انحدار جديد للريال الإيراني بتراجعه 17% في يوم واحد.. و75% خلال عام

مصادر: خلاف بين خامنئي وقائد فيلق القدس قاسم سليماني بشأن المليارات التي أنفقها لدعم نظام الأسد

صورة تعود إلى شهر آب لعمال ايرانيين يعتصمون أمام وزارة الصناعة مطالبين بدفع معاشاتهم المتأخرة (أ.ب)
TT

واصل الريال الإيراني انحداره ليصل أمس لأدنى مستوى له في تاريخه، بتراجعه نحو 17 في المائة من قيمته في يوم واحد، فيما يدور جدل في إيران بشأن جدوى الدعم السخي الذي تقدمه طهران للنظام السوري الذي تعدى 10 مليارات دولار، وفي ظل استمرار سير الحرب في طريق مسدود، وفشل نظام الرئيس بشار الأسد في حسم الصراع الدائر في بلاده.

وحسب مصادر مطلعة، فإن سعر الدولار وصل، أمس، إلى 34 ألفا و500 ريال إيراني في السوق المفتوحة، مقابل نحو 29 ألف و600 ريال يوم أول من أمس الأحد، أي بتراجع مقداره 17 في المائة. واستهل سعر صرف الريال لدى افتتاح السوق بتراجع 9 في المائة، ثم تسارعت وتيرة التراجع إلى 13 في المائة في فترة أولى ولاحقا إلى 17 في المائة مع إقفال التداول. وقد أدى تدهور سعر صرف الريال أمام الدولار منذ عام إلى زيادة التضخم الذي بلغ رسميا نسبة 23 في المائة تقريبا. وكان سعر صرف الدولار يعادل 13 ألف ريال فقط نهاية 2011، مما يعني أن العملة الإيرانية خسرت أكثر من 75 في المائة من قيمتها في غضون عام. ولم يتوقف سعر صرف الريال عن التراجع بسبب كونه ضحية شح العملات الصعبة والتضخم المتنامي الناجمين عن العقوبات المصرفية والنفطية الغربية المفروضة على إيران.

وأعلن مدير شركة استيراد لوكالة الصحافة الفرنسية لم تذكر اسمه، قائلا: «إنها كارثة». وأضاف أن «زبونا خسر مليار ريال في يوم واحد»، أي 30 ألف دولار بحسب معدل الصرف الحالي. ورفض عملاء الصيرفة أمس، شراء أو بيع الدولار. وقال أحدهم لوكالة الصحافة الفرنسية «لا نعرف ما سوف يحصل في الأيام المقبلة وما ستقوم به الحكومة». من جهته، أعلن نصرت عزاتي المتحدث باسم جمعية عملاء الصيرفة أن معدلات الصرف هذه «اصطناعية ولا توجد معدلات صرف حقيقية في السوق»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

إلى ذلك، قالت مصادر إن مليارات الدولارات التي أنفقتها إيران من أجل دعم الرئيس السوري بشار الأسد أحدثت انقساما داخل الأوساط العليا من النظام في طهران، في ظل استمرار سير الحرب في طريق مسدود، وفشل النظام السوري في حسم الصراع على الرغم من الدعم العسكري والمالي الضخم المقدم إليه من طهران.

وقالت المصادر إن شرخا حدث بين المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ورئيس جهاز الاستخبارات الإيراني قاسم سليماني.

وطبقا لتقارير استخباراتية غربية تم تسريب تفاصيلها إلى صحيفة «نيويورك تايمز»، وأكدتها مصادر أخرى، فقد شب خلاف بين الرجلين، اللذين ظلا قريبين لسنوات، بسبب الفشل في قمع الثورة لمدة 18 شهرا. ويعتقد أن إيران أنفقت ما لا يقل على 10 مليارات دولار (6 مليارات جنيه إسترليني)، كما أكد منشقون من قوات الأسد لمنسقي «الجيش السوري الحر» في الخليج أن إيران ظلت لمدة أشهر تدفع رواتب القوات التابعة للحكومة السورية، بالإضافة إلى تزويدها بالأسلحة والدعم اللوجيستي.

