المعلم يتهم دول الجوار بدعم «الإرهاب» ببلاده ويؤكد رفض تنحي الأسد

متظاهرون ينددون باستقباله في الأمم المتحدة ويطالبون بدعم الجيش الحر

المعلم قبل صعوده إلى المنصة لإلقاء كلمة سوريا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ب)
TT

وجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم انتقادات لاذعة إلى دول إقليمية على رأسها تركيا وقطر والسعودية وليبيا في خطابه أمام الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة أمس. وكرر المعلم ادعاءات النظام السوري بأن ما يحدث في البلاد هو «حملة إرهابية عالمية»، قائلا إن دولا مثل الولايات المتحدة قد تدعم «الفوضى الخلاقة» في سوريا، من دون إعطاء أي براهين أو تفاصيل عن هذه الاتهامات. كما أنه أكد من منبر الجمعية العامة رفض فكرة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، معتبرا أن الدعوات لتنحيه هي «تدخل سافر» في الشؤون السورية.

وحمل المعلم رسالة واضحة لمن التقاهم في نيويورك وكررها في خطابه أمام الجمعية العامة، وهي وضع الثورة السورية في إطار «الإرهاب». وقال المعلم: «تواجه بلادي منذ عام ونيف إرهابا منظما طال مواطنينا وكوادرنا البشرية والعملية ومؤسساتنا الوطنية وكثيرا من معالم سوريا الأثرية التاريخية عبر تفجيرات إرهابية واغتيالات ومجازر وأعمال نهب وتخريب»، مشيرا إلى إعلان «جبهة النصرة» مسؤوليتها عن التفجير الذي هز دمشق يوم 26 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأضاف: «لا نستغرب فشل مجلس الأمن في إدانة هذه التفجيرات الإرهابية لأن بعض أعضائه هم من يدعم مثل هذه الأعمال»، مدعيا أن «هذا الإرهاب المدعوم خارجيا وما يرافقه من تحريض إعلامي غير مسبوق قائم على إذكاء التطرف الديني الذي ترعاه دول معروفة في المنطقة، وتسهيل تدفق السلاح والمال والمقاتلين عبر حدود بعض دول الجوار». وطرح المعلم تساؤلات عدة في خطابه، من بينها «نتساءل عن مدى انسجام التصريحات القطرية والسعودية والتركية والأميركية والفرنسية، المحرضة والداعمة بوضوح لا لبس فيه مع المسؤوليات الدولية لهذه البلدان في مجال مكافحة الإرهاب».

وكرر المعلم ادعاء نظامه بأن «استجابت حكومة بلادي على امتداد مراحل الأزمة لكل مبادرة مخلصة رمت إلى المساعدة في إيجاد حل سلمي يقوم على الحوار الوطني بين السوريين ورفض الاستقواء بالخارج ويحفظ دماء السوريين ووحدة سوريا ومستقبلها». وأضاف أنع على الرغم من قناعة الحكومة السورية بـ«عدم وجود نوايا صادقة لدى بعض الأطراف الإقليمية والدولية»، فإنها وافقت على نشر المراقبين العرب والمبادرات الدولية تحت إشراف المبعوث الدولي كوفي أنان. وبعد تصريحات مطولة عن الإرهاب وغير ذلك، قال المعلم «نحن نؤمن بالحل السياسي خطا أساسيا للخروج من الأزمة»، مجددا الدعوة لـ«الأطراف والأطياف السياسية داخل سوريا وخارجها، إلى حوار بناء تحت سقف الوطن». وأضاف أن «ما ينتج عن هذا الحوار الوطني بعد توافق جميع الأطراف سيكون خريطة البلاد وخطها المستقبلي في إقامة سوريا أكثر تعددية وديمقراطية».

