تفاؤل حذر في الأوساط السياسية والبرلمانية العراقية بنجاح مهمة طالباني

قيادي في التحالف الشيعي لـ«الشرق الأوسط»: قدمنا ما لدينا وننتظر ما يقدمه الآخرون

TT

وصل أخيرا الرئيس العراقي جلال طالباني إلى بغداد ليبدأ منها جولة مباحثات يرى مراقبون أنها الأصعب في حياته السياسية. مصدر رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن اسمه أو هويته، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «مهمة طالباني عسيرة جدا ومشكوك في إمكانية وصولها إلى حلول للأزمة الراهنة بسبب تقاطعات كثيرة داخلية وخارجية».

وأضاف المصدر أن «مدى تحقيق هذه المهمة من نجاح يتوقف على رضا الأميركيين من جهة والإيرانيين من جهة أخرى»، مشيرا إلى أن «مواقف رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم ائتلاف العراقية إياد علاوي من مهمة طالباني ليست إيجابية وبالتالي فإن إمكانية التوصل إلى حل في ظل رفض علاوي وبارزاني أمر صعب». واعتبر المصدر أن «ائتلاف العراقية منقسم على نفسه وعلاوي لا يبدو في وضع القادر على ضبط إيقاع حركة العراقية، في حين أن طالباني لا يسعى أبدا إلى الاصطدام ببارزاني لأسباب تتعلق بالداخل الكردي في إقليم كردستان».

وكان الرئيس جلال طالباني قد عاد إلى بغداد من معقله مدينة السليمانية التي عاد إليها هي الأخرى الأسبوع الماضي من رحلة علاج طويلة في ألمانيا استمرت ثلاثة أشهر. وباستثناء رئيس إقليم كردستان الذي غادر أربيل في زيارة لعدد من الدول الأوروبية عشية وصول طالباني إلى السليمانية، وزعيم ائتلاف العراقية الذي فضل التوجه إلى الكويت في زيارة رسمية، فإن طالباني التقى معظم الزعامات العراقية وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي، ورئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري، وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم.

وبينما يتوقع أن يستكمل طالباني حواراته الرسمية في بغداد في غضون الأيام القليلة المقبلة، فإن نسبة التفاؤل في المدى الذي يمكن أن تحققه مهمته من نجاح بدت متضاربة داخل الأوساط السياسية والبرلمانية العراقية، وهو ما أكده ممثلوها في تصريحات لـ«الشرق الأوسط».. فقد أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني شريف سليمان أن الرئيس طالباني «يملك مؤهلات شخصية بلا شك تؤهله للقيام بأصعب الأدوار نظرا لخبرته الطويلة وحنكته السياسية، بالإضافة إلى أن كل الأطراف باتت تعول على دوره إلا أن هذا لا يشكل نجاحا بحد ذاته ما لم تبذل الكتل السياسية ما يكفي من جهود لإنجاح هذه المهمة». وأضاف أن «المشكلة التي نواجهها هي أن مواقف الكتل السياسية متذبذبة حيال الأزمة وحيال بعضها وليست هناك قناعة كاملة لديها للوصول إلى حل، وذلك بسبب صعوبة المرحلة الراهنة وعدم وجود ثقة بين الأطراف السياسية على الرغم من أن كل هذه الكتل المتصارعة هي مشاركة في حكومة واحدة وفي برلمان واحد». واستبعد سليمان أن «يتم التوصل إلى حلول حقيقية للأزمة بل ربما سيتم التوصل إلى حلول وسط يمكن أن تمثل سياسة الحد الأدنى المقبول». واعتبر القيادي الكردي أنه «بصرف النظر عن طبيعة الطروحات السياسية والمبادرات المطروحة، فإن التحالف الكردستاني يرى أن البدء بتنفيذ اتفاقية أربيل الأولى يمكن أن يمثل أكثر من نصف الحل المطلوب للأزمة».

من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف الوطني والقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي فرات الشرع، أن «التحالف الوطني قدم ما لديه سواء من خلال ورقة الإصلاح التي هي مفتوحة أمام الجميع للحذف أو الإضافة، أو من خلال السعي لإقرار بعض مشاريع القوانين في البرلمان». وأضاف الشرع أن «التحالف الوطني يعول كثيرا على مهمة الرئيس جلال طالباني بوصفه حامي الدستور وراعي المبادرة وبالتالي فإنه وحده قادر على الخروج بحلول عملية قد لا تكون نهائية ولكنها تمثل أرضية مناسبة للحل».

أما عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، فقد أكد أن «القوى الوطنية تدعم مهمة الرئيس طالباني على الرغم من وجود مواقف مسبقة من شأنها أن تعرقل إمكانية التوصل إلى حل». وأضاف أن «جهود طالباني الآن تترافق مع أزمة سياسية خانقة ويترافق معها تدهور أمني، فضلا عن ضعف كبير في الخدمات مع استمرار العراقيل لإقرار القوانين التي يمكن أن تمثل جوانب مهمة في حياة العراقيين». ودعا فهمي إلى «عدم اقتصار المؤتمر الوطني على الكتل السياسية المتصارعة، بل يجب أن تشارك فيه كل القوى السياسية وتناقش فيه أزمة الدولة العراقية بالكامل».

من جهته، رأى زعيم الكتلة العراقية البيضاء في البرلمان جمال البطيخ، أنه «متفائل بحذر من إمكانية نجاح مهمة الرئيس طالباني بسبب التقاطعات السياسية الحادة، وبالتالي فإن كل ما نتمنى الوصول إليه هو الحد الأدنى من الحلول». وأضاف البطيخ أنه «من الصعب التكهن بالمدى الذي يمكن أن يصل إليه طالباني في جمع الأطراف المتخاصمة، ولا سيما أن هناك من ليس لديه رغبة لا في الحضور ولا في إنجاح الجهود».