وقد أدت ضخامة حجم هذا الإنفاق إلى تزايد الانقسام في طهران، في ظل معاناة الاقتصاد الإيراني تحت وطأة العقوبات الدولية التي فرضها الغرب من أجل كبح البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل. ويعتبر سليماني، قائد «فيلق القدس»، وهي وحدة تابعة للحرس الثوري الإيراني، العقل المدبر للاستراتيجية التي تتبعها إيران مع وكلائها في أنحاء المنطقة، ومن بينهم حزب الله وحماس.

وفي نهاية العام الماضي، طمأن الرجل آية الله خامنئي بأنه يستطيع تغيير مسار الأحداث في سوريا وقمع الثوار. ولكن بدلا من ذلك، تحول الصراع إلى مأزق دموي، حيث تعمل إيران على ضخ الأسلحة والقوات والأموال إلى سوريا، لمواجهة الدعم الذي يتلقاه الثوار من بعض الدول.

وقال مصدر دفاعي غربي: «سليماني وعد خامنئي بأنه سوف يقلب الوضع في سوريا، وفشل في الوفاء بوعده».

وتعلم الحكومة الإيرانية أن هذه أموال لا تستطيع أن تتحمل تبذيرها هكذا بينما يقف اقتصادها على شفا الانهيار، حيث قفزت معدلات التضخم والبطالة عاليا، وحسب تقرير لصحيفة «تايمز» البريطانية، فإن هناك حالة عامة من الضيق وعدم الرضا بين الإيرانيين العاديين تجاه تعلق النظام المرضي بالحرب في سوريا، بينما تستمر العقوبات في الضرب بقوة. كما بدأ مسؤولون كبار داخل النظام في التساؤل عن جدوى الاستراتيجية التي تتبعها إيران في سوريا، حيث يخشون من حدوث اضطرابات في الداخل إذا استمر الصراع دائرا وانكشف حجم الإنفاق الإيراني.

وقد جددت طهران دعمها للرئيس الأسد نهاية الأسبوع الماضي، حيث أصر علي أكبر ولايتي، وهو مستشار آية الله خامنئي لشؤون السياسة الخارجية، على أن انتصار نظام الأسد «مؤكد»، وأنه سيمثل انتصارا لإيران. ولكن وراء الكواليس، فإن إيران تعمل على استكشاف خيارات أخرى، حيث أعادت فتح قنوات اتصال مع كثير من جماعات المعارضة، مثل الإخوان المسلمين في سوريا، في محاولة للاحتفاظ بمساحة نفوذ لها داخل البلاد في حال إسقاط نظام الأسد.

وقد كان تورط إيران في سوريا معلوما منذ أشهر، إلا أن طهران ظلت تنكر أن لها قوات موجودة في دمشق حتى أسبوع مضى، حينما أكد قائد الحرس الثوري الفريق محمد علي جعفري أن أعضاء من «فيلق القدس» كانوا هناك. كما أن ادعاء إيران بأن تورطها هناك حدث في الآونة الأخيرة فقط كذبه ظهور صورة فوتوغرافية لشاهد قبر في مقابر «بهشت زهرا» في طهران، وهي تحمل اسم محرم ترك (33 عاما) وشارة الحرس الثوري، ومكتوب عليها «استشهد في دمشق»، والتاريخ المبين هو 19 يناير (كانون الثاني) من هذا العام. وقد تم وضع هذه الصورة على موقع «فيس بوك» وتداولتها المواقع الإلكترونية قبل أسبوعين، وذكرت المدونة الإيرانية «وحيد أونلاين» أن محرم ترك لقي مصرعه أثناء أحد التدريبات عندما انفجرت قنبلة يدوية كان يمسك بها في يده.