العدل جزءا من مسؤولية هروب سجناء من تسفيرات تكريت خلطا للأوراق»، معربا عن استغرابه «من الاتهامات التي وجهت للوزارة بشأن تقصيرها في ذلك».

لكن الناطق باسم وزارة الداخلية العقيد سعد معن أبلغ «الشرق الأوسط» أن «البيان الذي أصدرته الداخلية والذي يوضح طبيعة ما حصل في سجن التسفيرات في تكريت لا يتضمن اتهاما أو إساءة لأي طرف بما في ذلك وزارة العدل»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «المسؤولية في مثل هذه الخروقات يتحملها الجميع». وحول ما إذا كانت سجون التسفيرات تقع ضمن مسؤولية «العدل» أم «الداخلية»، قال العقيد سعد إن «هذا الملف شائك ولم يحسم بعد لأنه يتعلق بالبنية التحتية ومدى قابليتها لاستيعاب السجناء والمعتقلين». وأكد أن «السجون عادة يجب أن تتبع وزارة العدل، ولكن بسبب عدم القدرة الاستيعابية ونقص البنية التحتية، فإن (التسفيرات) تقع ضمن إطار مسؤولية الداخلية، ونحن أعلنا عن تحملنا جزءا من المسؤولية لعناصرنا الموجودين هناك».