الجريبي: تعبئة الجمهور ضد «الترويكا الحاكمة» في تونس عملية واردة

أمينة الحزب الجمهوري لـ «الشرق الأوسط»: نرفض الانصهار في حكومة وحدة وطنية مغشوشة

مي الجريبي
TT

هددت مية الجريبي، الأمينة العامة للحزب الجمهوري التونسي، وهو تحالف سياسي يقوده الحزب الديمقراطي التقدمي، باللجوء إلى تعبئة التونسيين بعد تفشي مظاهر العنف السياسي والاجتماعي. وقالت إن هذا الخيار له علاقة بحالة انسداد مجالات الحوار مع الائتلاف الثلاثي الحاكم (الترويكا)، وتواصل ما سمته «تعنت الحكومة وتمسكها بالمكابرة» في تعاملها مع بقية مكونات المشهد السياسي في البلاد.

وذكرت الجريبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نحن على استعداد لدراسة كل الإمكانيات بما فيها تعبئة الجمهور»، دون أن تتحدث عن النزول إلى الشارع. وكشفت أيضا أن الحزب له من القوة والانتشار بين التونسيين ما يمكنه من فعل ذلك، رغم احترازها من الوصول إلى هذا الخيار المهدد لمصلحة تونس، على حد تعبيرها.

وأشارت الجريبي، التي انتخبت أمينة عامة للحزب الجمهوري في مايو (أيار) الماضي بعد أن كانت أول تونسية ترأس حزبا سياسيا عام 2009، هو الحزب الديمقراطي التقدمي، إلى بروز تيارات متطرفة لا تواجهها السلطات بما يلزم من الصرامة لإيقاف زحفها على الشارع عبر العنف. وقالت إن «وراء ذلك حسابات انتخابية؛ إذ إن بعض الأحزاب لا تعادي أي طرف من الأطراف ظنا منها أنها بذلك تحتفظ برصيد انتخابي احتياطي قد تستفيد منه خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، ولكن ذلك قد يعود عليها بنتائج وخيمة».

ونبهت الجريبي إلى انحراف الثورة التونسية عن مسارها، وقالت إن الانتقال الديمقراطي مهدد بمخاطر الردة، وبروز الاستبداد من جديد، مشيرة إلى أن «الحكومة الحالية التي تدعي أنها أقوى حكومة عرفتها تونس، لم تنجح في فض مشكلات جحافل العاطلين عن العمل، كما لم تقنع الجهات التي أججت الثورة ضد الحيف الاجتماعي بإمكانية التوصل إلى حلول تنموية واستثمارية تغير وضعية تلك المناطق المحرومة، وتلك الفئات الهشة».

وبشأن معالجة عدم التوازن السياسي المسيطر على المشهد السياسي، واقتراب تونس من محطة المرحلة الانتقالية الثانية دون وجود وضوح في الرؤية السياسية، قالت الجريبي إن الحزب الجمهوري، الذي تقوده، يرفض الانصهار في حكومة وحدة وطنية مغشوشة، على حد تعبيرها، ودعت إلى استئناف الحوار بين مختلف مكونات المشهد السياسي من أجل ضمان التداول السلمي للسلطة، وعدم طمس الاختلاف في الرؤى والبرامج، مما يقطع الطريق أمام عودة الاستبداد.

وأضافت الجريبي أن تونس في أمس الحاجة إلى إرادة سياسية قوية تغلق الباب أمام عودة نظام الظلم السابق نفسه، وقالت إن البلاد تحتاج إلى الالتزام بمقتضيات الثورة ومطالبها والحسم في مجموعة من الملفات الحساسة والمهمة مثل ضمان استقلالية القضاء وضمان العدالة الانتقالية، واحترام شفافية قطاع الإعلام وحياده.

وأوضحت الجريبي أن العدالة الانتقالية إذا لم تطبق بشكل قانوني يضمن حقوق كل التونسيين، ستتحول إلى عدالة انتقامية، وبالتالي لا يمكنها أن تؤدي إلى النتيجة التي يتطلع إليها التونسيون بعد الثورة.

وأشارت الجريبي إلى أن الولاء والمقايضة في العتمة التامة قد يؤدي إلى ما سمتها «عدالة النفاق»، وقالت إن البعض ممن يرفع شعار المحاسبة يلتقي خلسة رموز الاستبداد والفساد، وإن هذا لا يمكن أن يؤدي، حسب تقديرها، إلا إلى تأسيس «ديكتاتورية ناشئة» بدأت بعض معالمها تتضح، ولا تخفى على العديد من التونسيين، على حد قولها.

وبشأن ما أشيع من أخبار حول بعث «ترويكا معارضة» تضم الحزب الجمهوري، وحزب «نداء تونس»، والمسار الديمقراطي الاجتماعي، لقطع الطريق أمام «الترويكا الحاكمة» في المحطات الانتخابية المقبلة، قالت الجريبي إن الحزب بصدد دراسة مقترح تحالفه مع حزب «نداء تونس»، و«المسار»، ومجموعة من الأحزاب التي تتبنى الأفكار التقدمية، إلا أن الموقف النهائي لم يتم اتخاذه بعد، وإن مطلب قيادات الحزب الجمهوري يذهب في اتجاه بعث جبهة سياسية لها التوجهات نفسها، ولكنها تعارض حاليا فكرة الانصهار الكامل مع أحزاب سياسية أخرى.