وعدد المعلم ما تعتبرها الحكومة السورية «خطوات إصلاحية جادة وهامة توجت بدستور جديد أقر التعددية السياسية وتم اعتماده باستفتاء شعبي عام». وأضاف: «الآن أقول لكم إن سوريا مستمرة في العمل مع الأطراف الوطنية في المعارضة لبناء سوريا جديدة وتعددية تستجيب لتطلعات شعبها وهي عازمة في الوقت نفسه على القيام بواجبها وتحمل مسؤولياتها في حماية شعبها من الإرهاب التكفيري الجهادي»، أي مواصلة الخيار العسكري. وكان من اللافت توجيه المعلم دعوة للنازحين واللاجئين السوريين العودة إلى منازلهم، قائلا إن الدول ستحميهم، بينما كان قصف النظام السوري مستمرا على مناطق عدة في سوريا. ولم يوضح المعلم كيف سيقدم النظام حماية لهم أو وسائل لإعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات المهدمة في البلاد لإيوائهم. وقال المعلم إن «الأحداث أدت إلى تزايد الاحتياجات الإنسانية في الكثير من القطاعات الأساسية في بعض المناطق المتضررة من المجموعات التكفيرية ما أدى إلى مفاقمة الأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين»، من دون تحمل أي مسؤولية عن القتل في البلاد. وكان من اللافت اتهام المعلم دول بـ«افتعال» أزمة لاجئين، قائلا: «يسعى البعض لافتعال أزمات لاجئين في بلدان الجوار عبر تحريض الجماعات المسلحة لترهيب السوريين يتم وضعهم إما في معسكرات تدريب على السلاح أو ما يشبه في أماكن اعتقال، وسط مناطق قاحلة أو وعرة واستغلال محنتهم للوصول إلى المساعدات التي يصرف جلها على غايات لا علاقة لها بالأهداف الإنسانية».

وقال المعلم: «لقد بادرت الحكومة السورية بالدعوة إلى الحوار منذ بدء المشكلات من دون أي استجابة من أطراف المعارضة»، مجددا دعوة «المعارضة الوطنية» للحوار مجددا. وأضاف المعلم أن حكومته قبلت ببيان جنيف الذي أكد على خطة البنود الستة التي تقدم بها أنان، ولكن أوضح في الخطاب نفسه رفض النظام السوري الانتقال السياسي في البلاد الذي كان جزءا من تلك البنود.

وكرر المعلم الإعلان عن ترحيب بلاده بتعيين المبعوث الخاص الأخضر الإبراهيمي، قائلا إن بلاده «أكدت على استعدادها للتعاون الكامل معه استنادا للأسس التي توافقت عليها المجموعة الدولية وفي مقدمتها خطة النقاط الست». وفيما يخص الدعوة لتنحي الرئيس السوري، قال المعلم: «سمعنا من هذا المنبر ومن منابر أخرى دعوات صدرت من البعض غير العارف لحقيقة الأمور أو المتجاهل لها أو المساهم في تأجيجها، تدعو رئيس الجمهورية العربية السورية (بشار الأسد) للتنحي وذلك في تدخل سافر في شؤون سوريا الداخلية ووحدة أبنائها وسيادة قرارها». وأضاف أن «الشعب السوري هو المخول الوحيد في اختيار مستقبله وشكل دولته التي تتسع لكل فئات وأطياف الشعب السوري.. إن الشعب السوري هو الذي يختار قيادته عبر أهم سبل الديمقراطية والتعبير وهي صندوق الاقتراع». وقال المعلم ذلك بعد يوم من إعلانه رفض بلاده إجراء انتخابات قبل عام 2014 على الرغم من المطالب الشعبية. وتابع: «لا نراهن على أي جهة أو طرف سوى الشعب السوري المصمم بكل مكوناته الرافض لكل أشكال التدخل الأجنبي والتطرف والإرهاب».

ويبدو واضحا انزعاج النظام السوري من العقوبات الأميركية والأوروبية، إذ ذكرها المعلم مرات عدة في خطابه، معتبرا أنها «تفتقد الأساسي الأخلاقي والقانوني».

ووقف عدد بسيط من المتظاهرين السوريين أمام مقر الأمم المتحدة، حاملين أعلام الثورة السورية ولافتة تطالب بطرد الممثل السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري من نيويورك. وعبر المتظاهرون عن غضبهم من استقبال الأمم المتحدة للمعلم. وقال أحد المتظاهرين، ملهم الحسني، لـ«الشرق الأوسط»: «لسنا مستائين من وجوده (المعلم) بقدر ما نحن مستاؤون من الأمم المتحدة لاستقباله، شخص يمثل نظام مجرم في سوريا، وشخص يمثل عصابة». وأضاف: «لا نملك اليوم نظاما، بل هي عبارة عن عصابة بمقدرات دولة، تقتل البشر وكل شيء في سوريا، ومجازرها بدأت تمتد حتى للدول المجاورة»، ودعا المتظاهرون إلى دعم الجيش السوري الحر.