العنف يطارد النساء العاملات في أفغانستان.. والسلطات تجاهلت طلبات للحماية

الشرطة تجد صعوبة في توفير الأمن والحراسة لـ74 ألف امرأة موظفة

TT

طعن مهاجم الموظفة الحكومية الأفغانية موزجان معصومي 14 طعنة بنصل سميك يستخدم في ذبح الحيوانات محدثا جروحا بالغة في جسمها لتعيش شبه ميتة على أطراف العاصمة الأفغانية.

ونظرا لإصابتها بعرج شديد وعدم قدرتها على التحكم في البول بعدما أصاب النصل نخاعها الشوكي لم يعد بمقدور الفتاة التي تبلغ من العمر 22 عاما مواصلة العمل في وزارة الأشغال العامة، حيث كانت تعمل مساعدة مالية قبل الهجوم. وكثيرا ما تواجه النساء اللائي يواصلن العمل في أفغانستان شديدة المحافظة، معارضة في مجتمع يتعرضن فيه للنبذ أو المعاملة الوحشية لاختلاطهن مع الرجال من غير أزواجهن أو أقاربهن.

وعلى الرغم من الالتزامات التي قطعتها السلطات بتحسين حقوق النساء بعد 11 عاما من الحرب التي قادها حلف شمال الأطلسي يقول البعض إن عليها بذل المزيد من الجهد لمنع العنف ضد النساء العاملات، خاصة في القطاع الحكومي. وهناك مخاوف الآن من أن فرص النساء في القطاع العام قد تتقلص مع اقتراب موعد رحيل القوات الأجنبية في 2014، حيث تتراجع الثقة في مواجهة استمرار العنف. وقالت معصومي في تقرير لـ«رويترز» في منزلها مبهر الإضاءة الذي يقع على بعد دقائق سيرا من المكان الذي طعنت فيه «ليس لي أعداء ولا صلات بالعصابات وانظروا إلى ما حدث لي. الوضع بالنسبة للنساء في هذا البلد يسوء يوما بعد يوم».

وقالت معصومي عن مهاجمها وهي تعبث بشعرها الأسود الفاحم «هو لا يحب أن تعمل النساء خارج المنزل». وكان قد هددها في اتصالات هاتفية ورسائل نصية في الأشهر التي سبقت الهجوم. وقال والداها إن المهاجم وهو قريب للأسرة يعمل شرطيا يقبع خلف القضبان الآن بسب حادث الطعن. وقال الكولونيل سيد عمر صبور، نائب مدير إدارة المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان بوزارة الداخلية، إن المخاوف الأمنية للعاملين الحكوميين من الرجال تؤخذ على محمل الجد أكثر من مخاوف النساء. وأضاف «النساء اللائي يعملن يستهدفن أكثر بكثير من الرجال وعلى الحكومة أن تعترف بذلك». وتعرضت قضية حماية الموظفات الحكوميات لاختبار في يوليو (تموز) عندما استهدف انتحاري حنيفة صافي، رئيسة شؤون المرأة بإقليم لغمان في شرق البلاد، فأرداها قتيلة. وقالت أسرتها بعد ذلك، إن السلطات تجاهلت طلبات متكررة للحماية. ورفض مسؤولو لغمان التعليق. وقال ابنها محمد تبريز صافي «لقد كانت قلقة على مستقبلها. المرة الوحيدة التي تناول فيها أحد من الشرطة قضية أمنها كانت عندما قتلتها طالبان».

وقال صديق صديقي، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن على الحكومة رسميا توفير الأمن وعادة ما يكون بتعيين حراس للوزراء ولأعضاء البرلمان وشيوخ القبائل.

وقال صبور، إن النساء ممن هن لسن في وظائف قيادية مثل صافي أو معصومي أصبحن في حاجة ماسة للحماية لمجرد جنسهن.

لكن صديقي قال إنه سيكون «صعبا جدا» على الشرطة توفير الأمن والحراسة لكل من يعمل في الحكومة. وهناك نحو 74 ألف امرأة بين 363 ألف موظف حكومي.

ولم تستجمع موزجان في الآونة الأخيرة سوى ما يكفي من القوة لمواصلة الحديث عن محنتها التي وقعت في أواخر مارس (آذار).

وكانت معصومي بما لديها من الإلمام بعض الشيء بالمحاسبة واللغة الإنجليزية ذخرا لوزارتها، حيث كانت تعمل في برنامج السلام وإعادة الدمج في أفغانستان الذي تموله الأمم المتحدة الذي يهدف إلى إعادة المقاتلين السابقين بطالبان من ميدان القتال إلى الوظائف.

لكنها قالت إنه لم يأت ولو شخص واحد من وزارتها لمساعدتها أو تشجيعها بعد الهجوم. وقالت «بل إنهم لم يأتوا ليروني. لم أحصل على شيء ماديا أو معنويا»، مضيفة أن أفرادا من قوة المعاونة الأمنية الدولية (إيساف) التي يقودها حلف شمال الأطلسي أخذوها للمستشفى. وإذا لم تسافر قريبا للخارج لإجراء جراحة فربما لا تتمكن من العمل مرة أخرى.

واستعادت النساء الأفغانيات حقوقا أساسية في التعليم والتصويت والعمل منذ الإطاحة بطالبان من السلطة في 2001، لكن هناك قلقا من عدم حماية مثل هذه الحريات، بل من ضياعها مع سعي كابل للتوصل لاتفاق مع الحركة.

وقالت ماريا بشير، رئيسة الادعاء في إقليم هرات على الحدود مع إيران «إذا جرى التوصل لحل سياسي بين طالبان والحكومة فلن يكون هناك شك في أن النساء سيحتجن لحماية أفضل». وتعرضت بشير وهي المدعية العامة الوحيدة في البلاد للتهديدات مرارا وهوجمت مرتين عندما أحرق منزلها وألقيت عليه قنابل حارقة مرة أخرى. ويرافق ثمانية حراس بشير إلى العمل كل يوم ويعيش ستة في منزلها. وقالت إن المجتمع الدولي هو من يدفع رواتبهم جميعا.